الجزائر - الحاجة عايدة نموذج عن اللواتي رفضن واقعهن كأميات فقررت الالتحاق بمسجد عمر بن عبد العزيز بالحروش ولاية سكيكدة بمعية أخريات لمحو سنين الجهل وقد شجعهن على ذلك فتح أقسام محو الأمية مند أزيد من ثمان سنوات. حال الحاجة عايدة اليوم ليس كالأمس فرغم بلوغها عقدها السابع إلا أنها أصرت على رفع التحدي بإرادة فولاذية مكنتها من تعلم أشياء كثيرة كانت تجهلها كما صار باستطاعتها قراءة الكتاب الكريم وهو هدفها الأساسي الذي دفعها وحمسها للمواظبة على الذهاب للمسجد للتحرر مما عاشته من ظلام وجهل. وأعربت الحاجة عايدة في حديث لواج بمناسبة اليوم العربي لمحو الأمية عن تأسفها لاستهتار البعض ممن حولها من إرادتها في التعلم كونها في خريف العمر قائلة "تلقيت الكثير من الانتقادات بيد أنني لم أفقد الأمل بتشجيع من المقربين". و يذكر ان العالم العربي يحتفل في الثامن جانفي من كل سنة باليوم العربي لمحو الامية و هو اليوم الذي اقرته جامعة الدول العربية بمناسبة انشاء جهازها الاقليمي لمحو الامية سنة 1966. وأردفت المتحدثة "واصلت ودعوت معي العديد من النساء وأصبحت اليوم وبعد سبع سنوات من التحاقي بأقسام محو الأمية أجيد فك الخط ومذاكرة القرآن الكريم وقراءة اللافتات بمفردي". الحاجة عايدة واحدة من أصل 110 نساء من أعمار وفئات اجتماعية مختلفة يزاولن تعليمهن بدروس محو الأمية وحفظ القرآن بالحروش تشرف عليهن مرشدات تحرصن على مساعدتهن لتعلم الكتابة والقراءة والانتهال من مختلف العلوم بما فيها العقيدة. وقد لقيت الحاجة عايدة الدعم من كل أفراد عائلتها حتى حفيدتها "نجلاء" التي أتمت ربيعها الثاني عشر تذاكر معها دروسها في جو تداخلت فيه الأجيال وامتد فيه جسر التواصل لبلوغ هدف واحد هو تحصيل العلم والمعرفة. وتبعث عايدة اليوم برسالة لكل من لم يسعفه الحظ بالتعلم بأن يتوجه إلى منابر العلم التي من شأنها فتح آفاق واسعة لفئة تحاول تحدي الجهل وخوض غمار المعرفة والتطلع للمثل الشائع "العلم نور والجهل ظلام" سعيا وراء خفض نسبة الأمية بالجزائر والتي تعرف تراجعا ملحوظا إذ يرتقب أن تصل إلى 18 بالمائة نهاية جوان المقبل حسب تقديرات الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار. وتعتبر أقسام محو الأمية بولاية سكيكدة والتي تشهد إقبالا "مشجعا" من طرف من لم يحظوا بفرصة التعلم في سن مبكرة عينة نموذجية لهذا الواقع الذي يجسد معنى التحدي الحقيقي لبلوغ أهداف نبيلة. ويبقى أن يرفع تحدي آخر غير الأمية الأبجدية و هو الأمية التقنية أو التكنولوجية المتمثلة في ضعف القدرة على التعامل مع تقنيات التكنولوجيات الحديثة والتكيف معها سيما ما يتعلق بتقنيات الإعلام الآلي والمعلوماتية والاتصالات التي أضحت اليوم من سمات العالم الرقمي والذي تحتاج الجاهزية فيه إلى ممارسة منتظمة و تكوين تختلف طرقه و مناهجه عن التكوين التقليدي.