ستتشكل التهديدات الامنية التي تمس العالم العربي و مكافحة الجريمة بمختلف اشكالها و الهجرة غير الشرعية اهم القضايا التي ستطرح على جدول اعمال أشغال الدورة ال35 لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي ستحتضنه الجزائر يومي 7 و8 مارس الجاري. ويسبق الدورة التي يحتضنها المركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال بالجزائر العاصمة اجتماعات تحضيرية ممتدة من 05 الى 08 مارس, حسبما علم من مصدر مقرب من هذه الدورة. وسيتناول وزراء الداخلية العرب خلال هذا الاجتماع عدة ملفات تخص مواصلة التعاون الامني المشترك لمواجهة مصادر التهديدات التي تمس امن الدول العربية, بما في ذلك الارهاب الدولي وفروعه الخطيرة وكذا الاجرام العابر للأوطان والتطرف العنيف والتهديدات المستجدة المرتبطة بالإرهاب السيبرياني والجريمة الإلكترونية وظاهرة الهجرة غير الشرعية وغيرها من الآفات المهددة لكيان المجتمعات والدول العربية. وستكون الدورة -التي تنعقد تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة - فرصة لتجديد عزم الجزائر على المضي قدما في تفعيل العمل الأمني العربي وكذا نقل تجربتها الرائدة وأفضل الممارسات التي استخلصتها في مجال مكافحة الارهاب والتطرف العنيف المؤدي الى الارهاب, الى جانب اقتراح حلول نوعية وعملية على الصعيد العربي و الاقليمي. و ستتوج دورة الجزائر بعدة قرارات وتوصيات تسهم في توحيد التصورات العربية بشان القضايا الأمنية المختلفة. وقد سبق عقد الدورة ال 35 زيارات عديدة قام بها الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب, محمد بن علي كومان الى الجزائر كان أخرها في ديسمبر الفارط حيث تطرق فيها مع وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية نور الدين بدوي إلى الدور الفعال للمجلس في ضوء التحديات الأمنية الراهنة في الدول العربية, كما حضر بهذه المناسبة أيضا فعاليات بطولة الشرطة العربية لاختراق الضاحية المنظمة بالجزائر تحت اشراف الاتحاد الرياضي العربي للشرطة وهو أحد اجهزة المجلس وبمشاركة وفود 14 دولة. للإشارة فان الجزائر كانت دوما حاضرة في دورات هذا المجلس منذ تأسيسه سنة 1982, وسبق لها وان احتضنت الدورة ال32 للمجلس في مارس 2015 وقبلها الدورة ال17 في يناير 2000 ما يؤكد تمسك الجزائر بمبدأ استمرارية دورات المجلس كل سنة. ويهدف المجلس الى تنمية وتوثيق التعاون وتنسيق الجهود بين الدول العربية في مجال الامن الداخلي ومكافحة كافة انواع الجريمة من خلال اختصاصاته المتمثلة في رسم السياسية العامة التي من شانها تطوير العمل العربي المشترك واقرار الخطط الامنية العربية المشتركة, الى جانب انشاء هيئات واجهزة ملائمة لتنفيذ مهامه, وتشكيل لجان خاصة والاستعانة بالخبراء والمستشارين لتقديم اقتراحات وتوصيات, واقرار برامج عمل سنوية تقدمها الامانة العامة, بالإضافة الى دعم الاجهزة الامنية العربية ذات الامكانيات المحدودة مع تعزيز وسائل التعاون مع الهيئات الدولية المعنية باختصاصاته. و للقيام بمهامه يتوفر المجلس على العديد من الاجهزة منها الامانة العامة ومقرها تونس وهي بمثابة الجهاز التنفيذي والفني والاداري للمجلس وتقوم بمتابعة تنفيذ كل ما يصدر عن المجلس من قرارات. وتحوز الامانة العامة بدورها على خمسة مكاتب متخصصة وهي المكتب العربي لمكافحة الجريمة, والمكتب العربي لشؤون المخدرات بالإضافة الى المكتب العربي للحماية المدنية والانقاذ والمكتب العربي للإعلام الامني الى جانب المكتب العربي لمكافحة التطرف والارهاب. كما يتوفر المجلس على جامعة نايف العربية للعلوم الامنية ومقرها الرياض وهي تعمل على اثراء البحث في مجال الدراسات والأبحاث الميدانية الخاصة بالوقاية من الجريمة ومكافحتها والعلوم الشرطية, كما تسعى الى النهوض بمستوى التدريب في مجال الوقاية من الجريمة ومكافحتها على الصعيد العربي واعداد المدربين وتنمية الروابط مع المؤسسات العملية والاجتماعية والشرطية العربية . وفي المجال الرياضي يتوفر المجلس على الاتحاد الرياضي العربي للشرطة ومقره القاهرة حيث يتولى تشجيع ونشر الرياضية بين المنتسبين لأجهزة الشرطة والامن بالعالم العربي ويسهر على تنظيم دورات ومسابقات رياضية بين فرق الشرطة العربية في مختلف التخصصات الرياضية. كما يتوفر المجلس أيضا على شعب الاتصال التي تتولى مهام التنسيق بين الدول العربية والامانة العامة للمجلس ومكاتبه واجهزته . ومن بين الاعمال المنجزة من طرف مجلس وزراء الداخلية العرب وضع الاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب وابرام عدة اتفاقيات منها الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب والاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الارهاب, كما أقر سنة 2002 القانون العربي النموذجي لمكافحة الارهاب. اما في مجال مكافحة المخدرات فقد تمكن المجلس من وضع الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية سنة 1986 وخطة اعلامية عربية موحدة لمكافحة أفة المخدرات في 1994 الى جانب انجازات اخرى في مجال السلامة المرورية والحماية المدنية. للإشارة احتضنت تونس الدورة الاخيرة ال(34) للمجلس في أبريل 2017 حيث ناقش عدة ملفات منها وضع استراتيجية موحدة لحماية الشباب من التطرف. وخلال هذه الدورة عرض وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية تجربة الجزائر في مكافحة الارهاب من خلال مقاربة شاملة ترتكز على محاور امنية واقتصادية واجتماعية.