شكلت سيطرة القوات الليبية على مدينة "سرت" الساحلية و تحرريها من قبضة تنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية (داعش) ضربة قوية للتنظيم الارهابي الذي اتخذها معقلا له منذ اشهر للتمدد الى مناطق اخرى لتحصين نفوذه في البلد. و اعلنت القوات الليبية الموالية لحكومة الوفاق الوطني امس فرض السيطرة "الكاملة" على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) المطلة على الساحل الليبي واضعة حدا لتنظيم "داعش" الذي حولها الى ملاذا له. وتسببت المعارك لاستعادة المدينة في مقتل 700 شخص وإصابة 3 آلاف آخرين بجروح في صفوف القوات الحكومية ومقتل عدد غير محدد من مقاتلي التنظيم الارهابي. وقال المتحدث باسم هذه القوات رضا عيسى "قواتنا تفرض سيطرتها بالكامل على سرت وشهدت قواتنا عملية انهيار تام للمسحلين". و يعتبر هذا الانتصار انتصارا يتقاسمه ايضا القائد العام للجيش الليبي الفريق أول الركن خليفة بلقاسم حفتر الذي قاد عمليات مماثلة "الكرامة" متعهدا بالقضاء على الإرهابيين" الذين جاؤوا إلى ليبيا من كل حدب وصوب" و اجتثاث الإرهاب من ليبيا. استعادة سرت, انجاز كبير لعمليات "البنيان المرصوص" يعتبر استعادة "سرت" كاملة, انجازا يحسب على "عملية البنيان المرصوص" التي انطلقت في 12 مايو الماضي, بالنظر الى السرعة في تقدمها و سيطرتها على المرافق الرئيسية في المدينة المطلة على البحر المتوسط. ورغم الصعوبات الكبيرة التي واجهتها لدى وصولها الى مشارف المناطق السكنية في المدينة, الا ان "عمليات البنيان المرصوص" تمكنت من دحر مسلحي داعش الذين حولوا المواجهات و المعارك الى حرب شوارع و قتال من منزل الى منزل مستخدمين السيارات المفخخة والقناصة والعبوات الناسفة المصنوعة يدويا. و علاوة على ذلك حول التنظيم المتطرف مدينة "سرت" الى قاعدة خلفية له تستقطب المقاتلين الاجانب الذين يجري تدريبهم على شن هجمات في الخارج. و تعد نهاية شهر أكتوبر الفارط "نقطة حاسمة" بالنسبة للقوات الحكومية التي عزمت على القضاء على التنظيم الذي بدأ يتمدد الى مناطق اخرة كمنطقة "الهلال النفطي" قصد السيطرة على منافذ التصدير والموانىء النفطية. و في هذه المرحلة حاصرت القوات الحكومية عناصر تنظيم (داعش) في رقعة صغيرة في المدينة قبل ان تسيطر عليها بالكامل امس الاثنين. و في معارك امس انهارت فلول داعش امام قوات البنيان المرصوص واستسلم العشرات منهم فيما قتل بعضهم أثناء العملية حسب مصادر عسكرية ليبية. و اشار المتحدث باسم عملية البنيان المرصوص ان "عمليات تمشيط واسعة تجري حاليا داخل الأجزاء الأخيرة التي سيطرنا عليها قبل قليل ونعتقد بوجود عناصر لداعش مختبئة في أي مكان. ان المدينة الآن باتت تحت سيطرتنا الكاملة". و تمكنت القوات الوفاق الوطني التابعة للمجلس الرئاسي الليبي من تحرير أكثر من 50 طفلا و15 امرأة من قبضة عناصر تنظيم "داعش" الارهابي في ضاحية "الجيزة" البحرية بمدينة سرت الساحلية خلال الأيام القليلة الماضية. وقال المتحدث باسم القوات الليبية العميد محمد الغصري, حسبما ذكرت مصادر اعلامية اليوم أن "المحررين نقلوا إلى مستشفيات بالقرب من مصراتة حيث يعانون من إصابات عديدة" مشيرا إلى أن هذا يعد "إنجازا كبيرا للقوات الليبية التي فقدت أيضا بعض العناصر في المعارك". التمسك بالحل السياسي كمخرج الوحيد للخروج للازمة رغم تعقيدات المشهد السياسي في ليبيا ما يزال المجتمع الدولي متمسكا بضرورة ايجاد حل سياسي للازمة التي تفجرت منذ عام 2011 . و يتفق المجتمع الدولي على ان الحوار في ليبيا يبقى "المخرج الوحيد للازمة في ليبيا "لانه سيعيد الثقة بين اطراف النزاع" و يدعو الى ضرورة اعتماد حكومة الوفاق الوطني من قبل مجلس النواب. و من هذا المنظور, يرى المبعوث الاممي الى ليبيا, مارتن كوبلر, ان هناك ثلاثة تطورات اساسية ليبيا تتمثل في الإجماع الدولي والوطني داخل ليبيا على أنه لا يوجد بديل آخر غير اتفاق ديسمبر 2015 , ووجود المجلس الرئاسي داخل طرابلس, أما التطور الثالث فهو التقدم الحاصل في محاربة الإرهاب, إذ لا يوجد اليوم عناصر تنظيم داعش في ليبيا". واضاف كوبلر ان العمل "يجري حاليا في طرابلس لتأسيس الحرس تحت رئاسة المجلس الرئاسي ليتكفل بمهمته حماية المجلس الرئاسي والسفارات و المنشآت الحيوية دون ان يكون منافسا للجيش". و قال كوبلر ان "عمل المجلس الرئاسي يمكن تمديده الى سنة اخرى", داعيا البرلمان الليبي الى الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني. و اشار المبعوث الاممي الى الدور "المهم" لدول الجوار الليبي كالجزائر والنيجر وتشاد, من اجل استتتباث الامن و الاستقرار في ليبيا. و تبقى الجزائر متمسكة بمقاربتها التي تؤكد على الحل السياسي و ضرورة توافق ابناء شعب ليبيا ووحدة اراضيها و الحفاظ على سيادتها و رفض التدخل الاجنبي في شؤونها الداخلية. كما تؤكد الجزائر على ان حل الازمة الليبية بين ايدي الليبيين انفسهم.