شكلت مسالة إشراك ممارسي القانون سيما هيئة الدفاع في اثارة مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين، موضوع ورشة تكوينية نظمها المجلس الدستوري اليوم الخميس، بالتعاون مع برنامج الاممالمتحدة الانمائي بالجزائر وبمشاركة أساتذة ومختصين في القانون الدستوري و كذا ممثلين عن سلك المحاماة. وتمحورت جل تدخلات المشاركين في هذه الورشة حول دور أسرة الدفاع في تفعيل آلية الدفع بعدم دستورية القوانين لكونه المعني الاول حيث لا يمكن تفعيل هذا الإجراء من أجل تنقية النصوص القانونية او التنظيمية من كل ما من شانه المساس بالحريات المضمونة دستوريا دون سعي من المحامين. وفي هذا السياق، أوضح السيد براهمي الهاشمي، عضو المجلس الدستوري، ان الدفع بعدم دستورية القوانين هي من اختصاص المحامي وتعنيه بالدرجة الاولى لكونه هو الذي يمثل المتقاضي أمام القضاء العادي أو القضاء الاداري وهو المكون قانونيا ولذا فهو من يدفع بعدم دستورية القوانين. وأشار في هذا المقام إلى أنه منذ بدء العمل بهذا الاجراء، في مارس 2019، لم تتجاوز عدد الحالات ثلاثين كلها واردة من المحكمة العليا مرجعا السبب الى غياب الثقافة الدستورية وبالتالي فعلى مهنيي القانون السعي لنشر هذه الثقافة. وذكر في هذا الاطار أن المادة 195 من دستور نوفمبر 2020 التي وسعت بموجبها نطاق تطبيق الالية فتحت مجالا واسعا لكل متقاض للدفاع عن حقوقه وحرياته المكرسة دستوريا وستسمح بتنقية كل القوانين السابقة السارية المفعول. ومن جهته، ابرز المحامي رمضان غناي، دور الدفاع في تفعيل آلية الدفع بعدم دستورية القوانين التي تم ادراجها للمرة الاولى في التعديل الدستوري لفبراير 2016 مؤكدا أن المحامي هو المحرك الاساسي في ضمان جدية وقبول الدفع بالالية أمام الهيئات المختصة. كما نوه المتدخلون، في سياق ذي صلة، بالدور الكبير الذي تمارسه المحكمة العليا ومجلس الدولة في مسار الدفع بعدم الدستورية وفقا للنموذج الذي اعتمده المؤسس الدستوري الجزائري في هذا المجال اذ تمارس في كل الأحوال دور المصفاة النهائية والحاسمة في احالة الدفع الى المجلس الدستوري. وأثار المتدخلون خلال النقاشات مسألة احالة الدفع بعدم الدستورية أمام المجلس الدستوري من اختصاص حصريا مجلس الدولة والمحكمة العليا حسب الحالة لكي لا يشكل الدفع عاملا اضافيا قد يسبب تاخر المحاكم في معالجة القضايا المعروضة أمامها. كما يهدف المشرع باحالة الدفع الى المحكمة العليا أو مجلس الدولة لتفادي التدفق في القضايا التي تنتفي فيها صفة الجدية او تخلو من أي أساس قانوني أمام المجلس الدستوري ولذلك يمكن اعتبار ان وضع نظام التصفية على كل المستويات يعتبر ضروريا. وأوصى المشاركون على صعيد اخر بضرورة الإسراع في تعديل النصوص القانونية ذات الصلة بالية الدفع لضمان تحيين الكثير من الجوانب الاجرائية التي تتعارض مع هذه الالية. وفي مداخلتها، اكدت السيدة فريدة كبري، التي مثلت الممثلة المقيمة المساعدة لبرنامج الاممالمتحدة الانمائي بالجزائر فرانشيسكا نارديني أن الدور المنوط بالمحامين في تكريس الية الدفع بعدم دستورية القوانين أمام الهيئات المختصة قانونا مهما جدا. وكان رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش قد أكد خلال افتتاحه للورشة التكوينية أن توسيع الية الدفع بعدم دستورية القوانين المكرسة بموجب دستور 2016 لتشمل الاحكام التنظيمية يعتبر ابرز تعديلات دستور 2020 . وذكر بالمناسبة أنه منذ استحداث الية الدفع بعدم الدستورية، "فصل المجلس الدستوري في خمسة قضايا ثلاث منها بعدم دستورية الحكم التشريعي وبدستورية حكمين تشريعيين في التفعيلين الاخيرين، وهو حاليا بصدد الفصل في 25 دفعا بعدم الدستورية تتعلق ثلاث منها بأحكام تشريعية وردت جميعا من المحكمة العليا". كما أكد السيد فنيش على أن هذه الورشات التكوينية فتحت النقاش بشان مختلف المعيقات التي قد تثني المحامي عن الدفع أو قد تعرقل حركية هذه الفعالية وذلك قبل مراجعة الترسانة القانونية والتنظيمية المتعلقة بها عشية تنصيب المحكمة الدستورية.