متقاعدون بالبليدة قتلهم الفراغ و آخرون مستعدون للعودة إلى العمل تشتكي فئة المتقاعدين بولاية البليدة من انعدام فضاءات الراحة والترفيه بالولاية ، بحيث لا تجد هذه الفئة التي قضت جزءا كبيرا من عمرها في العمل فضاء للتنفس وقضاء أوقات الفراغ ، وفي هذا الإطار يتحدث رئيس المكتب الولائي لفيدرالية المتقاعدين لولاية البليدة محمد صحراوي عن إحصاء 87 ألف متقاعد بولاية البليدة منهم 30 ألف منخرط في فيدرالية المتقاعدين . وأشار المتحدث ذاته أن الزيادات الأخيرة في معاشات هذه الفئة كانت معتبرة وخففت الكثير عن هذه الفئة في حين يبقى عدد كبير منهم معاشاتهم ضعيفة ولا تلبي حاجياتهم خاصة مع ارتفاع أسعار مختلف المواد الاستهلاكية وكشف عن إحصاء أكثر من 700 متقاعد تتراوح معاشاتهم مابين 04 آلاف و10 آلاف دينار . وفي السياق ذاته يتحدث عضو مكتب فيدرالية المتقاعدين المكلف بالإعلام بن عمار مولاي ويقول بأن هذه الفئة مهمشة من الناحية الاجتماعية فإلى جانب ضعف المعاشات الذي يشتكي منه الآلاف من هذه الفئة يطرح إشكال أكبر وأهم من ذلك وهو عدم وجود فضاءات خاصة بهذه الفئة يلتقون فيها ويتبادلون أطراف الحديث بعيدا عن المنازل ، ويشير المتحدث ذاته إلى أنه قد تم مراسلة السلطات المحلية في هذا الأمر وذلك بتهيئة مساحات خضراء وفتح الحدائق العمومية المهملة بمدينة البليدة ومختلف بلديات الولاية بعد تهيئتها لفائدة المتقاعدين ، في حين لم تجد هذه المطالب آذانا صاغية وما تلقوه سوى وعودا فقط . وأمام ذلك لم يجد المتقاعدون سوى المقاهي ، أو بعض زوايا الأحياء لتبادل أطراف الحديث بعيدا عن المنازل التي تسبب حسب بعض المتقاعدين القلق لهم في الكثير من الحالات خاصة إذا بقي فيها الشخص لفترة طويلة في اليوم الواحد ، وفي السياق ذاتها تنعدم بأغلب شوارع مدينة البليدة وبلدياتها كراسي للجلوس قد يلجأ إليها كبار السن والمتقاعدون في حالة التعب أو لتبادل أطراف الحديث وفي الوقت ذاته تشتكي هذه الفئة من انعدام المراحيض العمومية بالمدن أين تزيد حاجة كبار السن والمتقاعدون إليها خاصة منهم أصحاب الأمراض المزمنة . و يذكر في هذا الإطار السيد محمد كوحيل عضو فيدرالية المتقاعدين أن مدينة البليدة بكل شوارعها لا تتوفر على مراحيض عمومية ، بحيث يضطر المتقاعدون إلى التوجه إلى المقاهي ، في حين أن هذه الأخيرة دورات المياه بها تفتقر للنظافة هذا إن لم تكن مغلقة ،ويشدد المتحدث ذاتها على ضرورة إنجاز مراحيض عمومية لائقة بمختلف الشوارع الكبرى للمدن . ويشير في هذا الإطار إلى أن فئة المتقاعدين تلقت وعودا بإنجاز دار للمتقاعدين بوهران والعاصمة ، و قسنطينة في حين استبعد المتحدث ذاته تحقيق هذه المشاريع كون أن دورات المياه التي يطالبون بها بالشوارع الرئيسة لم تتحقق وكيف يصل الحال لإنجاز مثل هذه الدار ، وحتى النوادي الخاصة بهذه الفئة والتي تعرفها الدول الغربية لا أثر لها في بلادنا ، ويضيف عمي محمد قائلا أن عدم الاهتمام بهذه الفئة يعني عدم الاعتراف بكل المجهودات التي قدمتها في سبيل هذا الوطن لا سيما وأن الكثير منهم كانوا في مناصب قيادية ، لكن بمجرد أن يحال الموظف على التقاعد يصبح في خبر كان داعيا إلى ضرورة إعادة الاعتبار لهذه الفئة من كل النواحي الاجتماعية . وفي السياق ذاته يتحدث رئيس الفيدرالية عن المعاناة التي تواجهها هذه الفئة في الإدارات العمومية بحيث لا تلقى أي احترام أو اهتمام مشيرا إلى مقابلتهم مؤخرا مديرة النشاط الاجتماعي بالولاية في أمر يخص مساعدات لفئة المتقاعدين يقول أن المديرة لم تدعوه حتى للجلوس وبقي واقفا أما مكتبها رغم أن سنه يشارف على الثمانين ، والأمر ذاته تعانيه أغلب هذه الفئة بمختلف الإدارات العمومية ، إلى جانب غياب التسهيلات فيما يتعلق بالعلاج بالحمامات المعدنية والمراكز الطبية ويعامل المتقاعد كأي شخص آخر . لكن من جهة أخرى أشاد بالمجهودات التي قامت بها وكالة الضمان الاجتماعي للعمال الأجراء بولاية البليدة التي أبرمت اتفاقية مع فيدرالية المتقاعدين بالولاية وعدد من الأطباء الخواص يمكن بموجبها كل متقاعد منخرط في الفيدرالية أن يستفيد من الفحص المجاني ، وقال أن هذه التجربة لقيت تجاوبا من طرف عدد من الأطباء الخواص متقاعدون يعانون أزمة السكن من أهم المشاكل التي تطرحها فيدرالية المتقاعدين بولاية البليدة أزمة السكن التي لا تزال تلاحق عدد منهم رغم تقدمه في السن و السنوات الطويلة التي قضوها في الخدمة والتي لم تشفع لهم في الحصول على سكن لائق ، ويذكر في هذا الإطار رئيس الفيدرالية أن المتقاعد اليوم لا يملك القوة والجهد الذي يسمح له بالوقوف في طوابير لمقابلة رئيس الدائرة أو البلدية للبحث عن سكن ، ولهذا يجب إعطاء الأولية لهم، مشيرا في هذا الإطار إلى حالة أحد المتقاعدين الذي لا يزال يقيم مع أبنائه في شقة ذات غرفتين بالطابق التاسع بحي بن بوالعيد بمدينة البليدة، متحدثا عن حالة متقاعد آخر يقيم مع أبنائه المتزوجين في مسكن واحد ، في حين أن في مثل هذا السن المتقاعد يحتاج إلى فضاءات الراحة وليس لكي يقاوم من جديد ليبحث عن سكن أو عن دخل آخر ليوفر قوت أبنائهم خاصة بالنسبة للذين معاشاتهم ضعيفة . و نشير في هذا الإطار إلى توجه عشرات المتقاعدين بولاية البليدة للأعمال الحرة مباشرة بعد الخروج للتقاعد و البعض يبرر ذلك بضعف المعاش الذي لا يسدد كل حاجيات عائلته وبالتالي لابد من دخل إضافي لسد ذلك ، في حين يبرر آخرون توجههم للشغل من جديد بعد التقاعد بسد الفراغ خاصة مع انعدام فضاءات للراحة والترفيه. الأستاذ في علم النفس بن يوسف الصديق : المتقاعد يعيش أزمة نفسية بسب الفراغ يذكر في هذا الإطار الأستاذ في علم النفس بجامعة سعد دحلب بالبليدة بن يوسف الصديق أن المتقاعد يعيش أزمة نفسية مستمرة بسبب هذا الفراغ القادم الذي يعيشه وخاصة إذا عجز في ملأ هذا الفراغ بكيفية ما ، بحيث أن المتقاعد حسب نفس المتحدث يحن إلى الوظيفة السابقة التي عاش بينها لسنوات طويلة فإذا به يترك هذا الحبيب أي الوظيفة الذي عايشه لفترة زمنية طويلة وخروجه للتقاعد تعني بالنسبة له كأنه انسلخ عن هذا الحبيب بصفة نهائية ، فيشعر بنفسه أصبح على هامش المجتمع وأصبح مركونا في زاوية لا فائدة منها يتطلع إلى سحب معاشه الذي قد يتأخر قليلا أو كثيرا زيادة إلى ذلك فإنه يشعر داخل أسرته على أنه لم يعد ذلك الرجل الذي يخرج صباحا سعيا وراء الرزق ويعود في المساء متعبا وتفرش له أرضية من ورود في البيت بحكم أنه صاحب المورد المادي وقد يكون الوحيد الذي يدر رزقا على هذه العائلة ، ويضيف نفس الأستاذ أن هذه الأفضلية التي كان يتمتع بها لم تبق موجودة وما كان يحظى به من احترام و تمجيد لم يبق كما كان عليه سابقا ، وأصبح في الأخير فردا كسائر أفراد العائلة مما يزيده هذا الشعور فراغا نفسيا سحيقا يشعره بالوحدة. متقاعد يستعد لتعويض صندوق التقاعد ب 80 مليون والعودة إلى التعليم ما ذكره الأستاذ المتخصص في علم النفس بن يوسف الصديق من تحليل لنفسية وشعور المتقاعد ذكرني بأحد المعلمين المتقاعدين يبلغ من العمر 53 سنة الذي أحيل على التقاعد السنة الماضية بمدرسة بوخنتاش ببوفاريك بعد قضائه 32 سنة خدمة ، لكن المعني لم يتقبل الفراغ الذي يعيشه بعد خروجه من العمل، وراسل وزارة التربية بهدف إعادة إدماجه في منصبه ،وقال بأنه يستعد لتعويض المعاشات التي تحصل عليها من صندوق التقاعد ولو وصل المبلغ إلى 80 مليون سنتيم مقابل العودة إلى المدرسة التي يحن إليها ويحن إلى التلاميذ الذين قضى معهم 32 سنة رغم أن هذه الفترة كلها لم تكن سعيدة كلها تركت له متاعب صحية ،كما يرفض هذا المعلم شغل أي وظيفة أخرى ماعدا التعليم في الابتدائي وناشد المسؤولين على وزارة التربية بإعادة إدماجه في منصبه وهو ما يؤكد ما قاله الأستاذ سابقا وهو حنين المتقاعد للحبيب الذي عايشه لسنوات طويلة والمقصود بهذا الحبيب هو الوظيفة .