تعدت مطالب الحقوقيين بالمغرب مرحلة الانتقادات الموجهة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى الدعوة الملحة بضرورة تدخل المجتمع المدني والمنظمات والهيئات الحقوقية, لحمله على وقف ممارساته إزاء ظاهرة الفساد التي جمد ملف محاربتها ووفر بالمقابل الغطاء والأرضية لهذه المعضلة وللرشوة ولنهب المال العام. وجاء موضوع سحب الحكومة لمقتضيات الإثراء غير المشروع ليثقل ملف الرجل وتاريخه في الثراء والاحتكار خاصة في مجال المحروقات, في بلد يعيش على وقع اتساع الفقر وانحصار الطبقة المتوسطة جراء الغلاء, دفعت إلى اعتبار الفقر بالمملكة "جريمة سياسية يرتكبها النظام القائم". فلازالت أزمة ارتفاع الأسعار بالمغرب ومنها تلك المتعلقة بالمحروقات, تثير المزيد من السخط والاستياء في الأوساط الشعبية ولدى بعض الأحزاب التي استبعدت أي مؤشرات إيجابية لمستقبل البلاد, في ظل الفساد المستشري في الأوساط السياسية ومشكل تضارب المصالح الذي زاد من حدة تفقير أبناء المملكة وصعد من أزماتهم. وهو ما نبهت إليه عدة أوساط حقوقية وبرلمانيون ومعارضة عند حديثها عن حماية القدرة الشرائية للمواطنين, متسائلة كيف يمكن طلب من حكومة يترأسها فاعل أساسي في سوق المحروقات, التحرك لتقنين نفس السوق. وأبرزت العديد من التقارير تورط رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش في أكثر من ملف فساد و"استغلاله لمنصبه" لصالح محتكري سوق المحروقات, كيف لا وهو صاحب أهم شركة بيع و توزيع المحروقات بالمملكة, ويعد طرفا في الاستفادة غير المشروعة من ارتفاع أسعار المحروقات. وفي السياق, انتقدت "الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة" (ترانسبرانسي المغرب), حكومة أخنوش التي قالت أنها "لا تمتلك الإرادة السياسية لمحاربة الفساد", لافتة إلى أن قانون مالية 2023 لم يتحدث عن استراتيجية محاربة الفساد, علما أنه قد تمت المصادقة عليها في 2015 وجمدت لحد الآن رغم مطالب إعادة النظر فيها وتحيينها. وأشارت إلى أن وثيقة القانون تطرقت لإصلاح منظومة القضاء, دون الإشارة إلى كيفية تحقيق النزاهة والاستقلالية في هذا الجهاز الذي "ينخره الفساد", مشددة على أن الكل يعرف أن "رئيس الحكومة وكل المساهمين في سوق المحروقات يعيشون على شبهة تنازع المصالح منذ 2016, عندما جرى التصويت لصالح تحرير القطاع". وانتقدت الجمعية, تعطيل رأي مجلس المنافسة الأول والثاني حول سوق المحروقات بالمغرب, وعدم الإشارة إلى إرجاع مشروع المسطرة الجنائية للبرلمان بعد سحب الحكومة للمشروع من البرلمان. وأشارت إلى أن رئيس الحكومة توصل منذ شهر يونيو الماضي بأزيد من 14 أولوية التي من المفروض أن تقوم بها الحكومة لمحاربة الفساد, ومنها إصلاح قانون التصريح بالممتلكات لأنه متجاوز ولا يستجيب للمعايير الدولية في هذا المجال. ذات الجمعية اعتبرت أن سحب الحكومة لمقتضيات الإثراء غير المشروع يؤكد أنها لا تمتلك الإرادة السياسية لمحاربة الفساد, وأكدت أن شعار الدولة الاجتماعية الذي تروج له الحكومة فاقد للمحتوى, مطالبة المجتمع المدني بالتحرك والضغط حتى تتحرك الحكومة في مجال محاربة الفساد وتحقيق الحكامة الجيدة . وبخصوص الإجراءات الضريبية الواردة في قانون مالية 2023, فقد نبهت الهيئة المغربية إلى أنها "تزيد من تكريس الفوارق الاجتماعية بين الأغنياء والطبقة المتوسطة والفقراء". تنصل الحكومة من محاربة الفساد يفاقم الوضع المعيشي من جهته شدد محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام على أن "حكومة أرباب العمل والأوليغارشية المالية تقود (المملكة) نحو الهاوية, ولا تكف عن توفير كل الشروط للاحتكار والريع والتمكين للذين يملكون البر والبحر والزيادة في إغناء الأغنياء وإفقار الفقراء وتدمير الطبقة الوسطى". وأشار الغلوسي, في منشور على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك", أن حكومة أخنوش اتخذت إجراءات ضريبية واقتصادية ستحول المجتمع إلى طبقتين اجتماعيتين, طبقة رؤوس الأموال والأصول التجارية والعقارية والأسهم, وطبقة المهمشين والمقصيين. وأكد أن الحكومة توفر الغطاء والأرضية للفساد والرشوة ونهب المال العام, وهي حكومة تشمئز حتى من مجرد ذكر كلمة الفساد والرشوة. وكانت "الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان" من جانبها, قد حملت الحكومة كامل المسؤولية فيما آلت إليه أوضاع المواطنين من تدهور اجتماعي واقتصادي وثقافي وبيئي, بتنصلها من محاربة الفساد وعدم تنفيذ وعودها الانتخابية, الأمر الذي أدى إلى تفاقم الفقر بالمغرب. وسجلت الهيئة الحقوقية, استمرار التهرب من فرض الضريبة على الثروة والرأسمال واستفادة رجال الأعمال والأغنياء كثيرا من الإعفاءات الضريبة, مقابل إفقار واسع وغلاء أسعار مطرد وزيادة في الضرائب على المواطنين وفتح الأسواق لنهب رجال الأعمال وبعض الشركات النافذة, كشركات المحروقات وبتسهيلات ضريبية على أرباحهم كان من الممكن استخدامها فيما يعود بالنفع على المواطنين. يشار إلى أن أرقام المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب, تشير إلى أن حوالي 3.2 مليون شخص إضافي تعرضوا إلى الفقر أو الهشاشة, مع فقدان ما يقرب من سبع سنوات من التقدم المحرز في القضاء على هذه الظاهرة, حيث عاد المغرب لمستويات سنة 2014.