تختتم يوم الأربعاء بجنيف, الجولة الجديدة من مفاوضات السلام السورية-السورية, التي ترعاها الأممالمتحدة, دون تحقيق تقدم فعلي بين الفرقاء, وسط أنباء عن استئنافها مطلع مايو المقبل بالرغم من انسحاب جزء من المعارضة منها. فمن المقرر أن يختتم المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا, ستافان دي ميستورا, اليوم, جولة المحادثات السورية التي انطلقت في ال13 من أبريل الجاري, بعد إجرائه أمس الثلاثاء لآخر اجتماع مع الوفد الحكومي السوري المفاوض. وسيطلع دي ميستورا عقب ذلك, مجلس الأمن الدولي على نتائج هذه الجولة من المحادثات التي انسحبت منها المعارضة بعد أسبوع من انطلاقها. وقد نجح المبعوث الأممي في الالتزام بمواصلة هذه الجولة وإنهائها في موعدها المحدد, غير أنه أخفق في جمع الفرقاء حول طاولة الحوار في مفاوضات مباشرة, كما كان مقرارا له. ويسعى دي ميستورا جاهدا إلى إنجاح هذه المفاوضات رغم التوترات السائدة بين طرفي التفاوض, وذلك باعتبارها آخر فرصة لإنهاء الصراع الدامي الذي تعيش على وقعه سوريا منذ أكثر من خمس سنوات, والذي خلف أزيد من 270 ألف قتيلا وملايين النازحين والمهجرين. ويأمل الوسيط الأممي عبر هذه المفاوضات في تحقيق تقدم نحو عملية انتقال سياسي في سوريا بموجب قرار لمجلس الأمن الدولي والجهود التي تبذلها روسيا والولايات المتحدة والتي مهدت الطريق لاستئناف المحادثات في فبراير الماضي بعد توقف دام عامين. إصرار حكومي على إنجاح المفاوضات رغم انسحاب المعارضة لعل أهم ما طبع جولة المفاوضات هذه, هو إصرار الوفد الحكومي على مواصلتها رغم انسحاب جزء أساسي من المعارضة منها ممثلا في "الهيئة العليا للمفاوضات السورية" التي يترأسها رياض حجاب, مما يبرهن مجددا رغبته الطرف الحكومي في الوصول إلى حل سياسي وسلمي للأزمة, على حد تقدير بعض المحللين. فقد أكد رئيس الوفد الحكومي السوري المفاوض, بشار الجعفري إصرار حكومة بلاده على عقد المحادثات السورية-السورية "دون تدخلات خارجية" بالرغم من انسحاب المعارضة, مما يؤكد - على حد تعبيره - على انخراط وفد الحكومة الجاد في عملية الحوار دون شروط مسبقة. وفي هذا الصدد أكد الجعفري أن المباحثات لن تخسر شيئا بانسحاب الهيئة لأنها لا تمثل الشعب السوري, مشددا على أن "الحل السياسي هو بتشكيل حكومة وطنية موسعة ودستور وانتخابات برلمانية". ومن جهته أكد وزير الخارجية والمغتربين السوري, فيصل المقداد, أن قرار وفد من المعارضة تعليق مشاركته في المحادثات دليل على "عدم جديته للوصول إلى حل سياسي للأزمة في سوريا". وبدورها, قالت بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد, أنه بالرغم من كل الصعوبات نسعى إلى استغلال كل فرصة ممكنة من أجل إنجاح الحل السياسي للأزمة في سوريا من خلال الحوار والمصالحات المحلية ودحر الإرهاب عن أرضنا. وبالمقابل, أصرت الهئية العليا للمفاوضات السورية المعارضة على تعليق مشاركتها في المحادثات بعد أسبوع من انطلاقها بسبب ما وصفته ب"عدم وجود تقدم في المسار الإنساني وتعرض الهدنة لخروقات وعدم إحراز تقدم في ملف المعتقلين وعدم الاستجابة لجوهر القرار الدولي وبيان جنيف الخاص بتشكيل هيئة حكم انتقالي". وقد اتهمت موسكو المعارضة السورية ب"الابتزاز" من خلال تعليقها لمشاركتها فى المحادثات, وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن الأساليب التي تستخدمها الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة تظهر أنها غير قادرة على التوصل إلى اتفاق وأنها لا يمكن أن تكون الممثل الوحيد للمعارضة في المحادثات. ووفقا للمندوب الروسي الدائم لدى الأممالمتحدةبجنيف, ألكسي بورودافكين, فإن جزء هاما من الهيئة العليا ضد هذا قرار الانسحاب من المفاوضات, مشيرا إلى أن المعارضة السورية مجزأة كثيرا, ومن المهم توحيد القوى المعتدلة على أسس سياسية مشتركة. أنباء عن جولة جديدة من المحادثات مطلع مايو المقبل رجح نائب وزير الخارجية الروسي, ميخائيل بوغدانوف, أن يتم استئناف المفاوضات السورية-السورية في جنيف في العاشر مايو المقبل, مشيرا إلى إصرار موسكو على ضرورة أن تجرى المفاوضات ب"سرعة أكثر", وأن تكون "شاملة حتى يشارك فيها الجميع للتوصل إلى اتفاق بأسرع وقت". وفي هذا الصدد كشف مصدر مقرب من المحادثات أن الجولة المقبلة من المحادثات ستعقد من 10 الى 15 مايو المقبل. وبدوره أفاد رئيس مجموعة "حميميم" للمعارضة الداخلية بسوريا, إليان مسعد, بأنه بعد اجتماع مع دي ميستورا, أعلن هذا الأخير بوضوح عقد الجولة القادمة من المحادثات السورية في مايو المقبل دون تحديد تاريخ بدء الجولة. وفي ذات السياق, أشار مسعد, إلى أنه تم خلال الاجتماع مناقشة ورقة المبادئ السياسية للتسوية ال12 المقترحة سابقا من قبل دي ميستورا. وكان رئيس الوفد السوري المفاوض قد أفاد بأنه تم خلال جولة المحادثات مناقشة التعديلات التي قدمتها الحكومة السورية على ورقة المبعوث الدولي لسوريا, خاصة ما يتعلق بتشكيل حكومة وحدة موسعة وضرورة الضغط على دول الجوار لتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بمكافحة الإرهاب, خاصة القرار (2254), إلى جانب مناقشة القضايا الإنسانية المرتبطة بالأزمة السورية. وأكد الجعفري عقب اللقاء الأخير الذي عقده مع دي ميستورا, أمس الثلاثاء, أن الوفد الحكومي وعلى مدار الجولة انخرط في المباحثات بمسؤولية وموضوعية لأجل كل ما يخدم سوريا والشعب السوري. وفي انتظار استئناف المفاوضات التي تعلق عليها كافة الآمال لإعادة إحلال السلام في سوريا تواصل موسكو وواشنطن التنسيق للضمان استمرار اتفاق وقف إطلاق النار الساري في سوريا منذ شهرين, حيث تم الاتفاق بينهما على إنشاء نظام لمراقبة وقف الأعمال القتالية في البلاد.