ألقى فيروس كورونا بظلاله خلال سنة 2020 على مختلف القطاعات بولاية تبسة على غرار باقي ولايات الوطن لكنه لم يثن بالمقابل من عزيمة مسؤولي قطاع الفلاحة بالولاية الذين أولوا أهمية قصوى لتطوير شعبة غراسة الزيتون واستخلاص زيته مستغلين في ذلك الطابع الفلاحي والرعوي لهذه الولاية الحدودية. وقد ركزت مديرية المصالح الفلاحية على عامل "المرافقة الميدانية للفلاحين" من خلال تسخير تقنيين ومختصين في المجال للإشراف على الدورات التكوينية والخرجات المنظمة دوريا من طرف المصالح الفلاحية لمتابعة الفلاحين وتكوينهم في مجال المسار التقني الواجب اتباعه, حسب المدير الولائي للقطاع, السعيد ثامن. وأضاف السيد ثامن بأنه جندت كافة الوسائل المادية والبشرية لضمان السير الحسن لعملية جني الزيتون وعصر زيته التي انطلقت مطلع شهر أكتوبر المنصرم وستتواصل إلى غاية شهر مارس المقبل بالتنسيق مع غرفة الفلاحة. واستنادا للمدير الولائي للقطاع, تم برسم الموسم الفلاحي 2019-2020 إنتاج ما لا يقل عن 1,6 مليون لتر من زيت الزيتون, مشيرا إلى أن توقعات الإنتاج للموسم الجاري 2020-2021 تتعدى 2,4 مليون لتر مما "سيجعل الولاية قطبا هاما على المستوى الوطني في مجال إنتاج الزيتون وعصر زيته". وتتربع الولاية على مساحات هامة مخصصة لشعبة غراسة الزيتون, حسب ما كشف عنه السيد ثامن الذي أفاد بأنها "عرفت تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة في ظل توفر المساحات والمناخ الملائم". وتقدر المساحة الفلاحية المخصصة لهذه الشعبة بتبسة بقرابة 10 آلاف هكتار تتوزع خاصة عبر عدد من البلديات الجنوبية أهمها بئر العاتر وفركان ونقرين وصفصاف الوسرى, حسب ما أفاد به ذات المسؤول بتعداد يفوق 1,17 مليون شجرة زيتون منها قرابة مليون شجرة مثمرة مع إنتاج سنوي يصل إلى 97 ألف قنطار من الزيتون منها 8500 قنطار من زيتون المائدة في حين توجه بقية الكمية للعصر. اقرأ أيضا : جني الزيتون بالبويرة: عودة الفلاحين إلى الحقول مستثمرات فلاحية جديدة ومتابعة منتظمة لتطوير الشعبة وبهدف تعزيز القدرات الإنتاجية في مجال غراسة الزيتون واستخلاص زيته بولاية تبسة تميزت سنة 2020 على الرغم من الظروف الصحية والاجتماعية الاستثنائية المرتبطة بتفشي فيروس كورونا المستجد، بدخول حيز الاستغلال عدة مستثمرات فلاحية جديدة في هذا المجال والتي تضم مساحات هامة لغراسة الزيتون تسمح بتعزيز القدرات الإنتاجية المحلية من الزيتون وزيته. وأكد السعيد ثامن بأن "دخول هذه المستثمرات الفلاحية الجديدة الموزعة عبر عدد من البلديات الحدودية بجنوب ولاية تبسة حيز الخدمة مكن من رفع الإنتاج المحلي في مجال الزيتون بمختلف أصنافه خاصة الموجه منه للعصر". وسلط من جهته السيد حسين مناس الناشط في شعبة غراسة الزيتون منذ سنة 2000 الضوء على الظروف المناخية الملائمة لنجاح هذه الغراسة بالمنطقة الجنوبية للولاية, مفيدا بأن هذه الشعبة تتميز بتنوع المحاصيل التي ذكر منها "الزيتون الفركاني وشملول وسيقواس". ويعرف صنف "الزيتون الفركاني" بجودته العالية من بين 46 صنفا من الزيتون "حتى أن شهرته تعدت الحدود الجزائرية", حسبما اعترف به السيد مناس الذي يمتلك في الوقت الراهن ما لا يقل عن 3.600 شجرة زيتون منتجة بمردود يتجاوز 600 قنطار سنويا. واستنادا لهذا المستثمر الفلاحي فإن "هذا النوع من الزيتون يلقى رواجا كبيرا في أوساط الفلاحين بسبب مردوديته العالية وجودة زيته المتحصل عليه بعد العصر", مؤكدا بأنه "يمكن استخلاص 32 لترا من أجود أنواع زيت الزيتون من القنطار الواحد منه". وأضاف بأنه "ينتج سنويا ما لا يقل عن 12 ألف لتر من أجود أنواع زيت الزيتون البكر", مشيرا إلى أنه يطمح إلى رفع إنتاجه إلى 50 ألف لتر في المستقبل القريب فور دخول آلاف الشجيرات التي هي حاليا في طور النمو لمرحلة الإنتاج". وقال السيد مناس بأنه يطمح وبالتنسيق مع عدد من الفلاحين إلى "توسيع المساحات المخصصة لغراسة أشجار الزيتون بذات الجهة بغية تمكين الولاية من تصدر الترتيب الوطني في هذه الشعبة من ناحية الإنتاج والجودة". معصرة "الشجرة المباركة" تفتك الجائزة الأولى وطنيا من ناحية الجودة وقد تألقت ولاية تبسة خلال هذه السنة ضمن فعاليات الطبعة الثالثة من مسابقة "أبوليوس 2020" لأفضل زيت زيتون بكر ممتاز جزائري والتي افتكت في أعقابها معصرة "الشجرة المباركة" لإنتاج وعصر زيت الزيتون البكر المرتبة الأولى وطنيا وأحرزت الميدالية الذهبية. وقد حققت هذه المعصرة العصرية والتي تم إنشاؤها سنة 2013 لصاحبها حسين مناس بمنطقة عقلة أحمد التابعة اقليميا لبلدية بئر العاتر (90 كلم جنوبتبسة) هذا التتويج عن فئة "الثمار الناضجة" من بين عشرات المشاركين من مختلف ربوع الوطن. وكانت لجنة تحكيم المسابقة والمكونة من تسع خبراء من داخل وخارج الوطن مختصون في تذوق زيت الزيتون البكر قد أعلنت خلال السداسي الثاني من السنة الجارية عن فوز هذه المعصرة عن منتوجها الذي كان "أصلي طبيعي خال من أي إضافات لموسم إنتاج الزيتون وعصر زيته 2019-2020". وقال السيد حسين مناس صاحب المعصرة والمتوج بالجائزة الأولى أن "هذا التتويج يعد تحفيزا للمضي قدما في هذا الاستثمار الواعد", مؤكدا أنه "يطمح لتوسيع مشروعه الذي يضمن عشرات مناصب شغل بغية رفع القدرات الإنتاجية". كما اعترف بأن مشاركته في هذه المسابقة التي تهدف إلى تعزيز روح المنافسة بين منتجي زيت الزيتون على المستوى الوطني "سمحت له بالالتقاء مع عدة مستثمرين في هذا المجال وتبادل الخبرات والتجارب معهم". وعن فكرة الاستثمار في مجال زيت الزيتون وإنشاء هذه المعصرة قال السيد مناس بأن "طبيعة بلدية بئر العاتر والمناطق الجنوبية المجاورة لها والمعروفة بوفرة إنتاج الزيتون وكثرة الأشجار المثمرة من مختلف الأنواع كانت السبب الرئيسي وراء ولوجه هذا العالم بغية التخفيف من معاناة الفلاحين بخصوص عصر زيت الزيتون". وأعرب السيد مناس, في الختام,عن طموحه في تسويق منتوجه عبر كامل الولايات غير مستبعد بذلك "تصديره نحو مختلف دول العالم".