لا تزال الأزمة السياسية في السوادان تراوح مكانها بعد أن وصلت المفاوضات بين القوى العسكرية والمدنية إلى "طريق شبه مسدودة"، وسط دعوات الى عصيان مدني شامل في كل أنحاء البلاد لمدة يومين. يأتي ذلك في وقت يتمسك فيه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الموجود تحت الإقامة الجبرية بشروطه إطلاق سراح جميع المعتقلين من قادة السلطة الانتقالية والسياسيين والناشطين والالتزام الصارم بالوثيقة الدستورية قبل الدخول في أي حوار مع الجيش السوداني، حسبما ذكرت تقارير صحفية. إقرأ أيضا: الاتحاد الإفريقي يعلق عضوية السودان لحين عودة السلطة إلى الحكومة المدنية وأكد مصدران من حكومة حمدوك "تعثر المفاوضات"، وأن "قيادة الجيش رفضت العودة إلى مسار التحول الديمقراطي، كما يطالب حمدوك". وأضاف المصدران ل"رويترز" أن "الجيش شدد أيضا من القيود على حمدوك، وحد من قدرته على عقد اجتماعات أو إجراء اتصالات سياسية". أما قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، فقد أعلن في وقت سابق حرص القوات المسلحة على حماية الانتقال الديمقراطي في البلاد واستكمال هياكل الفترة الانتقالية، وصولا إلى انتخابات حرة ونزيهة تأتي بحكومة مدنية منتخبة تمثل تطلعات الشعب السوداني. في غضون ذلك، دعا تجمع "المهنيون السودانيون" إلى عصيان مدني يومي الأحد والاثنين، حيث قال في تغريدة على تويتر: "استعدادا للعصيان الشامل يومي الأحد والاثنين نبدأ بتتريس الشوارع الرئيسية". ودعت لجان المقاومة في الخرطوم والعديد من المدن الأخرى إلى "وضع المتاريس والحواجز لإغلاق كل الطرقات والشوارع الرئيسية والداخلية استعدادا لمواصلة العصيان المدني والإضراب السياسي الشامل حتى الثلاثاء المقبل"، بحسب التقارير. كما وجهت دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للجماهير السودانية بالخروج السلمي احتجاجا على عملية تولي الجيش السلطة وحل الإدارة الانتقالية التي كانت تقود البلاد والمكونة من فصائل مدينة وأخرى عسكرية. وكان التجمع قد أعلن أمس - بحسب المصادر - عن وثيقة جديدة تشمل المطالبة بتشكيل "سلطة انتقالية مدنية خالصة تمتد لأربع سنوات"، ودعا إلى "إعادة هيكلة القوات المسلحة" وكذا "حل قوات الدعم السريع شبه العسكرية القوية، التي كان زعيمها محمد حمدان دقلو المعروف ب(حميدتي)، نائب رئيس المجلس السيادي قبل حله في 25 أكتوبر الماضي". من جهتها، دعت لجنة أطباء السودان المركزية إلى الإضراب السياسي والعصيان المدني مع ضرورة علاج الحالات الطارئ بما يتماشى مع أخلاقيات المهنة. جهود دولية للإسهام في معالجة الأزمة وفي سياق الجهود الرامية لحل الازمة السياسية في البلاد، ينتظر أن يصل إلى الخرطوم في غضون الساعات القليلة المقبلة وفد عالي المستوى من الجامعة العربية، مكلف من الأمين العام، أحمد أبو الغيط، للإسهام في معالجة الوضع المتأزم في السودان. ويلتقي الوفد الذي يقوده مساعد الأمين العام، حسام زكي، القيادات السودانية من المكونات المختلفة، لدعم الجهود المبذولة لعبور الأزمة السياسية الحالية، في ضوء الاتفاقات الموقعة والحاكمة للفترة الانتقالية. إقرأ أيضا: التطورات في السودان : الجزائر تدعو جميع الاطراف الى الاحتكام الى الحوار وكان وفد رفيع من حكومة جنوب السودان، قد غادر أول أمس الخرطوم بعد أن فشل في ترتيب لقاء يجمع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لتجاوز الخلافات. كما غادر وفد من الاتحاد الإفريقي البلاد بعد فشل مساعيه أيضا. رئيس البعثة الأممية لدعم الانتقالي في السودان، فولكر بيرتيس، هو الآخر، ذكر في تصريحات، أن المحادثات أثمرت عن خطوط عريضة لاتفاق محتمل على عودة إلى تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين، لكنه أكد على ضرورة التوصل إلى ذلك الاتفاق خلال أيام قبل أن يتشدد الجانبان في مواقفهما. وكان مجلس الأمن الدولي، قد طالب "بعودة حكومة انتقالية يديرها مدنيون" مبديا "قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة". وعلقت الولاياتالمتحدة حزمة مساعدات اقتصادية للبلاد، بعد أن أزال الجيش هيكل السلطة الانتقالية. كما أعلن الاتحاد الافريقي، تعليق مشاركة السودان في جميع الأنشطة لحين عودة السلطة للحكومة الانتقالية المدنية، وأفاد بعثة إلى هذا البلد للتحاور مع الأطراف المعنية بشأن الخطوات اللازمة لتسريع استعادة النظام الدستوري، وشدد على ضرورة "إجراء عملية انتقال بقيادة مدنية وتوافقية في السودان، تماشيا مع الإعلان الدستوري و اتفاق جوبا للسلام، وكذلك مع تطلعات شعب السودان". واتخذ الجيش السوداني في 25 أكتوبر الماضي إجراءات فض بموجبها الشراكة بين المكونين العسكري والمدني في الائتلاف الذي كان يتولى إدارة السودان لفترة انتقالية ، حيث أعلن عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء. ومنذ الإعلان عن إحباط محاولة انقلابية في 21 سبتمبر الماضي، تصاعدت حدة الخلاف بين العسكريين والمدنيين الذين كانوا يتولون الحكم في السودان لفترة انتقالية.