شارك مئات المسيحيين المقيمين بالجزائر اليوم الجمعة بعنابة في احتفال نظم بمناسبة إحياء مئوية إنشاء كنيسة القديس أوغستين. و قد تميز إحياء هذا الحدث بحضور الكاردينال جون-لويس توران رئيس المجلس البابوي من أجل الحوار بين الاديان و المبعوث الخاص للبابا فرانسوا و سفير الفاتيكان بالجزائر طوماس ييه شنغ نان و عديد الأساقفة و ممثلين عن الوزارتين الجزائريتين لكل من الشؤون الدينية و الشؤون الخارجية. و استهل الحفل بمسيرة للزائرين من المناطق الأربع للبلاد انطلاقا من سفح الربوة التي تعلوها الكنيسة باتجاه الكنيسة و ذلك على مسافة تقارب 700 متر إلى غاية القاعة التي احتضنت الحفل. وإعتبر بالمناسبة قس مدينتي قسنطينة و عنابة بول ديغفارج أن إحياء مئوية إنشاء كنيسة القديس أوغستين الجزائري و هو الحدث الذي يتزامن مع استكمال أشغال ترميمها يمثل "حدثا هاما" بالنسبة لجميع المسيحيين. وأفاد بول ديغفارج بأن ترميم هذه الكنيسة بمساهمة العديد من الشركاء والمؤسسات الحكومية وطنية و أجنبية و غيرها يشكل "رمزا بارزا للتعايش بين الأديان". وبعد أن أشار إلى أن "ترميم كنيسة القديس أوغستين يمثل رمزا حقيقيا للصداقة و الأخوة بين الديانتين الإسلامية و المسيحية" تطرق بإسهاب إلى مسيرة أوريليوس أوغوستينوس أو القديس أوغستين المولود بطاغست (سوق أهراس حاليا). وقال قس مدينتي قسنطينة و عنابة "إنه رجل (القديس أوغستين) يدفعنا فكره إلى مسائل رئيسية و ما يزال يدرس بأكبر الجامعات عبر العالم". ومن جهته تطرق ممثل وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف الجزائرية السيد عبد الرزاق سبقاق إلى "روح التسامح و الأخوة التي يجب أن تطبع سلوكيات و تصرفات جميع المؤمنين". و أوضح في هذا السياق أن إحياء هذا العيد الديني "يشهد عن حسن العلاقات بين السلطات الجزائرية و سلطة الفاتيكان و من خلالهما بين المسلمين و المسيحيين". وبعد أن ذكر بما صرح به الكاردينال توران مؤخرا بالجزائر العاصمة "إن الأمر لا يتعلق بحوار بين الديانتين الإسلامية و المسيحية فحسب و إنما بحوار بين مؤمنين" أردف ذات المتحدث أن كل مؤمن هو "مواطن قبل كل شيء". واستنادا للسيد سبقاق فإن ما يناهز 3 آلاف مسيحي يمارسون "بصفة عادية" ديانتهم مذكرا بأن الجزائر "ظلت عبر الأزمنة منفتحة على العالم و تحترم فيها كل الديانات". وتضمن برنامج إحياء هذه المناسبة بعد ظهر اليوم بعرض مختلف مراحل ترميم هذه الكنيسة و كذا تنظيم ندوة حول الحوار بين الأديان نشطها كل من الدكتور عبد الرزاق بن صالح باحث جامعي و الكاردينال جون-لويس توران. كنيسة القديس أوغستين...إحدى المباني البارزة و الرائعة بهيبون عنابة - تعتبر كنيسة القديس أوغستين التي تعلو مدينة عنابة و التي يحلو لسكان المدينة تسميتها ب"لالة بونة" إحدى أروع و أبرز المباني بهذه المدينة الساحلية. فهذه الكنيسة التي تعد ذاكرة مدينة أوغستين الجزائري الذي كان أسقف هيبون من 395 إلى غاية وفاته في 430 تعتبر بمثابة بوتقة ثقافية جد ثمينة و رمزا للحوار الإسلامي- المسيحي. و قد تدهورت بفعل عوامل الزمن حالة هذا الصرح الديني الذي بني في الفترة ما بين 1881 و 1900 بمواد بناء مصدرها الجزائر لا غير. و أصبحت حالتها "مقلقة" مطلع سنوات 2000 و ذلك بسبب تسربات سيول الأمطار على الخصوص وفقا لما أشار إليه المهندس المكلف بورشة الترميم كزافيي دافيد وذلك أثناء تدشينها عقب الأشغال في شهر أكتوبر 2013. أما الآن و بعد أن شهدت أشغال تجديد شاملة إحتضنت هذه الكنيسة اليوم الجمعة احتفالية نظمت بمناسبة مئوية إنشائها و ذلك بحضور وفد هام عن الكنيسة الكاثوليكية بقيادة الكاردينال جون-لويس توارن الكاردينال جون-لويس توران رئيس المجلس البابوي من أجل الحوار بين الاديان مبعوثا خاصا للبابا فرانسوا. الجدير بالذكر أن كنيسة القديس أوغستين المولود بسوق أهراس في 13 نوفمبر 354 تعد صرحا بارزا من حيث هندستها المعمارية المستوحاة من النمطين المغاربي والبيزنطي و تستقبل سنويا ما يقارب 20 ألف سائح و زائر مسيحي.