تأثرت أسعار المواد الأولية سنة 2012 بشكل كبير بالأزمة و الارتباك الاقتصادي الذي ميز الأسواق و منها الأسواق المالية. تراوحت أسعار النفط التي تشكل احد المؤشرات الاقتصادية سنة 2012 بين 92 و 125 دولار للبرميل الواحد لتنتهي خلال الأسبوع الأخير من السنة بارتفاع نتيجة الاتفاق حول الضرائب الذي صادق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي لتفادي التقشف والاصطدام ب"جدار الميزانية". ويتوقع الخبراء أن يبقى السعر المتوسط للنفط سنة 2013 في نفس مستوى سنة 2012 حيث بلغ سعر برميل برنت بحر الشمال في فيفري الفارط 17ر110 دولار في "انترنشيونل اكسشانج (لندن) مقابل 87ر108 دولار أسبوع من قبل. و في نيويورك مركنتسل اكسشانج (نيمسك) بلغ برميل البرنت الخفيف خلال نفس الفترة 61ر90 دولار مقابل 42ر88 دولار يوم الجمعة الماضي. أما أسعار المواد الغذائية فقد اختتمت السنة بانهيار أسعار السكر بنسبة 15 بالمائة و الأرابيكا بنسبة 35 بالمائة فيما ارتفع سعر الكاكاو بنسبة 5 بالمائة في أسواق تزخر بوفرة في العرض. باستثناء ارتفاع طفيف خلال الصيف سجلت أسعار السكر انخفاضا مستمرا منذ مارس الفارط حتى بلغ نسبة 15 بالمائة في لندن و نيويورك. وتبقى السوق مدعمة بحصاد جيد خلال 2012-2013 في البرازيل أول منتج عالمي قد يصل مستوى قياسيا في الإنتاج. أما أسعار القهوة فقد كان مصيرها مختلفا سنة 2012: ففي الوقت الذي كانت فيه هوامش أسعار قهوة روبوستا متذبذبة حيث سجلت نسبة 6 بالمائة في ظرف 12 شهرا فقدت قهوة أرابيكا أكثر من 35 بالمائة خلال السنة حيث بلغت في منتصف شهر ديسمبر 135 سنتن للكيلوغرام و هو أدنى مستوى لها منذ جوان 2010. و قد تعززت أسعار القهوة بفضل وفرة العرض الجنوب أمريكي مع انتعاش في الإنتاج في كولومبيا و خاصة حصاد قياسي في البرازيل أول منتج عالمي باشر في شهر مارس سنة وافرة. الكاكاو والحبوب و الذهب تحت الضغط بعد انهيار بنسبة 30 بالمائة سنة 2011 شهدت أسعار الكاكاو تحسنا طفيفا سنة 2012 في سوق معلقة بإنتاج كوت ديفوار أول مصدر في العالم بثلثي العرض العالمي من فول الكاكاو. و بالرغم من الضغوط حول الإنتاج الايفواري راجعت المنظمة الدولية العالمية للكاكاو توقعاتها للإنتاج نحو الارتفاع معتبرة أن السوق تسجل فائضا. و بسعر 250 أورو للطن من القمح و 142 أورو للذرة سجلت أسعار هذه الحبوب ارتفاعا فاق 30 بالمائة في ظرف سنة بفعل التخوفات المتعلقة بالوفرة العالمية. و قد كانت سنة 2012 التي تميزت بجفاف لم تشهده الولاياتالمتحدة منذ 60 سنة و موجات الحر حول البحر الأسود ثم جنوب استراليا و الرطوبة الزائدة في أوروبا الغربية و الأمطار الطوفانية بالأرجنتين و البرازيل سنة كارثية بالنسبة لإنتاج الحبوب تعطي نظرة حول آثار ارتفاع درجة حرارة الأرض. و بالنسبة للقمح يحذر المحللون من أن كل النماذج تظهر أن المناطق المعرضة لندرة الماء سنة 2012 ستعاني من نفس الاختلال سنة 2013: الولاياتالمتحدة و جنوبروسيا و استراليا. و في تقريرها الأخير توقعت وزارة الفلاحة الأمريكية خلال منتصف شهر ديسمبر إنتاجا عالميا من القمح ب655 مليون طن لحملة الحصاد 2012-2013 لكن هذه التوقعات لم تأخذ في الحسبان الظروف المناخية السيئة في الأرجنتين و لتوقعات نحو الانخفاض في الإنتاج. في حين لن يتسنى تحديد توقعات حصاد 2013 إلا في فصل الربيع بالنسبة لمصدري الاتحاد الأوروبي و الولاياتالمتحدة و أوكرانيا و روسيا... أما أسعار الذهب التي فقدت 7 بالمائة منذ أكتوبر الفارط فقد باشرت توجها نحو الارتفاع في نهاية السنة و لكنها تبقى مرهونة بارتياب الميزانية الأمريكية. ومع ذلك يمكن أن تسجل أسعار المعدن الأصفر خلال سنة 2013 مستويات قياسية. واختتم سعر أوقية الذهب في سوق لندن بوليون ماركت يوم الجمعة ب50ر1657 دولار مقابل 50ر1651 دولار يوم الجمعة الذي سبقه. و من جهة أخرى اختتمت أسعار المعادن القاعدية في لندن ميتال اكسشانج سنة 2012 بحذر. فبعد سنة 2011 لم تكن جيدة بدأت أسعار المعادن سنة 2012 آفاقا أفضل حيث بلغت في جانفي بعد إعلان الخزينة الفدرالية الأمريكية التي التزمت بالحفاظ على هذه النسب في مستوى "منخفض استثنائيا" إلى غاية "نهاية سنة 2014 على الأقل" مما يحفز الاستثمارات في المواد الأولية. ولكن الانتعاش لم يدم طويلا وعادت الأسعار إلى التذبذب جراء عدم الاستقرار الاقتصادي والمالي الذي ميز سنة 2012.