الجزارة مهنة موسمية مربحة تنتعش في العيد عمال بناء، حدادون وموظفون كثيرون، باتوا يشحذون سكاكينهم أياما قبيل عيد الأضحى، ليس استعدادا لنحر أضاحيهم فحسب، بل تمهيدا لامتهان الجزارة ، فعدد منهم يتحولون سنويا إلى جزارين ، خصوصا في ظل تزايد الطلب عليهم أولى أيام العيد، حيث يصبح الجزار نجما ،تتطلب الاستفادة من خدماته موعدا مسبقا. العديد من المواطنين ممن يعجزون عن نحر أضاحيهم بأنفسهم، لأسباب مختلفة، إما لمعاناتهم من أمراض في الظهر تمنعهم من الانحناء، أو لجهلهم بالطريقة الصحيحة للذبح، و حتى ضعاف القلوب ، يلجأون عادة إلى الاستعانة بجزار قريب، غير أن كثرة الطلب عليه صبيحة العيد ،تدفعهم لطلب مساعدة الجيران أو انتظار وصول أحد الأقارب، ما يتطلب الصبر و الكثير من الانتظار و إهدار الوقت. هذا الوضع شجع البعض على التحول إلى قصابين، و عرض خدماتهم على مثل هذه الفئات من المواطنين أياما قبل العيد، خصوصا و أن عدد الجزارين المحترفين أقل من الكم الهائل من الأضاحي ، حيث يتم الاتفاق على مبلغ معين يتراوح بين 3000 إلى 4000دج و أحيانا أكثر،حسب حجم الأضحية، مقابل التزامهم بالتنقل صبيحة العيد إلى منازل زبائنهم و تولي مهمة النحر. الملاحظ أن أصحاب مهن كثيرة ،باتوا يفضلون التخلي عن عادة قضاء صبيحة العيد بين أسرهم، من أجل الاسترزاق من مهنة الجزارة ،حتى و إن لم تكن حرفتهم الأصلية، كما أن بعضهم يتعمد تكوين فريق كامل من أبنائه الذكور، ليساعدوه في إنهاء عملية نحر و سلخ أضحيته ،في وقت قياسي، لينتقل بعدها مباشرة إلى زبائنه. و إن كان البعض قد صنعوا لأنفسهم أسماء لامعة و شهرة في عيد الأضحى ،ينافسون بها الجزارين المحترفين في مختلف الأحياء، فإن البعض الآخر يتعمد التحايل و تعلم الذبح في كباش زبائنهم،خصوصا الشباب الذين يجدون في عيد الأضحى فرصة للاسترزاق و كسب المال. هذه الحرفة الموسمية تزدهر،لأن بعض أرباب الأسر يبدون استعدادهم لدفع أي مبلغ مقابل نحر أضاحيهم بالبيت ،مباشرة بعد صلاة العيد و تجنب الانتظار أمام محلات الجزارين لساعات طويلة إلى ما بعد الظهر أحيانا . عز الدين جزار موسمي من بلدية عين سمارة بقسنطينة، وهو عامل بناء بإحدى ورشات السكن ، يصطحب ابنه البالغ من العمر 17 عاما ،كل عيد أضحى ،ليساعده في عمله ويحمل عدة الجزار بدلا عنه ،قال لنا بأنه يتفق مع زبائنه قبل أسبوع من العيد و يتقاضى 4000دج عن كل أضحية،مشيرا إلى أنه يضطر للنهوض باكرا لنحر أضحيته أولا، كي يباشر جولته بين أحياء البلدية لينحر ما تيسر من خرفان، فهو كما قال يفضل العمل و الاسترزاق بدلا من البقاء في المنزل ، لأن ما يجنيه خلال يوم العيد، يساعده على تلبية الكثير من احتياجات أسرته، فأجرته تتعدى 50 ألف دج أحيانا، خصوصا إذا ما طلب منه أصحاب الأضاحي التكفل بتقسيمها إلى قطع.