أبرز المشاركون في لقاء حول التراث الهندسي المعماري الوطني المنظم اليوم السبت بوهران أهمية الرسومات الفنية في فهم تاريخ المدينة الجزائرية. ذكر السيد سيدي محمد الحبيب بن كولة المختص في العمران وأستاذ بجامعة وهران خلال هذا اللقاء الذي إحتضنه معهد سارفينتيس ونشطه مهندسون معماريون أنه "ينبغي إستغلال اللوحات الفنية مثلها مثل كل الأنواع الأخرى من المصادر التاريخية". وقد ركز السيد بن كولة في مداخلته حول "المدينة الجزائرية في القرن التاسع عشر" على العقود الثلاثة (1800-1830) التي سبقت الإستعمار الفرنسي لتقديم لمحة شاملة عن المشهد الإجتماعي والحضري خلال الفترة المذكورة. وأوضح مستندا إلى التمثيلات الواردة في أعمال فنية تعود إلى تلك الفترة (1800-1830) أن "الفضاء الاجتماعي كان مدونا بشكل واضح مع الإحتفاظ على الإختلافات العرقية". كما أبرز نفس المتدخل من خلال فحص أعمال مختلفة : "تشير اللوحات خاصة المستشرقة منها إلى الأجواء التي كانت سائدة داخل هذه المجموعة من الحصون التي كانت تمثل المدن في العهد العثماني". وقد سمح عرض هذه اللوحات المرفقة بشروحات هذا المختص للحضور بالاطلاع على السياق الإجتماعي والأجواء الحضرية وكذا جمالية الهندسة المعمارية من خلال الرسوم التوضيحية خاصة بالجزائر العاصمة (القصبة وباب عزون والجامع الكبير) ووهران (مسجد الباشا وقصر الباي ). وقد تم مقارنة التمثيلات الخاصة بهذه الفترة مع الحقبة الموالية حيث إستنتج السيد بن كولة أن "المستعمر الفرنسي قد أدخل تحولات ذات نوعية رديئة في حين أن المعالم المعنية كانت في الأصل تحمل مهارة كبيرة مع تقنيات ومواد جديدة لبناء المساجد (نحت الحجر) خصوصا ". وأوضح أن التعديلات التي أجريت من قبل الفرنسيين تسببت في تضرر واجهات العديد من المساجد وتفكك للجانب الحضري مستندا إلى لوحة لباب عزون حيث "حتى الإبل كان لديها ممرات خاصة بها قبل 1830". كما شهد هذا اللقاء تدخل السيد خافيير غالفان الذي يعد مهندس معماري ومدير المعهد الثقافي الإسباني سارفينتيس لوهران الذي تطرق إلى موضوع الهندسة المعمارية الجزائرية والإسبانية في القرن ال 19. وقد أكد السيد غالفان على أهمية التراث الحضري وأبعاده الثقافية مشيرا إلى صفحات من التاريخ الجزائري الإسباني وخصوصا بوهران أين يعتبر حصن سانتا كروز شاهدا على فترة الإحتلال الإسباني الذي دام قرابة ثلاثة قرون (1509-1792). للإشارة حضر هذا اللقاء العديد من المهندسين المعماريين الشباب وطلبة هذا الإختصاص حيث يندرج في إطار إحياء شهر التراث الذي أختير له هذا العام شعار "التراث الثقافي والذاكرة الوطنية: لكي لا أحد ينسى".