شكل انضمام فلسطين رسميا للمحكمة الجنائية الدولية سابقة أولى من نوعها لاقت ترحيبا داخليا وخارجيا باعتباره "خطوة جديدة" في حملة دبلوماسية وقضائية أطلقتها القيادة الفلسطينية منذ 2014 يعولب عليها لتغيير إستراتيجية النضال الوطني الفلسطيني. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد نظمت يوم الأربعاء حفلا رسميا في جلسة مغلقة بمناسبة انضمام فلسطين إلى عضوية المحكمة لتصبح الدولة رقم 123. وبعد الانسداد الكامل للأفق السياسي الذي كان يفترض أن يتيح إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل اختار الفلسطينيون نقل المواجهة مع إسرائيل إلى الساحة الدولية. وقرر الفلسطينيون في أواخر عام 2014 تقديم طلب الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية التي تلاحق المشتبه بارتكابهم عمليات إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بعد رفض مجلس الأمن الدولي اعتماد مشروع قرار ينهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بحلول نهاية 2017. وأتيح الانضمام الفلسطيني إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية في 29 نوفمبر عام 2012 بعد أن منحت الجمعية العامة للأمم المتحدةفلسطين مركز "دولة مراقبة غير عضو" بأغلبية 138 صوتا مؤيدا مقابل تسعة أصوات معارضة وامتناع 41 دولة عن التصويت. وسلمت رئيسة المحكمة خلال مراسم الاحتفال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي نسخة خاصة من ميثاق روما بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا). الفلسطينيون متفائلون بإحالة متهمين إسرائيليين للجنائية الدولية اعتبرت عدة أطراف فلسطينية الانضمام إلى المحكمة الجنائية "خطوة جديدة في حملة دبلوماسية وقضائية أطلقتها القيادة الفلسطينية سنة 2014" وأكد بعض القادة الفلسطينيين أن أولى الشكاوي ستقدم اعتبارا من اليوم حول التحقيق في جرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة في حربها الأخيرة في يونيو الماضي الى جانب التحقيق مستقبلا في قضايا الاستيطان ووضع الأسرى. و أكد في هذا الشأن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن هذه الخطوة "تجسد خطوة نحو إنهاء حقبة من عدم المساءلة والإفلات من العقاب وفي نفس الوقت إعلاء مبادئ العدالة والدفاع عن حقوق الإنسان". وقال أن الشعب الفلسطيني "عانى من مثل هذه الجرائم لفترة طويلة جدا نتيجة للممارسات غير الشرعية للاحتلال العسكري الاستعماري الذي طال أمده وتمثل آخره بالعدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة" في يوليو وأغسطس الماضيين. وأشار إلى أهمية إجراء كل الخطوات الممكنة لضمان المساءلة على "الجرائم" الإسرائيلية وفي نفس الوقت تأمين الحماية للمدنيين الفلسطينيين. بدوره إعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في تصريح صحفي اليوم هذا اليوم "يوما وطنيا وتاريخيا" في حياة شعبنا الفلسطيني بحيث انه سيشكل "تحولا نوعيا في إستراتيجية النضال الفلسطيني نحو الشرعية الدولية" لتحقيق حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف وتأمين حمايته وإنجاز العدالة الإنسانية" مشددا على أن القيادة الفلسطينية "لن تتراجع عن هذه الخطوة. من جهتها أكدت رئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني أن سريان عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية "خطوة أولى اتجاه رفع الحصانة عن الاحتلال" وأضافت في بيان لها أن هذه الخطوة تعد "انتصارا للضحية وخطوة متقدمة باتجاه وقف جرائم الاحتلال على شعبنا ومقدراته". وهو نفس المطلب الذي نادت به حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي إعتبرت هذا الانجاز الفلسطيني "خطوة أولى من قبل المجتمع الدولي لعزل الكيان الصهيوني المجرم ورفع الحصانة والغطاء عن جرائمه ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي نفذها بحق أبناء الشعب الفلسطيني وبحق أرضه ومقدساته". وقالت الحركة في بيان لها اليوم إن "هذه الخطوة تستلزم من النائب العام لدى المحكمة الشروع في التحقيق في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني على اختلاف أزمانها وأشكالها على قاعدة أن الحقوق لا تسقط بالتقادم, وأن لا أحد فوق القانون مهما حاول إخفاء جرائمه". ترحيب عربي بالإنجاز الفلسطيني الذي يهيئ للإنضمام إلى باقي الهيئات الأممية توالت ردود الفعل العربية المرحبة بإنضمام فلسطين الى المحكمة الجنائية الدولية واعتبرته ممهدا لانضمام دولة فلسطين إلى جميع الهيئات والوكالات التابعة للأمم المتحدة. وأكدت الجامعة العربية على لسان أمينها العام السيد نبيل العربي أن إعلان الانضمام الرسمي لفلسطين للمنظمة الدولية يأتي "تأكيدا على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بتاريخ 29 ديسمبر 2012 بالاعتراف بالدولة الفلسطينية كدولة مراقب في الأممالمتحدة مما يهيئ لانضمامها إلى جميع الهيئات والوكالات التابعة للأمم المتحدة". كما هنأ رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام الفلسطينيين بانضمام دولة فلسطين إلى المحكمة الدولية وإعتبرها "خطوة على طريق تحقيق الدولة المستقلة"مبرزا أن "هذا الإنجاز يتيح كبح العداء الإسرائيلي عبر تمكين الفلسطينيين من ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني". وأبرز أن "المبادرة الشجاعة" التي قامت بها القيادة الفلسطينية بالانضمام إلى معاهدة روما عطي الفلسطينيين "سلاحا إضافيا" في صراعهم المديد والمتعدد الأشكال مع الاحتلال الإسرائيلي وخطوة مشروعة نحو استعادة حقوقهم المشروعة. أما مملكة البحرين فقد أكدت من جهتها أن هذا الحدث يعد " مفصليا وخطوة تاريخية مهمة" في مسيرة نضال الشعب الفلسطيني والجهود الدبلوماسية والقضائية المضنية المبذولة من أجل استرجاع الحقوق الفلسطينية كافة. وأشادت مملكة البحرين في بيان ب"الجهود الجبارة والخطوات النوعية" التي اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي "التزم بالمفاوضات الجادة الشفافة واتبع الطرق والوسائل المشروعة من أجل نيل حقوق الشعب الفلسطيني كاملة في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة رغم ما يواجهه من صعوبات كبيرة وتعنت إسرائيلي واضح".