احتفظت النسخة 59 لمنافسة كأس الجزائر بسرّين لا ثالث لهما، لأن المعادلة «الاستثنائية» الحالية وفق تركيبة المربع الذهبي تضع شباب قسنطينة في رحلة البحث عن أول لقب له في تاريخ المنافسة، وهو واحد من الحلّين المطروحين لهذه الطبعة، بينما لن يخرج الحل الثاني عن دائرة انفراد فريق «عاصمي» بالصدارة في لائحة التتويجات، وهذا بإحراز اللقب التاسع، والذي يسمح بفك عقد الشراكة الذي يربطه بالجارين المتواجدين معه في نصف النهائي، وكذا وفاق سطيف. وصنعت هذه النسخة الاستثناء بتأهل الرباعي الذي يحتل المراكز الأربعة الأولى في ترتيب بطولة الرابطة المحترفة، لكن عملية القرعة التي سحبت سهرة الأربعاء الماضي رفعت من مؤشر الإثارة أكثر، مادامت أنها وضعت الرائد مولودية الجزائر ووصيفه شباب قسنطينة وجها لوجه في قمة واعدة، بينما ستكون القمة الثانية عبارة عن «ديربي» عاصمي «خالص» يكتسي الطابع «الثأري» بين اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد. ويبحث شباب قسنطينة، من خلال المواجهة التي ستجمعه بمولودية الجزائر عن أول نهائي له، كخطوة متبقية قبل المراهنة على تجسيد حلم معانقة «السيدة المدللة»، الذي يبقى يراود آلاف «السنافر»، في معادلة تضع سفير الكرة القسنطينية ضمن مربع باقي أضلاعه «عاصمية»، وهو أمر يتكرر للمرة التاسعة في تاريخ منافسة كأس الجزائر، لكن آمال «الخضورة» معلقة على خبرة المدرب عمراني، صاحب أكبر عدد من التتويجات بلقب كأس الجزائر، لإلحاق الشباب بقائمة الفرق التي قادها إلى منصة التتويج لأول مرة في تاريخها، ويتعلق الأمر بكل من وداد تلمسان، جمعية الشلف ومولودية بجاية، في الألقاب الشخصية الخمسة التي أحرزها، وهو حلم يمر تجسيده الميداني عبر تخطي عقبة مولودية الجزائر، في قمة يطغى عليها الطابع «الثأري» في هذه المنافسة، لأن الفريقين سبق لهما وأن إلتقيا في مشوار الكأس في 7 مناسبات، بتفوق طفيف للمولودية، إلا أن التكافؤ يبقى ميزة هذه الحوارات الكروية، بدليل أن «الشناوة» تجرعوا مرارة الهزيمة في بطولة الموسم الجاري بقسنطينة، في سبتمبر 2023، قبل أن يكون سقوطهم الثاني في مارس الفارط بسطيف، بصرف النظر عن كون التفوق كان لصالح الشباب في آخر مباراة جمعت الفريقين في منافسة الكأس، في طبعة 2015، في إطار الدور 32، ولو أن المعطيات تغيرت بعد 9 سنوات، ولا يوجد أي مجال للمقارنة، لأن هذه المباراة ستكون بحسابات «مكشوفة» بين فريقين هما الأقوى حاليا في البطولة، ويمتلكان أفضل خطي هجوم. الكرة القسنطينية وحلم تكرار «سيناريو» حمراء عنابة قمة «السنافر» و»الشناوة» تضع شباب قسنطينة أمام حتمية كسر قاعدة كانت قد حصلت في 5 نسخ سابقة، وذلك بظفر فريقين «عاصميين» بتأشيرتي التأهل إلى النهائي، من مربع ذهبي يبقى أحد أضلاعه طرف من ولاية أخرى، ولو أن حلم إهداء مدينة قسنطينة أول لقب في تاريخ كأس الجزائر يستدعي استنساخ «السيناريو» الذي كتب من خلاله فريق حمراء عنابة التاريخ سنة 1972، لأنها المرة الوحيدة الذي تمكن فيها فريق من خارج «العاصمة» من التتويج بالكأس بتواجده في نصف النهائي مع 3 أندية عاصمية، بينما نجحت جمعية وهران في بلوغ النهائي من وضعية مماثلة سنة 1983، لكنها انهزمت أمام «المولودية»، والأمر ذاته حصل مع شبيبة القبائل في نسخة 1999، غير أنها فشلت في إحراز اللقب أمام «سوسطارة». سعي شباب قسنطينة لكتابة صفحة جديدة في تاريخ الكرة الجزائرية ينطلق من حلم بلوغ النهائي لأول مرة، لأن مغامرة الفريق في منافسة الكأس كانت قد توقفت عند المربع الذهبي في 4 مناسبات سابقة، وتخطي عقبة مولودية الجزائر سيجعل من «السنافر» الفريق رقم 35 الذي ينشط النهائي في تاريخ المنافسة، مع التمسك بأمل الالتحاق بلائحة الأبطال، التي تضم 17 ناديا، 6 منها «عاصمية» كانت قد أحرزت فيما بينها 28 لقبا، من بين الأضلاع الثلاثة الأخرى للمربع الختامي لهذه الطبعة، والتي تتقاسم صدارة اللائحة بمجموع 8 ألقاب لكل فريق، ولو أن «الشناوة» الذي يبلغون نصف النهائي للمرة 17 في تاريخهم نشطوا 9 نهائيات سابقة، وكان اللقب من نصيبهم في 8 منها، والرهان يبقى على إحراز «الثنائية» بالجمع بين لقبي البطولة والكأس. «ديربي» عاصمي بشعار الانفراد بالصدارة على صعيد آخر، فإن القمة الثانية لنصف نهائي النسخة الحالية، ستكون بصورة «آلية» عبارة عن «ديربي» عاصمي، لكن بنكهة «مميزة»، مادام منشطاه هما من الزبائن التقليديين للمنافسة، لأن الأمر يتعلق بفريقين هما الأكثر تنشيطا للنهائيات، على اعتبار أن اتحاد الجزائر يبلغ المربع الذهبي للمرة 21 في تاريخه، والشباب يسجل تواجده في هذا الدور المتقدم في 15 مناسبة، مع بقاء حلم انتزاع اللقب التاسع بمثابة القاسم المشترك، لأن صاحبه سيتربع بمفرده على صدارة لائحة الأبطال، رغم أن طابع «الديربي» يبقي باب الاحتمالات مفتوحا على مصراعيه، إلا أن المعطيات التاريخية تمنح بلوزداد أفضلية، بحكم أنه كان قد كسب الرهان في 6 مناسبات سابقة، نصفها كان وزنها تتويج باللقب، لأن الفريقين التقيا 5 مرات في الدور النهائي، لكنها المرة الأولى التي سيكون فيها الحوار بينهما في المربع الذهبي، مع بحث «سوسطارة» عن النهائي رقم 18 في التاريخ، رغم أن الاتحاد غاب عن الأدوار المتقدمة منذ تتويجه باللقب سنة 2013، حيث لم يتخط عقبة ثمن النهائي على مدار العشرية الأخيرة، وإقصاؤه الموسم المنصرم في الدور 32 على يد أمل مغنية يبقى أبرز دليل. من الجهة المقابلة، يسعى أبناء «العقيبة» لتمرير الإسفنجة على «نكسة» الموسم الماضي، لما خسروا النهائي أمام جمعية الشلف، لأن التتويج بالكأس كفيل بإنقاذ الموسم بالنسبة لفريق كان قد أحكم قبضته على لقب البطولة في آخر 4 مواسم، إلا أن تضاءل حظوظ الاحتفاظ بالتاج يوجه الاهتمام أكثر نحو منافسة الكأس.