أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، ضيوف الجزائر الأكارم، السلام عليكم جميعا ورحمة الله. يطيب لي في مستهل إحيائكم فعاليات المهرجان الدولي لجميلة التاريخية أن أحييكم وأشيد بوفائكم لهذا الموعد الفني الدولي، الذي تحيونه كل عام على ركح مسرحها العتيق، لإمتاع جمهوركم العريض، بما لديكم من إبداع فني شيق ومتنوع كما أشد على أيديكم مشجعا، ومنوها بالدور الذي يؤديه فنكم الأصيل، وإبداعكم الخلاق في ترقية الأذواق، وتهذيب النفوس، وفتح آفاق التعارف والتعاون والتعايش السلمي بين الشعوب لقد كان أهل الفن وما يزالون الضمير الحي والمعبر الصادق عن مشاعر الشعوب وآلامها وأمانيها، فلا غرو أن تولوا وجوهكم في هذه الساعات شطر فلسطين، لتسمعوا العالم بفنكم الرفيع صرخة أهل غزة، وما يعانيه أطفالها ونساؤها العزل من عدو أوهم العالم بأن الديمقراطية من تَوْرَاته، وأنها تسوغ له أن يقضم أرض فلسطين شبرا شبرا وأن يبيد أهلها أفرادا وجماعات فيحاصرهم بالحديد والنار، ويمطرهم جوا وبرا وبحرا وبالصورايخ والمدافع والقنابل الفتاكة، مرتكبا جرائم شنعاء، اهتز لها الضمير العالمي، وتداعت لها الشعوب من كل أصقاع الدنيا، تضامنا مع الضحايا، واستنكارا وتنديدا بالعدوان الهمجي، الذي لم يتورع حتى من منع فرق الإغاثة من أداء واجبها في إنقاذ الجرحى والمنكوبين، وانتشال الجثث من تحت الأنقاض. لذا كان، وكيف لا يكون، العدوان الإسرائيلي المنصب على قطاع غزة محل استنكار عارم من قبل كافة فئات الشعب في كل أنحاء الجزائر، هذا العدوان الغاشم الذي حرك تَوَثُّبَ كل التنظيمات الجزائرية بكل أطيافها، لتكثيف جمع كل أنواع الإغاثة والمساعدة وتقديمها لسكان غزة وهم يتعرضون منذ يوم 08 يوليو الماضي لحرب إبادة ممنهجة. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الافاضل، لقد نددت الجزائر بهذا العدوان الهمجي من الوهلة الأولى، وتضامنت مع أشقائها في فلسطين، فسارعت إلى الإسهام ماديا لإسعاف إخوانها، وآزرت مساعي التهدئة مع الدول الشقيقة والصديقة لإنهاء العدوان، وتجنب سقوط المزيد من الضحايا، والتدمير الشامل للبنية التحتية لقطاع غزة، كما دعت إلى عقد مجلس طارئ لجمعية الأممالمتحدة، للنظر في هذا العدوان، ولم تتوان قط في أن تدعو في كل مناسبة إقليمية أو عالمية إلى إيجاد حل نهائي ودائم في فلسطين، يمكن شعبها من إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة. كما كان، وما يزال، إلتزام الشعب الجزائري بالتضامن مع شقيقه الشعب الفلسطيني المناضل إلتزاما صريحا ملموسا لم يَشُبه قَط فتور ولا تقاعس من يوم فجر ثورته نظرا لما يتحلى به هذا الشعب من إباء ورفض لكل أشكال الظلم، ومن غيرة على حقوق الشعوب المستضعفة والمغلوبة على أمرها، ومن مقتٍ لكل ضروب الهيمنة والغطرسة والإحتلال من حيث أتت. إن هذا الموقف الثابت للجزائر شعبا وحكومة، ليترجم بصدق وأمانة سياستها التي درجت عليها في العلاقات بين الدول، لاسيما مع الأشقاء من أجل أن يعم السلم والأمن كل أرجاء العالم. لقد كان للتعبير عن تضامن الجزائر مع أهل غزة أوجه شتى كلها جديرة بالإشادة والتنويه وأخص منها بالذكر مساهمة قطاع الثقافة من خلال إفراد محتوى طبعة مهرجان تيمقاد الدولي السادسة والثلاثين للتعبير عن التضامن بالكلمة الواحدة وبالصوت الواحد وبالنغمة الواحدة، مع الشعب الفلسطيني الصامد وبتحويل مداخيلها لفائدته بتجاوب ومشاركة كريمة سخية من قبل كافة الفنانين الجزائريين وزملائهم الوافدين من البلدان الشقيقة والصديقة. وما كان لينجح هذا المسعى الثقافي التضامني لولا الإقبال المشهود لمواطنات منطقة الأوراس الأشم ومواطنيها على حضور كل سهرات المهرجان. آمل أن يكون الأمر كذلك بالنسبة لمواطينات ومواطني ولاية سطيف وما جاورها فيهبون لحضور كل سهرات مهرجان الجميلة، بل في كافة التجمعات الوطنية المقامة في ربوع الجزائر، تضامنا منهم مع أشقائنا في فلسطين. إن التضامن الفعال مع الشعب الفلسطيني في محنته، لهو واجب أخلاقي وإنساني قبل أن يكون واجبا قوميا، ينبغي أن يقوم به الجميع، والمؤمل من شعبنا على اختلاف أطيافه وشرائحه من نخب وفنانين ورياضيين وغيرهم، أن يهبوا كعادتهم إلى دعم إخوانهم في فلسطين الجريحة، فيبسطوا لهم أيديهم كل البسط، ويجزلوا لهم العطاء، وأن يكون سخاؤهم في مستوى إحساسهم وتأثرهم بالأحداث المؤلمة، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وتأتي على قدر الكريم المكارم. وما ذلك بغريب على شعبنا المعطاء، المجبول على أخلاق الفروسية، ونصرة المظلوم، وإغاثة المحتاج، وهي قيم مكينة في نفسه، وفي عقيدته، وانسانيته وتاريخه المجيد. أجدد لكم تحيتي وأعرب لكم عن امتناني لإحياء هذا الاستحقاق السنوي الفني الكبير، متمنيا لكم إقامة مريحة وإنجازا ناجحا في عروضكم الفنية التي ستصدح بها حناجركم من أجل نصرة غزةفلسطين وعزتها.