تتحول الشوارع الكبرى للجزائر العاصمة بحلول فصل الصيف إلى وجهة للعديد من الزوار الذين يفضلون ساعات الليل الأولى للتجوال عبرها إلا أنهم يجدون حركية محتشمة. و يبحث عشاق مدينة "البهجة" بمناسبة فصل الصيف عن فسحة ملائمة تمنحهم فرصة اكتشاف المدينة بعيدا عن ضوضاء النهاري مدفوعين بما روج في السنوات الأخيرة عن مزايا مشروع "العاصمة لا تنام" الذي أطلقته السلطات العمومية تشجيعا للسياحة المحلية في ولاية الجزائر. و تستقطب قاعات الشاي و المقاهي التي مدت طاولاتها إلى الأرصفة المقابلة للمحلات بشوارع العربي بن مهيدي وديدوش مراد خصيصا أعدادا متتالية من المواطنين على مدار اليوم و إلى ساعات متقدمة من السهرة يبقى بعضها مفتوحا لرواد السهر و السمر. إلا أن كثير من هذه المقاهي يسدل ستاره المعدني "في وجه الساهرين" على حد قول أبو بكر من وادي سوف المتواجد بالعاصمة أملا في "العثور" على ما يفتقده هناك بولايته الجنوبية. و تتفق سيدة مغتربة كانت جالسة بمقهى بشارع العربي بن مهيدي رفقة بناتها وتقول إنه لم يكن لهن متسع من الخيار للجلوس في هذا المكان أو ذاك. في إشارة منها إلى أن أغلب المحلات التي يراها المارة مفتوحة نهارا تقفل سريعا مع غروب الشمس. وتكفي إطلالة أفقية على شوارع العاصمة الكبرى للتأكد من حالة "التصحر" الذي ميز صيف 2017 ي حيث يتوقف النشاط التجاري دواليك لينتهي قبل حلول الثامنة ليلاي وترى الأضواء خافتة إلا تلك المنبعثة من مطاعم و مقاهي مددت من عمر برنامجها اليومي. و حفظت بعض قاعات الشاي و المقاهي ماء وجه المدينة حيث سجلت التزام أصحابها بدفتر الشروط الذي يربطهم ببلدية الجزائر الوسطى و الذي ينص على استمرار النشاط إلى غاية منتصف الليل وذلك على مدار السنة. وتقول السيدة بن غالية مهدية عضو المجلس الشعبي البلدي للجزائر الوسطى مكلفة بالنشاط الثقافي و الاجتماعي إن هناك 15 قاعة شاي و مقهى حصلوا على تصريح من البلدية لوضع كراسي وطاولات على الأرصفة بغية استقطاب الزبائن و إحياء المحيطي و ثمة على الأقل 10 من هؤلاء يلتزم يوميا بالعمل إلى ساعة متأخرة (منتصف الليل). و توضح المتحدثة لواج أن هناك مراقبة دورية و مستمرة لهؤلاء التجار الذين يتعرضون في حال خرقهم لبنود العقدي إلى غلق المحل لمدة 3 أيام كأقصى تقديري مؤكدة أن البلدية لا تملك سلطة ردعية أكثر من ذلك. و تذكر المتحدثة في معرض حديثها عن الحياة ليلا بالعاصمة الجزائر أن تطبيق تعليمة والي الولاية يجب أن يشارك فيها كل القطاعات المعنية و المسؤولة على توفير سياق اجتماعي محفز و أن الامر يتعلق بالنشاط التجاري ككل و ليس حكرا على نشاط معين. في إشارة منها إلى قطاع التجارة و النقل و الكهرباء و النظافة. وعن الحدائق التي استفادت مؤخرا من تهيئة بقلب العاصمة أوضحت السيدة بن عالية أن حديقتي تيفريتي و صوفيا تسجلان نشاطا كل أيام الثلاثاء و الخميس لصالح الأطفال وذلك في انتظار استلام حديقة الحرية في غضون الأشهر المقبلة. و تسعى بلدية الجزائر إلى تطبيق مشروع "العاصمة لا تنام" عن طريق الإبقاء على نشاط "يوم بلا سيارات" كل يوم جمعة و تحويل الشوارع الكبرى إلى مساحات للترفيه و اللعب لفائدة الجميع على حد قول المصدر ذاته. علما أن الجزائر العاصمة التي تحصي 65 ألف ساكني تستقطب يوميا ما يربو عن مليون ونصف زائر حسبما تصريح صحفي سابق لرئيس بلدية الجزائر حكيم بطاش. ورغم البرنامج الفني و الثقافي المسطر من قبل مؤسسات ثقافية بالعاصمة إلا أن سهرات مسرح الهواء الطلق العادي فليسي سجلت جمهورا متواضعا رغم الأسماء الفنية العربية و الدولية المبرمجة وكذلك قاعة ابن خلدون عرفت نفس المصيري في الوقت الذي تدفقت العائلات على منتزه الصابلات و المراكز التجارية بباب الزوار و حي مختار زرهوني. و يفسر سبع سليماني خبير سياحي و صاحب مجلة مختصة هذا العزوف بالقول إن مبادرة "العاصمة لا تنام" التي سارعت السلطات الولائية إلى تنفيذها هي "خطوة" تحتاج إلى "صبر ووقت طويل لإعادة بناء الذهنيات و تعويد الجزائري مرة أخرى على سلوكيات اجتماعية فقدها بمرور السنوات". و لملامسة النتائج المرجوة يضيف السيد سبع بالقول إن الأمر لا يتعلق فقط بتنفيذ الأوامر فحسب بل بتوفير "خيارات واسعة" للمواطنين وكذا "تشجيع السياحة الفعلية (السياح الاجانب) " لإخراج العاصمة من سباتها المبكر.