يسود الصومال حالة من الاحتقان السياسي بسبب تأجيل الانتخابات العامة، وذلك لاستمرار الخلاف بين المسؤولين حول آلية إجراء هذا الموعد الاستحقاقي، وسط دعوات أممية ودولية لإيجاد حل مناسب "للمأزق السياسي" في البلد الواقع في القرن الافريقي. وعلى الرغم من عقد عدة جولات حوارية كان آخرها أوائل الشهر الجاري، تأجلت الانتخابات في الصومال أكثر من مرة دون تحديد موعد واضح لها، نتيجة لخلافات بين الحكومة المركزية من جهة، ورؤساء الأقاليم والمعارضة من جهة أخرى، حول بعض التفاصيل المتعلقة بآلية إجراءها. ومن أبرز نقاط الخلافات ما يتعلق بآلية تشكيل اللجان الانتخابية والمشرفين على تلك اللجان ودور رجال الأمن بها، والذين تطالب المعارضة بإبعادهم تماما عن اللجان، وأن يقتصر دورهم على التأمين فقط من الخارج، وحول مقاعد صوماليلاند (وهو كيان منفصل عن الصومال)، حيث تقترح الحكومة إجراء انتخابات في مقديشو، تجمع السياسيين المنحدرين من صوماليلاند المقيمين بالعاصمة، لكن الخلاف يكمن في كيفية اختيار مندوبي الإقليم. حيث ترى المعارضة أن الحكومة تريد تنصيب "موالين لها ليختاروا ممثلي صوماليلاند في البرلمان بمجلسيه وسيكون لديهم بعدئذ دور حاسم في تحديد هوية المرشح الفائز" والخلاف أيضا بين الحكومة وولاية إقليم جوبلاند ب 16 مقعدا في إقليم غدو، حيث تريد الحكومة إبقاء تلك المقاعد في مدينة غربهاري التي تسيطر عليها في حين يرفض قادة الإقليم ذلك ما لم ت نقل سلطة المدينة إليهم. وكان من المقرر اجراء الانتخابات العامة في الثامن فبراير الماضي عشية انتهاء مدة الولاية الدستورية للرئيس محمد عبد الله محمد، الذي يطلق عليه "محمد فرماجو"، في 8 فبراير من دون التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تنظيم انتخابات برلمانية و رئاسية، ما تسبب في اندلاع مظاهرات حاشدة في البلاد التي تعرف تفاقما في الوضع الأمني المتردي. وفي مسعى للوقوف ضد استمرار الرئيس المنتهية ولايته القانونية في السلطة، شكل مرشحو الرئاسة في الصومال ائتلافا، وبعثوا برسالة الليلة الماضية إلى رئيسة مجلس الأمن الدولي سفيرة بريطانيا السيدة باربرا وودوارد، طالبوا فيها مجلس الأمن ب "الاضطلاع عن كثب على الأوضاع في البلاد من أجل تنظيم العملية الانتخابية في أسرع وقت وضمان اقتراع توافقي ونزيه". واتهم المرشحون فرماجو وحلفاءه في الإدارة ب"رفض العمل من أجل انتخابات حرة ونزيهة"، مضيفين أنه "إذا لم يتدخل مجلس الأمن، فسيواصل فرماجو عرقلة جهود إضفاء الطابع الديمقراطي على العملية الانتخابية". وكان قادة المعارضة أكدوا أن "اعتبارا من الثامن فبراير 2021. لن يعترف مجلس اتحاد المرشحين للرئاسة الصومالية بفرماجو رئيسا ، بعدما انتهت مدة ولايته الدستورية، من دون التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تنظيم انتخابات برلمانية و رئاسية . وتعرض ثلاثة مرشحين للانتخابات الرئاسية المؤجلة، لهجوم دموي بفندق /المائدة/ وسط مقديشو من بينهم رئيسان سابقان إضافة الى رئيس البرلمان الأسبق. دعوات أممية ودولية الى ضبط النفس والحوار لإيجاد حل مناسب وفي سياق الجهود الحثيثة لإيجاد مخرج سياسي للازمة التي تهدد استقرار البلد، دعا نائب المندوب الصيني الدائم لدى الأممالمتحدة داي بينغ، في مؤتمر لمجلس الأمن، حول الصومال، عبر الفيديو، أمس الاثنين، جميع الأطراف في الصومال إلى إيجاد حل مناسب ل"مأزقهم السياسي". وقال الدبلوماسي الصيني "ندعو جميع الأطراف في الصومال إلى ممارسة ضبط النفس والحفاظ على الحوار وإبداء المرونة وإيجاد حل مناسب للمأزق السياسي في أقرب وقت ممكن"، معربا أن "الأمل في إجراء الانتخابات لإعادة الاستقرار السياسي في الصومال و"خلق بيئة مواتية" لتركيز الجهود على البناء الوطني". من جهته، قال جيمس سوان، الممثل الخاص لأمين عام الأممالمتحدة أن "الصومال يمر بلحظة فاصلة مهمة"، محذرا من أن "مواقف ونزاعات" القادة الوطنيين والإقليميين داخل البلاد، وخلافاتهم بشأن تأجيل الانتخابات البرلمانية، قد تفضي إلى أعمال عنف". وفي السياق، كانت الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وبعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، أصدرت في وقت سابق، بيانا حثت فيه النخب السياسية في الصومال على السعي من أجل إقامة حوار وشددوا على أن"أي تهديد باستخدام العنف شيء غير مقبول". ويمثل سيناريو تأجيل الانتخابات شهورا عديدة - حسب محللين سياسيين - تهديد الاستقرار الصومال، ما لم يحدث توافق سياسي شامل، حيث من المحتمل أن يواجه البلد فراغ ا دستوريا، في ظل غياب آلية قانونية تمك ن الحكومة الحالية من الاستمرار في الحكم بعد انتهاء ولايتها في 8 فبراير.