تصاعدت حدة التوتر و العنف في الغابون عقب الإعلان عن نتائج الإنتخابات الرئاسية لصالح الرئيس المنتهية ولايته, علي بونغو, بفارق طفيف أمام معارضه الرئيسي, جان بينج, الذي اتهم السلطة ب "التزوير", وسط دعوات دولية للتهدئة وضبط النفس لتجنب الأسوء. وشهدت العاصمة الغابونية ليبرفيل, عشية أمس الأربعاء, أعمال شغب وعنف أودت بحياة شخص واحد على الأقل وأصيب العشرات بعد إعلان فوز, علي بونجو , بولاية رئاسية جديد لمدة 7 سنوات بعد حصوله على 49.8 بالمئة من إجمالي الأصوات مقابل 23ر48 في المائة لمنافسه المعارض جون بينغ, حسب النتائج الرسمية. وأضرم متظاهرون النار في مقر البرلمان وتصاعدت سحب الدخان السوداء فوق المقر, كما وقعت مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين كانوا يهتفون "علي يجب أن يرحل", في حين حاول المئات النزول إلى الطريق السريع وحرق بعضهم الإطارات, وهتفوا "الانتخابات سرقت"و"جان بينج رئيسا". و استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لصد المتظاهرين , في حين أوقف الجيش وشرطة مكافحة الشغب والدرك حركة المرور على الطريق السريع في إحدى المناطق الرئيسية في العاصمة, مستخدمين مدافع رش المياه ومدرعات خفيفة. وأمام هذا الوضع, اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الغابونية, آلان كلود بيلي, أن "المعارضة بالغت في أعمال العنف" التي أعقبت إعلان فوز علي بونغو بفترة رئاسية جديدة, مؤكدا أن شخصا واحد فقط قد لقي مصرعه خلال الهجوم على مقر المعارضة. ودعا بينغ السلطات إلى إعلان نتائج مراكز الاقتراع على حدى, مشددا على أنه "تم تزوير النتائج لصالح بونغو". وبحسب النتائج , أعيد انتخاب على بونجو لولاية ثانية من 7 سنوات بنسبة 49.80 بالمائة من الأصوات متقدما على منافسه المعارض جان بينج (48.23 بالمائة),وهو من رموز نظام الرئيس السابق عمر بونجو والد الرئيس الحالي الذي حكم هذا البلد النفطي الصغير في وسط إفريقيا لمدة 41 عاما حتى وفاته في 2009. الرئاسة تشيد بمسار الإنتخابات و المعارضة تطالب بحماية دولية وفي أول تصريح له عقب الإعلان عن النتائج, قال زعيم المعارضة في الغابون ومرشحها في الإنتخابات الرئاسية جون بينغ اليوم الخميس أن طائرة تابعة للحرس الرئاسي قصفت إحدى مقراته وقتلت شخصين على الأقل الليلة الماضية. وأوضح "إن عناصر أمنية أخرى اقتحمت منزله, وإنه يختبئ حاليا مع أفراد من أسرته", مطالبا بتوفير حماية دولية, له ولمناصريه. ولتهدئة الوضع, طالبت الرئاسة الغابونية, اليوم الأشخاص غير الراضين عن نتائج الانتخابات, إلى اللجوء للنظام القضائي لإجراء طعون على نتائج الانتخابات, حيث قال المتحدث باسم الرئاسة في الغابون آلان كلود بيلي أنه "من مصلحتنا جميعا أن تهدأ الأمور, لأن الغابون ليست ديكتاتورية بل ديمقراطية تحكمها قوانين, وإذا كان شخص ما يرغب في الطعن بنتائج الانتخابات, فعليه أن يلجأ للمحكمة الدستورية". وأضاف "ولمن يريدون إعادة فرز الأصوات, يمكنهم الذهاب إلى المحاكم للقيام بذلك". من جانبه, أشاد الرئيس بونغو, في خطاب ألقاه اليوم بعد إعلان نتائج الانتخابات ووصفها بأنها "مثالية", مؤكدا أنها تمت في "سلام وشفافية", حيث قال بانغو بهذا الخصوص : "أريد أن أعود إلى فوزنا المهم,هذه الانتخابات مثالية (...) والشعب الغابوني الذي صوت بسلام وشفافية". قلق دولي إزاء, ودعوات إلى التهدئة و تجنب التصعيد وعلى المستوى الدولي, أدان الرئيس الفرنسي, فرنسوا هولاند, ب"شدة أعمال العنف و النهب التي شهدتها ليبرفيل وكذا التهديدات التي تعرض لها مناصرو المرشحين الأساسيين, داعيا الجميع إلى تهدئة الوضع". نفس المستوى من القلق أعربت عنه واشنطن, التي دعت إلى الإستجابة إلى مطلب المرشح الخاسر ونشر نتائج كل مركز اقتراع على حدى. وبدورها دعت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية, فيديريكا موغيريني, مختلف الأطراف في العملية السياسية في الغابون إلى الهدوء و ضبط النفس, واصفة الوضع في البلاد ب"الأزمة العميقة", مشددة على أن "أي إحتجاج لابد أن يتم بطرق سلمية لتجنب التصعيد". من جانبه, حث الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون كافة الأطراف في الغابون على التحلي بالهدوء, وذلك في أعقاب أعمال العنف التي اندلعت عقب الإعلان بفوز علي بونغو بفترة ولاية رئاسية جديدة. وكانت بعثة الإتحاد الإفريقي لمراقبة الانتخابات في الغابون قد أشادت على لسان رئيسها, كاسام أوتيم, بهذه الأنتخابات و دعت إلى إحترام نتائجها. نفس الإنطباع بالنسبة لمنظمة التعاون الإسلامي, التي أعربت يوم الإثنين, عن ارتياحها للكيفية التي أجريت بها الانتخابات الرئاسية في الغابون, حيث أشاد الأمين العام للمنظمة, إياد مدني, ب"جميع الناخبين الغابونيين لتفانيهم والتزامهم بالديمقراطية وسيادة القانون أثناء العملية الانتخابية", وحث جميع الأطراف السياسية على الامتناع عن أي أعمال عنف, واللجوء إلى القنوات القانونية فحسب لمعالجة أي خلاف سياسي لتجنب تعريض السلام والاستقرار اللذين تنعم بهما الغابون على مدى عدة عقود للخطر.