استعمال الفرنسية في المؤتمر الدولي للعمارة بقسنطينة يغضب المشاركين العرب اختتمت أمس فعاليات الملتقى الدولي الرابع للعمارة والفنون الإسلامية الذي احتضنته جامعة قسنطينة 3، وسط استياء بعض المشاركين العرب خاصة المصريين الذين انتقدوا استعمال اللغة الفرنسية في هذه التظاهرة دون ترجمة فورية للمداخلات و المناقشات كما هو معمول به في الملتقيات الدولية . الجلسة الخامسة من فعاليات الملتقى الذي نظمته جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالتنسيق مع رابطة الجامعات الإسلامية بحضور أساتذة من 17 دولة إسلامية ،حادت عن موضوعها الرئيسي فاحتدم النقاش بين الحضور حول اللغة المستعملة في إلقاء المحاضرات، حيث استنكرت الوفود العربية المشاركة خاصة المصريين استعمال اللغة الفرنسية في مداخلات علمية هامة دون ترجمة فورية، مما أدى بالعديد من الأستاذة الذين لا يفهمون اللغة الفرنسية إلى مغادرة القاعة. في حين أوضح منظمو الملتقى بأنهم تعمدوا إدراج محاضرات بلغات أجنبية و ذلك من أجل إبراز الكتابات والدراسات الأجنبية حول العمارة الإسلامية و تسليط الضوء على الرؤى المختلفة خاصة ما تعلق منها بالدراسات الهندسية المتخصصة التي تتطلب استعمال كلمات تقنية بلغات أجنبية ومناقشتها. المحاضرون دعوا من جهة أخرى إلى تفعيل دور العمارة الجزائرية التي تستمد قوتها من هوية الأمة الإسلامية والعربية في الحياة الواقعية، وذلك عبر فتح قنوات التواصل مع المختصين وتبني رؤية إستراتيجية عميقة وبعيدة المدى، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة إيجاد الأطر المناسبة لبناء عمارة تستمد جوهرها من ثقافة الأمة الجزائرية دون تقليد للآخر.و بما أن العمارة الأمازيغية أحد أهم روافد العمارة الإسلامية وفنونها، فقد شددوا على إعادة بعثها من جديد عبر التأصيل للعمارة الجزائرية من خلال العمل الجاد الذي يشارك فيه مهندسون وباحثون في العمارة الإسلامية، كما هو الحال بالنسبة للدراسات التي قام بها أساتذة حول العمارة التاريخية المميزة لمدينة غرداية. النقاش فتح أيضا حول قضية تأثير الفكر الإسلامي على العمارة، و الذي أسهم بدوره في تكوين الحضارة الأوروبية عمرانيا، فتمحورت المداخلات التي ألقاها الأساتذة حول دور العمارة الإسلامية في تفعيل مظاهر القوة الحضارية على غرار ما قامت به العمارة الإسلامية في البلقان في تطوير العمارة الأوروبية الحديثة . الأساتذة المشاركون في الملتقى، حاولوا الرجوع إلى مرحلة ازدهار العمارة الإسلامية، من خلال شرح الدراسات العلمية المتخصصة التي أجريت حولها، فتحدثوا عن نقاط قوتها وتميزها عن العمارة الغربية، مؤكدين في سياق حديثهم على الدور الروحي الذي لعبته الديانة الإسلامية في صقل الموهبة الفنية التي تميز المسلمين، فانعكست الرؤية الجمالية الروحية على أرض الواقع متجسدة في شكل إبداعات عمرانية وفنية، كما هو الحال في بناء دور العبادة كالمساجد والزوايا. المحاضرون شددوا على ضرورة تواصل الأجيال مع الإرث التاريخي للعمارة الإسلامية و ضرورة معرفة علاقاتها الإيمانية بالأبعاد العالمية، باعتبارها أحد روافد الإرث الإنساني، كما أن العمارة الفنية لدى المسلمين مثلت عامل تلاقح مع الشعوب الأخرى أين صنعت علاقات مميزة بالمناطق المجاورة، كارتباطها بالفضاء المتوسطي والإفريقي. كما تم طرح العديد من الإشكاليات التي تدور حول بعث الفكر الإسلامي من خلال العمارة ،على غرار ما فعله الأوروبيون لبعث فلسفاتهم الغربية عبر المنشآت و البنايات، كتطبيق نظرية التفكيك لجاك ديريدا و تجسيدها في تصاميم عمرانية وهندسية، وقد ناقش المتدخلون الأفكار التي كونت الفن العمراني في البلدان الإسلامية، فصبت معظم المداخلات حول التكوين الفني الإسلامي الذي ساهم في إنشاء العمارة الإسلامية المتميزة عن باقي البنايات العالمية الأخرى. الملتقى حاول ملامسة الذاكرة الإسلامية، حسب مسعود عايش أستاذ في الهندسة المعمارية بجامعة قسنطينة 3، إذ سلط الضوء على ما قدمه المسلمين في حقب تاريخية مهمة، وذلك بغية بعث روح الأمل بغية تجسيد العمارة الإسلامية ،بمقاييس فنية وهندسية عالية. هذه الأخيرة التي لم يعد لها مكان ضمن مخططات الدول العمرانية حاليا، وأضاف محدثنا أن العمارة الإسلامية تعاني من إشكالية العولمة التي أصبحت تهدد تواجدها، بحكم طغيان العمارة الغربية في العديد من البلدان الإسلامية، لكن ذلك لا يعني خضوع جميع الثقافات لنمط واحد، فهناك مشكل هوية أصبح يطرح.وفي ختام الملتقى تم تقديم مجموعة من التوصيات في مقدمتها توجيه طلبة الماستر إلى تخصصات في العمارة والفنون الإسلامية، لأنها جزء من الحضارة الجزائرية، و القيام ببحوث ماجستير ودكتوراه حول العمارة الإسلامية وتطورها التاريخي ، و احترام الضوابط الشرعية والأخلاقية في العمران بالبلدان العربية والإسلامية.