حافظ قطاع السكن في عام 2016 على وتيرته العالية في إنجاز وتسليم مشاريعه السكنية بالرغم من الصعوبات المالية التي تمر بها البلاد بسبب الهبوط الحاد في أسعار النفط. فمع أن تراجع مداخيل البلاد فرض تأجيل العديد من المشاريع إلا أن قطاع السكن بقي بمنأى عن هذه الإجراءات, إذ يحصي حاليا 1.049.603 وحدة قيد الانجاز من مختلف الصيغ عبر الوطن. وقدرت الأغلفة المالية المستهلكة لفائدة مشاريع السكن إلى غاية نوفمبر الماضي حوالي 426 مليار دج, سخر أكثر من نصفها لبرامج السكن الاجتماعي. وكان وزير السكن والعمران والمدينة أكد عديد المرات ان السكن يظل أحد القطاعات التي تحظى بالأولوية في النفقات العمومية إلى جانب الصحة والتعليم. "صحيح أن إمكانيات البلاد تغيرت لكن برنامج الرئيس في مجال السكن سيطبق دون إلغاء أي مشروع وإلى غاية آخر سكن منه" حسبما صرح به السيد تبون للصحافة مشيرا إلى أن "ما هو متاح من إمكانيات مالية حاليا يسمح لنا بإنجاز ما هو مقرر". وترجمت هذه الحركية بدخول برنامج البيع بالإيجار "عدل" في 2016, وهي الصيغة الأكثر رواجا بين مواطني الطبقة المتوسطة في الجزائر, مرحلة تسليم المفاتيح. فبعد انتظار دام 14 سنة, بات حلم مكتتبي 2001-2002 حقيقة في مختلف مناطق الوطن بدءا من عنابة التي عرفت توزيع أكثر من 500 سكن عدل في فبراير بحضور الوزير الأول ثم الجزائر العاصمة في يونيو لتمتد العملية لولايات أخرى على غرار خنشلة التي كانت على موعد في نوفمبر الماضي مع تسليم سكنات البيع بالإيجار لفائدة مكتتبي 2013 المسجلين الكترونيا, في أول عملية من نوعها على المستوى الوطني. وإجمالا قامت الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره "عدل" من يناير إلى غاية نوفمبر الماضي بتوزيع 10.436 وحدة. وينتظر أن يتسلم ما تبقى من مكتتبي 2001 و2002 قرارات التخصيص قبل 15 يناير 2017 قبل الاستفادة من السكنات بغضون نهاية الثلاثي الأول للعام المقبل, وهو ما سيفتح المجال أمام وكالة عدل للتقدم في العملية التجارية الخاصة بمكتتبي 2013. وفي نفس السياق, تقرر في 2016 زيادة أسعار مساكن البيع بالإيجار بالنسبة لمكتتبي 2013 بنسبة تقدر ب 23%, وهي الزيادة التي بررتها وزارة السكن بارتفاع كلفة الانجاز (مواد البناء, أجور العمال...). أما في صيغة العمومي الايجاري (الاجتماعي) والتي تمثل حصة الأسد من البرنامج القطاعي, فتشير الأرقام الرسمية إلى وجود 477.460 وحدة طور الانجاز حاليا. وخلال الأشهر التسع الأولى ل2016 تم تسليم 75.646 وحدة حسب بيانات الوزارة التي تتوقع ان تبلغ حصيلة 2016 ما يقارب 100 ألف وحدة. وعموما, تتراوح الحصيلة النهائية للسكنات المستلمة إلى غاية نهاية 2016 أزيد من 300 ألف وحدة وهو ما يعادل حصيلة القطاع في 2015. وترافقت الحركية المسجلة في مختلف الصيغ بتقوية أدوات الرقابة على طلبات السكن حيث تم هذا العام تدعيم البطاقية الوطنية للسكن بتحقيقات أخرى تجريها وزارة الداخلية والجماعات المحلية والصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء وكذا الصندوق الوطني للعمال غير الأجراء. وتسمح هذه التدابير باكتشاف المتحايلين وغربلة المكتتبين الأحق بالاستفادة من السكنات العمومية في إطار "تجسيد مبادئ العدالة الاجتماعية والحرص على المال العام" حسب تصريحات المسؤول الأول على القطاع. تقدم كبير في انجاز المدينة الجديدة سيدي عبد الله وجامع الجزائر من جهة أخرى, تميز عام 2016 بتقدم لافت عرفه مشروع جامع الجزائر الذي سيكون بعد افتتاحه أكبر مسجد في العالم بعد الحرمين الشريفين. وينتظر أن يدخل هذا المعلم الحضاري, بعد انتهاء الأشغال الكبرى بنهاية ديسمبر, آخر مراحل انجازه التي تتضمن جميع العمليات المتعلقة بالشكل النهائي لاسيما تلبيس الأرضيات والجدران والزخرفة والنقش التزيين والتوشيح والتهيئة الخارجية. كما تم تدشين الشطر الأول من المدينة الجديدة لسيدي عبد الله ن طرف رئيس الجكمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. ويشمل هذا الشطر آلاف المساكن بصيغتي البيع بالإيجار والترقوي العمومي مع التجهيزات العمومية المرافقة لها من مدارس وروضات وملاعب وفضاءات تسلية ومساحات خضراء ومحلات تجارية فضلا عن توفير خدمات النقل الضرورية للسكان الجدد بفضل افتتاح خط السكك الحديدية الرابط بين زرالدة-سيدي عبد الله-بئر توتة. ويعتبر هذا الانجاز أول خطوة في تجسيد مشروع المدن الجديدة والتي تم إقرارها قبل نحو عشر سنوات. وتم تصميم هذا الفضاء الحضري الجديد ليكون نموذجا تحتذي به باقي المدن الجديدة عبر الوطن كما ستستغل هذه التجربة في مشروع إعادة تأهيل المدن الأخرى, لاسيما من حيث التنظيم العمراني وتسيير المدن وتوفير الخدمات واستخدام الوسائل العصرية. وفيما يتعلق بمجال العمران, فقد شهدت 2016 تمديدا جديدا لآجال عملية تسوية البنايات غير المطابقة وإتمامها, في إطار جملة من الإجراءات التسهيلية الرامية إلى السماح لأكبر قدر ممكن من المواطنين من الاستفادة من العملية. وإلى غاية 2 أغسطس الماضي, التاريخ المقرر لانتهاء العملية, بلغ عدد الملفات المودعة في البلديات من طرف الأفراد والهيئات 705.231 ملفا 37 بالمائة منها تم تلقيها في 2016. وكان القانون 08-15 قد حدد تاريخ انتهاء العملية في أغسطس 2012 قبل أن يتم إرجاؤها إلى أغسطس 2013 ثم أغسطس 2016 تبعا لتعديل أقره البرلمان ضمن قانون المالية ل2014. غير أن الحكومة ارتأت تمديد هذه الآجال مرة أخرى مراعاة للوضعية الاقتصادية والاجتماعية للكثير من المواطنين.