مراقبون يقابلون التلاميذ بخراطيم و دلاء الماء لإرغامهم على إزالة "جيل الشعر"و الماكياج تفاجأ التلاميذ خاصة بالطور الثانوي بصرامة تطبيق القوانين الداخلية للمؤسسات التربوية منذ اليوم الأول من الدخول المدرسي، لاسيّما فيما يتعلّق باحترام الزي و المظهر، حيث لجأ بعض المراقبين إلى الاستعانة بدلو كبير أو خرطوم الماء لإجبار التلاميذ الذكور على إزالة مثبت الشعر "جيل" قبل الدخول إلى الأقسام فيما أجبرت الفتيات على مسح الماكياج و ربط شعورهن إلى الخلف مع غلق المآزر إلى أخر زر ناهيك عن تذكيرهم بقائمة طويلة و عريضة عن نوعية الملابس التي يحضر ارتداؤها كالفيزو، الميني، البانتاكور...و غيرها من الأزياء غير المحتشمة حسب وصف عدد من المختصين التربويين الذين أكدوا أنه حان الوقت لوضع حد للسلوكات المسيئة للمنظومة التربوية. و عكس السنوات الماضية عرف الموسم الدراسي الجديد بقسنطينة دخولا صارما على وقع حرص الإدارات بمختلف المؤسسات على تطبيق القوانين الداخلية الخاصة بتحديد هندام وهيئة التلميذ، حيث طرد الكثير من التلاميذ في أول يوم لهم لأنهم لم يحضروا المآزر، في حين تم توجيه عدد كبير من طلاب العلم نحو المراحيض لإزالة الجيل و الوشم المؤقت بالنسبة للذكور و الماكياج بالنسبة للإناث، فضلا عن إلزام التلاميذ الذكور بنزع السلاسل و الأساور البلاستيكية و الأقراط...و غيرها من الإكسسوارات التي لا تمت بصلة للوسط المدرسي. و كان الكثير من المختصين التربويين و الأساتذة قد حذروا مرارا من تراجع الأخلاق في أوساط التلاميذ في غياب الرقابة و التهاون في تطبيق النظام الداخلي، بعد كل ما لحظوه من تسيّب متزايد داخل المؤسسات التربوية و عدم التزام التلاميذ بأدنى شروط و ضوابط التعليم في مؤسسة تعليمية. و قد انقسم أولياء التلاميذ بين مستاء و مستحسن لعودة تطبيق قوانين النظام الداخلي، فمنهم من وجد في قرار منع التلاميذ من ارتداء ملابس لا تليق بالحرم العلمي قرارا يبعث على التفاؤل باستعادة المنظومة التربوية سيطرتها و سمعتها في غرس القيم و الأخلاق قبل التعليم، فيما انتقده البعض الآخر و وصفوه بالتعدي على الحريات الشخصية في اختيار الملبس. و بعد القرار الوزاري بتوحيد لون المآزر، جاء دور الأزياء غير المحتشمة لما أثارته من استفزاز و استياء المعلمين الذين نددوا كثيرا بخطر تزايد المظاهر غير الأخلاقية في أوساط المراهقين و التي تظهر من خلال ملابسهم غير اللائقة بمقام طلاب العلم، حيث باتت ملابس الفتيات أشبه بملابس عارضات الأزياء أو المقبلات على حضور عرس أو حفل لكثرة البهرجة و الماكياج و التسريحات الغريبة و الأحذية بالكعب العالي و حقائب اليد، العاكسة لإعجابهم و تقليدهم لنجومهم المفضلين من ممثلين و مغنيين...ناهيك عن الملابس الضيقة و القصيرة التي رفضها الكثير من الأساتذة، و اعتبروها مقللة لاحترامهم كمربيين، كما قالت ع/بهلولي أستاذة اللغة الانجليزية التي أرجعت ذلك لتخلي الكثير من الأولياء عن دورهم و مسؤوليتهم في تعليم الأخلاق لأبنائهم من جهة و تهاون الأسرة التربوية بالعديد من المؤسسات في تطبيق القوانين التي تعني بالدرجة الأولى تعليم التلاميذ معنى الاحترام و التقيّد به، مضيفة بأن عدم تقييد التلاميذ بالضوابط التربوية و الأخلاقية، ساهم بشكل جلي فيما آلت إليه المدرسة الجزائرية من انتشار للعنف و تدني الأخلاق و ما التجاوزات الخطيرة المتزايدة بالمؤسسات إلا دليل على حالة التسيّب التي يعرفها هذا القطاع. و أشار عدد من الأساتذة الذين تحدثنا إليهم إلى ظاهرة تشجيع بعض الأولياء لأبنائهم من خلال رفض و انتقاد الملاحظات التي يقدمها لهم أحيانا المراقبون أو المعلمون، حيث لم يسلم البعض من سب و تهديد بعض الآباء لأنهم قدموا ملاحظات أو رفضوا دخول تلاميذ بمظهر لا يليق بطالب العلم على حد وصفهم. كما تتردد باستمرار حسبهم عبارة "ابنتي أو ابني حر في ارتداء ما يريد و أنا وحدي المسؤول على قبول أو رفض نوع الهندام الذي يختاره" و تحدثوا أيضا عن لجوء بعض الأولياء إلى تغيير أبنائهم و بناتهم من المؤسسات التي يدرسون بها بحجة صرامة القوانين مثلما حدث في بداية هذه السنة كما قالوا. و في اتصال بالأستاذ رشيد الهامل مفتش بيداغوجي بمديرية التربية بقسنطينة، أكد هذا الأخير بأن التهاون في تطبيق القانون الداخلي بحذافيره، أساء لسمعة الكثير من المؤسسات التربوية، و مع استفحال الظاهرة من سنة إلى أخرى كان لابد من العودة إلى تطبيق النصوص التشريعية لوضع حد للامبالاة على مختلف المستويات ليس فقط الهندام الذي أقل ما يقال عنه أنه لا يمت بصلة بالزي المدرسي الذي كان دائما مثار إعجاب و احترام. مشيرا إلى احتلال الثانويات التي تلتزم بتطبيق القانون الداخلي بصرامة للمراتب الأولى في امتحانات البكالوريا ، ونفس الشيء على مستوى المتوسطات ، وهذا ما يجب أن تكون عليه جميع المؤسسات التربوية .