دعا مثقفون، إعلاميون، وباحثون أكاديميون أول أمس، إلى تعزيز الإعلام الثقافي في كافة وسائل الإعلام الوطنية وتطوير التكوين في الإعلام الثقافي و إيلائه اهتماما أكبر بعد حالة التراجع الناجمة عن طغيان النزعة التجارية على الإعلامية في مختلف وسائل الإعلام وخاصة في الصحف اليومية. وفي كلمته الافتتاحية لندوة حول "الميديا والثقافة: أي مقاربات وأي استراتيجيات"، نظمها قطاعه بقاعة المحاضرات للوزارة، سجل وزير الاتصال السيد محمد لعقاب، أن وسائل الإعلام في بلادنا منغمسة كليا في الإعلام السياسي والرياضي، بينما هناك مجالات أخرى غائبة ومنها الإعلام الثقافي والاقتصادي. وقال الوزير أن هناك غياب شبه كلي للقضايا الثقافية والإعلام الثقافي في الجزائر، متسائلا عن سبب هذا الغياب والسبل الكفيلة أو الممكنة لإعادة الإعلام الثقافي إلى الواجهة، مشددا على ضرورة تطوير الإعلام المتخصص، لأن الإعلام العام حسبه له جمهوره، لكن الإعلام المتخصص - يضيف - هو الذي يمنح العمق ويشكل المادة التي يمكن الاحتفاظ بها وأرشفتها والاعتماد عليها مستقبلا. وأكد وزير الاتصال على ضرورة تعزيز الإعلام الثقافي عبر كل الوسائط، لأهميته الكبيرة في إثراء الساحة الثقافية الجزائرية، وكشف بأن الوزارة بصدد التفكير في تنظيم دورات تكوينية لفائدة الصحفيين المهتمين بالشأن الثقافي، مذكرا في سياق كلامه بأن قطاعه نظم مؤخرا عدة دورات تكوينية لفائدة صحفيين في مجالات مختلفة لا سيما الناشطين في الإعلام الرياضي. وقال إن هذه الدورة التكوينية ستخصص لصحفيي الأقسام الثقافية وسيشرف على تأطيرها مهنيون وناشطون في المجال الثقافي ستتناول مختلف المحاور المرتبطة بهذا الاختصاص الإعلامي مبرزا أهمية الإعلام الثقافي وإمكانيات تطويره على ضوء ثراء الساحة الثقافية الوطنية. وقد شهدت هذه الندوة التي استقطبت حضورا كبيرا وحاشدا من المثقفين والإعلاميين، مشاركة الكاتب والروائي أمين الزاوي والصحفي والمترجم والكاتب المسرحي أحميدة العياشي والصحفي والكاتب المتخصص في علم الاجتماع محمد بلحي، إلى جانب ، وشخصيات في مجال الثقافة والإعلام. وفي هذا الإطار تطرق الدكتور أمين الزاوي إلى تجربته في مجال الإعلام، مبرزا بأن الإعلام السمعي البصري، قد ساهم في الماضي عبر برامج متخصصة كبرنامج "جواهر" الذي بث في الإذاعة الجزائرية و"أقواس" الذي بث في التلفزيون الجزائري في صناعة رموز ثقافية، إلى جانب الترويج للتنوع الثقافي المحلي. من جانبه اعتبر أحميدة العياشي أن الإعلام الثقافي سوّق في الماضي لصورة إيجابية عن الجزائر في العالم كما روج لثقافاتها المحلية، مذكرا في هذا الصدد بالمهرجان الثقافي الإفريقي لعام 1969. أما الكاتب محمد بلحي فشدد في تدخله على ضرورة أن يلعب الإعلام الثقافي دورا كبيرا في صناعة صورة إيجابية عن الجزائر كما كان عليه في الماضي، ضاربا المثل بالسينما الجزائرية التي سوقت لصورة إيجابية عن الجزائر من خلال عدة أفلام كفيلم محمد الأخضر حمينة "وقائع سنين الجمر" الذي حاز على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينما في 1975. وعرفت الندوة أيضا نقاشات ومداخلات لمثقفين وأدباء وصحفيين دعوا من خلالها إلى ضرورة الاستثمار في الصناعات الثقافية واستحداث برامج ثقافية متخصصة ووضع استراتيجيات وتحديد مقاربات للنهوض بالإعلام الثقافي، مبرزين أهمية مواصلة مثل هذا اللقاء الهام. كما أبرزوا الأهمية الملحة للعودة لإصدار مجلات والدوريات المتخصصة سيما التي تهتم بالشأن الثقافي التي كانت تزدان بها في عشريات سابقة وبانتظام رفوف المكتبات والأكشاك.