أبرز مقال نشره الموقع الالكتروني لقناة /الحرة/ الامريكية, حالة الغليان الشعبي و المظاهرات الحاشدة و الاحتجاجات الغاضبة ضد الحكومة و الدولة في المغرب, جراء تدهور الوضع المعيشي للمواطنين وسياسة التفقير و التجهيل و قمع الحريات المتبعة منذ عقود, في ظل انعدام أي أفق للتغيير مع تعاقب الحكومات, وفقدان الثقة في السياسيين. وفي هذا السياق, أشار كاتب المقال عبد الرحيم التوراني الى سلسلة التظاهرات الشعبية الواسعة و الانتفاضات الحاشدة التي ملأت شوارع وساحات أهم المدن في المغرب في الاسابيع الماضية و التي انطلقت في البداية احتجاجا على قرار جواز التلقيح من أجل إسقاط إلزاميته للتنقل بين المدن وولوج المؤسسات الإدارية والفضاءات العامة و تحولت إلى الاحتجاج ضد الحكومة والدولة وضد رفع أسعار المواد الأساسية وقمع الحريات, وتعبيرا عن رفض سياسة التفقير والبطالة والتجهيل المتبعة منذ عقود, دون أن يغفل عن التذكير بأن قوات الامن واجهت كالعادة الحراك الشعبي المعارض بالعنف و الاعتقالات. يحصل هذا - يقول الكاتب - بعد أسابيع قليلة على تنصيب الحكومة الجديدة برئاسة رجل الأعمال عزيز أخنوش وبعد انتخابات برلمانية في 8 سبتمبر الماضي والتي منحت الصدارة لأحزاب "التجمع الوطني للأحرار" و"الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال". و يذكر الكاتب ان "النظام تمكن من القضاء على السياسة, ليجري حصرها في مفهومها الميكيافيلي بأنها فن الإبقاء على السلطة, وتوحيدها في قبضة الحكام بصرف النظر عن الوسيلة التي تحقق ذلك". و نقل الموقع عن مراقب سياسي مغربي قوله ان "ما يحصل حاليا في المغرب هو مزيد من انعدام الثقة في السياسيين, يعلي من ارتفاع نسبة العزوف عن المشاركة في العملية الانتخابية", مشيرا الى أن "أغلب العامة يحتقرون السياسة ويعتبرونها وسيلة انتهازية يلجأ إليها لصوص المال العام ومن يفتشون عن التربح والاغتناء السهل والاحتيال والخطب الكلامية". و استدل في ذلك بما حدث في التسعينيات من القرن الماضي "عندما لجأ الملك الحسن الثاني في آخر أيامه إلى تجربة "التناوب التوافقي" مع عبد الرحمن اليوسفي وكانت الغاية ضمان "الانتقال السلس" للعرش من ملك إلى ولي عهده. ولاحقا بعد أقل من سنة ونصف على إنشاء حكومة التناوب -يقول الكاتب- سيكتشف المعارض القديم عبد الرحمن اليوسفي, بعد الانقلاب على استمراره في منصبه وزيرا أول والحؤول دون استكمال تجربته الرائدة في "التناوب التوافقي", أنه تم استغفاله, إن لم يكن استغلاله, حين وثق بقواعد اللعبة السياسية, فإذا به يهمش على رفوف أمجاد الماضي والتاريخ, وهي رفوف لا مكان لها في أركان العهد الجديد". فالذي حصل بعد تجربة "حكومة التناوب" هو "انقسام جديد في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي (الذي ناضل في صفوفه اليوسفي) و اندحاره لمراتب الأحزاب الإدارية الصغرى والمهمشة وغير المؤثرة و اذابة أوصاله من ذاكرة النضال الشعبي, مقابل اشتداد قوة المخزن وتجدد سطوته". ويقول الكاتب أنه "في كلا التجربتين الاشتراكية والإسلامية, لم يسمح لأي منهما سوى برئاسة تحالف مبلقن من عدة أحزاب متباينة, ولم يكن بإمكان أي منهما تقديم برنامج يعتمد على مرجعيته, بل إن حزب العدالة والتنمية (ذو التوجه الاسلامي) (برئاسة رئيس الوزراء السابق سعد الدين العثماني) رغم تطبيقه لتعليمات حكومة الظل ورضوخه لضغوط القصر, تعرض وهو يمسك بشؤون تسيير الحكومة لهجومات ممنهجة من الأجهزة, عكستها بوضوح الصحف والمواقع المحسوبة على تلك الجهات". و خلص صاحب المقال الى أنه "أصبح هناك مشهد حزبي مخزني صاف, تتنافس فيه الألوان الحزبية على مدى ولائها للنظام المخزني, وقد نجحت السلطات في استقطاب معارضين وجلبت يساريين عتاة وسجناء سياسيين سابقين للسير في ركاب المخزن, صاروا يروجون أن المخزن أكثر حداثة وتقدما وديمقراطية من المجتمع ومن الأحزاب, مستدلين على ذلك بخطابات الملك". ليضيف الكاتب : "تتوالى النخب وتمضي وتحتضر على أعتاب النظام ويبقى "المخزن" ويحيا ويتجدد, ليستمر مفهوم السياسة حسب بينجامين دزرائيلي, رئيس وزراء بريطانيا في أواخر القرن التاسع عشر, بأنها فن حكم البشر عن طريق خداعهم".