اختتمت الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف بشأن الأزمة السورية دون تحقيق أي اختراق في القضايا "الجوهرية" التي تم مناقشتها طيلة ثمانية أيام في ظل الهوة الواسعة بين طرفي النزاع الحكومة و المعارضة حول نقطتي الانتقال السياسي فيما يواصل الجيش السوري تحقيق مزيدا من التقدم على الأرض. وأعلن مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا،أول أمس الجمعة رسميا انتهاء الجولة الخامسة من مباحثات جنيف 5 من دون أن يطرأ أي تغيير على مواقف الحكومة والمعارضة رغم محاولتهما "إظهار إيجابية" للمضي قدما في مسار التفاوض. وبحسب دي ميستورا الذي كان يقوم بتحركات مكوكية بين الوفدين منذ 24 مارس الماضي فإن المشاركين في جولة المفاوضات الخامسة ناقشوا ما اصطلح على تسميته ب"السلال الأربع" الذي يشير إلى قضايا الانتقال السياسي والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب و التي تشتمل على تدابير بناء الثقة بين الطرفين المتنازعين. و للتقليل من النتيجة السلبية التي خرجت بها المفاوضات التي ترعاها الأممالمتحدة قال ديميستورا "إنه وفي كل المفاوضات، هناك قضايا تحتاج للتحضير والمناقشة قبل مفاوضات السلام الفعلية" لافتا إلى أنه "من المهم الوقوف على تلك النقاط والتحضير لها كما في كل المفاوضات الكبرى". وعلى غرار باقي جولات التفاوض الدبلوماسية التى انطلقت عام 2016 للبحث عن حل سياسي للازمة السورية اصطدمت محادثات (جنيف5) بمسألة الانتقال السياسى حيث تمسك وفدي الحكومة و المعارضة بمواقفهما و هو ما أقر به دي ميستورا حينما قال "إنه لا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك تحديات كبرى وأنه لا يمكن التوصل فورا إلى اتفاق سلام" مشيرا إلى أنه برغم ذلك "فإن أحدا لم ينسحب من العملية السياسية وإن كان من الطبيعي أن يدافع كل طرف عن وجهة نظره". و يذكر أنه بينما يعتبر وفد الحكومة السورية أن بند مكافحة الإرهاب "له الأولوية المطلقة" في محادثات جنيف تصر المعارضة على بحث مسألة الانتقال السياسي و مصير الرئيس بشار الاسد بوصفها "مظلة شاملة للقضايا الأخرى" بحسبها. ومع ذلك أوضح دي مسيتورا أن " هناك نقاطا يمكن اعتبارها نقاطا مشتركة بين وفدي التفاوض مثل وحدة الأراضي والسيادة وما إلى ذلك" مضيفا أن " الطريق سيكون هو ألا نتفق على شيء قبل الاتفاق على كل شيء ودون شروط مسبقة". و في رده على كثرة الجولات دون تحقيق نتيجة في المفاوضات رأى دي ميستورا ضرورة "التحلي بالصبر و العزيمة" مشيرا إلى أن " العنصرين موجودان ولكن الأهم التحضير حتى الوصول إلى اللحظة المناسبة". - اتهامات متبادلة بين وفدي الحكومة و المعارضة - من جانبه، قال رئيس الوفد الحكومي السوري إلى المفاوضات السفير بشار الجعفري - في مؤتمر صحفي في مقر الأممالمتحدة - "للأسف، انتهت هذه الجولة ولم نتلق رد الأطراف الأخرى على أي ورقة من أوراقنا"، مشيرا إلى أن وفده قدم "أوراقا" عدة إلى دي ميستورا ليطرحها على المعارضة كان أولها ورقة تتعلق بمكافحة الإرهاب وورقة مبادئ عامة للحل السياسي في سوريا". ولفت إلى أن هذه الأوراق تتعلق بإيجاد أرضية منطقية للبدء بقضايا الدستور مشيرا إلى أن وفد الحكومة السورية في محادثات جنيف "كان يتوق إلى إحراز تقدم، لكن ذلك لم يحدث". وقال الجعفرى " إن هذا لم يعد مستغربا لأنهم (المعارضة) لا يريدون مكافحة الإرهاب ولا يريدون حلا سياسيا إلا إذا كان على مقاس أوهامهم التي أثبتت السنوات والحقائق أنها لم ولن تتحقق"مضيفا أن "هؤلاء (وفد المعارضة) لم يكن على ألسنتهم الا كلمة واحدة أو وهم واحد ألا وهو أن نسلمهم مفاتيح سوريا والسلطة في سوريا وأنهم أثبتوا في هذه الجولة آرائهم السخيفة والمنحرفة". وحول العوائق التي واجهت جولة جنيف، قال الجعفرى إن السبب الأول هو "عدم وجود شريك وطني" وثانيا "لا توجد إرادة سياسية لدى رعاة الإرهاب (بحسب الجعفرى) ورعاة هذه المنصات المعارضة لتحقيق تقدم سياسي". بدوره قال رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات نصر الحريري، بعد آخر لقاء مع دي ميستورا في هذه الجولة، "لا أستطيع أن أقول إن المفاوضات نجحت أو فشلت، نعرف أننا جئنا إلى مفاوضات "صعبة وشاقة مع طرف "لا يريد الوصول إلى الحل السياسي" على حد قوله في إشارة إلى وفد الحكومة السورية. - الجيش السوري يواصل استعادة مزيد من المناطق - على الصعيد الميداني يواصل الجيش السوري استعادة مزيد من الأراضي من قبضة الفصائل المسلحة حيث نفذ اليوم هجوما على مواقع المسلحين بمدينة "حلفايا" شمال محافظة حماة، وسط سوريا و التي تعد آخر معاقل المسلحين في محافظة حماة. وحسب التقارير الإعلامية فقد تراجع المسلحون إلى المدينة بعد سلسلة من الهزائم الكبيرة في المناطق المجاورة. و على الصعيد ذاته غادرت دفعة جديدة من المسلحين والمدنيين حي الوعر بمدينة حمص وسط سوريا باتجاه ريف إدلب شمال غرب البلاد بموجب اتفاق للمصالحة المتوصل إليه في 13مارس الماضي حسبما ذكر الإعلام الرسمي أمس السبت. وتابعت أن "600 من المسلحين وبعض عائلاتهم" خرجوا اليوم من حي الوعر على متن 42 حافلة باتجاه ريف إدلب شمال غرب سوريا "وفق البرنامج المحدد لتنفيذ اتفاق المصالحة". و في انتظار تحقيق المصالحة الشاملة و النهائية في سوريا يبقى عدد اللاجئين السوريين في ارتفاع حيث قال مفوض الأممالمتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أول أمس ان "عدد اللاجئين من الرجال والنساء والأطفال الفارين منذ ست سنوات من الحرب في سوريا، قد تجاوز 5 ملايين لاجئ". و دعا المسؤول الأممي المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهود لمساعدتهم، مشيرا إلى أن الطريق "لازال "طويلا أمام توسيع نطاق إعادة التوطين".