تعرف العلاقات الاقتصادية بين الجزائر و ايطاليا ديناميكية متزايدة مع تسجيل مبادلات تجارية هامة لكنها تحتاج لمضاعفة الشراكات المتنوعة في النشاطات المنتجة. في هذا الاطار ستشكل زيارة رئيس مجلس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتيي المنتظرة يوم الاثنين فرصة للبلدين لبحث سبل و وسائل توسيع التعاون الاقتصادي. و يبقى قطاع الطاقة مهيمنا على العلاقات الاقتصادية الجزائرية-الايطالية و الذي اصبحت بفضله ايطاليا منذ عدة سنوات على رأس قائمة زبائن الجزائر. و قد بلغت صادرات الجزائر نحو ايطاليا و التي تتكون أساسا من المحروقات 55ر5 مليار دولار سنة 2017ي بارتفاع 4ر6 بالمئة مقارنة ب2016 . و خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2018 احتلت ايطاليا المرتبة الأولى بين زبائن الجزائر بصادرات بلغت 43ر4 مليار دولار أي بارتفاع 8ر3 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من 2017. و تعد ايطاليا واحدة من أهم وجهات الغاز الطبيعي الجزائري بفضل أنبوب الغاز "ترانس-ميديتيرانيان" الذي يسمى أيضا أنبوب الغاز "انريكو ماتاي" و هو ثمرة شراكة وقعت سنة 1977 بين المجمع الوطني للمحروقات سوناطراك و الشركة الطاقوية الايطالية "إيني". و يتفاوض المجمعان حاليا حول تجديد عقود التصدير التي تنتهي آجالها سنة 2019. من جهة أخرى تواصل سوناطراك و إيني جهودهما بحثا عن فرص جديدة للتعاون الطاقوي. و في هذا الاطار, وقع الطرفان, يوم الاثنين الماضي في الجزائر,اتفاقية حول التنقيب وتقييم القدرات البترولية في حوض في عرض البحر بالجزائر في جهته الشرقية على مساحة تقدر ب15.000 كلم 2. كما وقعت الشركتان مؤخرا اتفاقية من اجل تنازل المجمع الايطالي ل49 بالمائة من حصص سوناطراك في ثلاثة مواقع استكشاف وهي زملات العربي وسيف فاطمة وارحود 2. وستمول عقود البحث والاستغلال, والتي تمتد على مدار 25 سنة, بنسبة 51 بالمائة من طرف سوناطراك و 49 بالمائة من طرف الشركة الايطالية ايني. و عليه , ينتظر في اطار الشراكة بين سوناطراك وايني ,وضع برنامج التنقيب بقيمة استثمار تفوق 80 مليون دولار,بالإضافة الى برنامج اشغال التطوير والذي يقدر بأكثر من مليار دولار. كما ستساهم ايني في تجسيد برنامج انشاء محطات جديدة للطاقة الكهروضوئية حيث ستدخل المحطة الاولى حيز التنفيذ قريبا وهذا في ولاية ورقلة, بطاقة انتاج تقدر ب 10 ميقا وات. وعلى صعيد اخر,سيستفيد مجمع سوناطراك من الخبرة الايطالية لتجسيد برنامجه الواسع في مجال البتروكيمياء. للإشارة, وقع مجمع سوناطراك في 2017 اتفاقية تفاهم مع المؤسسة الايطالية فرسالي من اجل القيام بدراسات متعلقة بمشاريع بيتروكيميائية. وتتعلق اتفاقية التفاهم مع فرسالي (فرع ايني) بدراسات جدوى لإنجاز مركبات بيتروكيميائية في الجزائر وكذا تعزيز الشراكة بين المجمعين في مجال البتروكيمياء. ولكن في انتظار تحقيق هذا البرنامج الطموح, قامت سوناطراك بالتوقيع في شهر مايو المنصرم, اتفاقية مع الامريكي اكسون موبيل والمتعلق باقتناء مصفاة اوغسطا في ايطاليا,بطاقة معالجة تقدر ب 10 مليون طن في السنة. و سيسمح اقتناء هذه المصفاة بالتقليص بصفة محسوسة من فاتورة استيراد الوقود. و لكن,امام هيمنة قطاع المحروقات على العلاقات الاقتصادية مع ايطاليا, تعكف الجزائر حاليا على امكانية تنويع الشراكة مع هذا الشريك الاوروبي,من خلال بعث الألة الانتاجية الوطنية. كما أن ايطاليا مدعوة الى الاستفادة من المكانة المميزة لمنتجاتها في السوق الجزائرية من اجل تعزيز استثماراتها بالجزائر خارج المحروقات حيث تسعى الجزائر الى التقليص من فاتورة الاستيراد بمنح الأولوية للمنتوج الوطني. تجدر الاشارة, ان ايطاليا تعتبر الممون الثالث للجزائر ب 75ر3 مليار دولار في سنة 2017 . وخلال الاشهر التسع الاولى ل2018 ,اقتنت الجزائر من ايطاليا منتجات بقيمة 8ر2 مليار دولار,أي بارتفاع 6 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2017. ولكن في مجال الاستثمارات, يبقى الحضور الايطالي محتشم. فحسب تقرير الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمارات فان الاستثمارات المشتركة المصرح بها,خلال الاشهر التسعة الاولى من سنة 2017 (اخر الارقام المتوفرة) تمكنت ايطاليا من احتلال المرتبة الحادية عشرة بمشروعين اثنين فقط بقيمة 429 مليون دينار. وفي اطار الاعمال التي تهدف الى دفع الشراكة الثنائية,قام كل من منتدى رؤساء المؤسسات و سفارة ايطاليابالجزائر باستحداث منتدى اعمال جزائري ايطالي,من شانه وضع اطار للتعاون بين شركات البلدين,مما سيسمح بتشجيع اكثر شراكات مستدامة ومتنوعة. وعلى صعيد اخر, ستنظم القنصلية العامة للجزائر,يوم 29 نوفمبر الجاري في ميلان,منتدى اقتصادي جزائري ايطالي حول فرص الاستثمار في الجزائر وهذا بالتعاون مع الجمعية المهنية الايطالية " اسولومباردا". و سيشارك قرابة 80 رجل اعمال ايطالي اكثرهم اعضاء في هذه الجمعية,في هذا المنتدى الاقتصادي الذي يعتبر تتمة للمنتدى الاول الذي نظم في 2016 في ميلان. تجدر الاشارة ان زيارة جوزيبي كونتي الى الجزائر تعتبر الاولى ,وهذا بعد تعيينه كرئيس مجلس الوزراء الايطالي في شهر مايو المنصرم.