فتحت مراكز الاقتراع في مدن وبلدات إقليم كردستان في شمال العراق أبوابها اليوم الإثنين، أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم في استفتاء حول انفصال إقليمهم عن العراق وإقامة دولة كردية مستقلة، وذلك رغم رفض الحكومة المركزية العراقية لهذا لاستفتاء وتحذير المجتمع الدولي من العواقب الوخيمة التي ستنجر عنه، خاصة في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تعيشها العراق. فقد فتحت مكاتب الاقتراع اعتبارا من الساعة 8:00 صباحا (5:00 بتوقيت غرنيتش)، لاستقبال ما بين ما بين 3 ملايين و300 ألف إلى 3 ملايين و500 ألف مواطن للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء. ووفقا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء بإقليم كردستاني فقد تم تجهيز 12 ألف مركز اقتراع في عموم الإقليم، منها 7 آلاف مركز في محافظات الإقليم الأربعة، و5 آلاف مركز في المناطق الكردستانية الواقعة خارج إدارة الإقليمي على أن تعلن النتائج النهائية خلال 72 ساعة. ويعتبر إقامة الاستفتاء في كركوك من أبرز التحديات التي تواجه السلطات الكردية، خاصة أنها من المناطق المتنازع عليها بموجب الدستور العراقي. وسيكون على الناخبين الإجابة خلال هذا الاستفتاء على سؤال: "هل تريدون أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردية الواقعة خارج إدارة الإقليم دولة مستقلة؟". ونظرا للتنوع السكاني للإقليمي تمت طباعة بطاقات التصويت باللغات الكردية والعربية والتركمانية والسريانية. وفي حال "قيام" دولة كردستان، ستشمل بطبيعة الحال أقاليم (دهوك وإربيل والسليمانية وحلبجة)، كما ستشمل مناطق متنازع عليها مع الحكومة العراقية في محافظاتكركوك ونينوى وصلاح الدين و ديإلى، التي سيطرت عليها قوات "البشمركة" الكردية في عام 2014 بعد طرد مسلحي ما يسمى ب"تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)" الإرهابي منها، وخضعت منذ حينها لحكومة الإقليم. يشار إلى أن نتائج هذا الاستفتاء لن يترتب عنها إعلان فوري عن استقلال الاقليم، بل ستشكل نقطة انطلاق لمسار المفاوضات مع حكومة بغداد حول قضايا جوهرية بما فيها ترسيم الحدود. وكان مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراقي قد أصدر قرارا حدد فيه 25 سبتمبر موعدا لإجراء استفتاء استقلال كردستان عن البلد الأم العراقي وذلك رغم رفض الحكومة المركزية العراقية تنظيمه. استفتاء الانفصال يثير ردود فعل معارضة إقليميا ودوليا قوبل قرار رئيس إقليم كردستان العراق المصمم على تنظيم استفتاء للانفصال وإقامة دولة مستقلة، برفض قاطع من قبل الحكومة المركزية العراقية، باعتباره "غير دستوري وأحادي الجانب"، كما أثار ردود فعل معارضة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث ترفضه كل من إيرانوتركيا اللتان تؤكدان دعمهما للحكومة العراقية في الحفاظ على وحدة تراب بلادها، كما تعارض الولاياتالمتحدة وبريطانيا إجراءه في هذا التوقيت خشية زعزعة استقرار العراق، ورأت أنه سابق لأوانه وأنه سيؤثر بالسلب على الحرب التي يخوضها العراق ضد الإرهاب، كما سيؤدي إلى تأخر تنمية العراق. وفي هذا الصدد، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رفض بلاده "الثابت" لاستفتاء إقليم كردستان ل"عدم دستوريته"، مشددا على أن "الأولوية تكمن في الحرب على الإرهاب وتحرير كامل الأراضي العراقية ". وخلال لقائه مع العبادي ببغداد، جدد رئيس بعثة الأممالمتحدة في العراق يان كوبيتشي التأكيد على موقف الأممالمتحدة "الواضح برفض الاستفتاء في إقليم كردستان وأهمية اللجوء إلى الحوار". وأوضح أن الإجماع الدولي "كان واضحا في بيان مجلس الأمن الدولي الذي أبدى معارضته للاستفتاء الأحادي الجانب، لأن من شأنه زعزعة الاستقرار في المنطقة"، مشددا على أن "دول العالم متمسكة بسيادة العراق ووحدته وسلامة أراضيه". كما أعرب المجلس - في بيان له قبل أيام - عن قلقه إزاء "التأثيرات المزعزعة للاستقرار التي قد تنجم عن مشروع حكومة إقليم كردستان إجراء استفتاء بصورة أحادية الجانب". ومن جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم، أن استفتاء إقليم كردستان "غير قانوني وغير دستوري ويعد لاغيا"، مشددا على "أهمية الوحدة العراقية"، و أشار إلى أنه "سيكون هناك رد من تركيا على الاستفتاء على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني". وكانت وزارة الخارجية التركية قد أعلنت في وقت سابق أنها "لا تعترف بالاستفتاء وستعتبر نتيجته باطلة"، مشددة على أنها ستتخذ "كافة الإجراءات" بموجب القانون الدولي في حال ما إذا أدى هذا الاستفتاء إلى تهديد الأمن القومي التركي، باعتبار أن حكومة إقليم كردستان العراق "تهدد السلام والاستقرار في العراق والمنطقة بأسرها". وبدوره، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرليم أن بلاده ستتعامل فقط مع السلطات العراقية المركزية في كل الشؤون، وأن المطارات والمعابر وأنابيب النفط شمال العراق ستكون تحت تصرفها، مشيرا إلى أن بلاده ستنسق مع بغداد لمنع "فرض أمر واقع" في كركوك. كما أشار إلى أن تركيا "ستتعاون مع السلطات الإيرانية لمواجهة حزب العمال الكردستاني، والتطورات المحتملة في كركوك عقب الاستفتاء". و من جانبها، أعلنت الخارجية الإيرانية في وقت سابق اليوم عن إغلاق حدود بلادها البرية والجوية مع إقليم كردستاني بطلب من الحكومة العراقية واصفة الاستفتاء ب "غير القانوني وغير المشروع". ويرفض مسعود البارزاني رئيس إقليم كوردستاني هذه الآراء وأكد على أن الأكراد ماضون في إجراء استفتاء الاستقلالي بعد الاقتناع بعدم إمكانية البقاء مع العراق، مؤكدا على "تجديد الرغبة باستمرار علاقات الصداقة مع دول الجوار والالتزام بمبادئ القانون الدولي". كما عبر عن تفاؤله بالمستقبل بالقول: إن "المجتمع الدولي سيتعامل مع الواقع".