أثبت رئيس حكومة المخزن ,عزيز اخنوش, على أرض الواقع, كل التوقعات التي حذرت من تداعيات سياسته على الوضع بالمغرب وعلى شعبها, والتي كانت نتيجة بعد رجل الأعمال "الملياردير" كل البعد عن المعاناة اليومية للمواطنين في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي خلفتها الأزمات المتعددة والمتشعبة . ولازالت العديد من الأوساط الشعبية والنقابية والحقوقية توجه انتقاداتها لما انتجته سياسية الريع المتعبة من قبل "حكومة الأعيان" الرافضة لمحاربة الفساد الذي أنهك الاقتصاد في المغرب وجيوب المواطن البسيط. فحكومة أخنوش تميزت بكونها أول حكومة مغربية يواجهها الشارع باحتجاجات واسعة خلال الأسابيع الأولى التي تلت مباشرتها مهامها, ووصف رئيسها بأنه رمز من رموز "زواج المال والسلطة", ناهيك عن الأصوات المغربية التي تؤكد "ضعف مشروعيتها وغرابة ظروف تعيينها". كيف لا يحدث ذلك وسجل الرجل لا يخلو من المواجهات مع الشعب على غرار ما حصل عام 2018 خلال حملة المقاطعة الاقتصادية التي انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي وانتقلت إلى الواقع, وشملت 3 علامات تجارية من بينها شركته الخاصة بتوزيع المحروقات. وللإشارة فإن مجموعة "أكوا" الاقتصادية التي أسسها أخنوش تستحوذ - حسب وسائل إعلام مغربية - على حصة 40% من سوق المحروقات في البلاد, و45% من سوق غاز البوتان, و62% من سوق الغاز النفطي المسال. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد, بل بلغ تدني سياسة الحكومة المغربية إلى غض النظر عن الفساد ورفضها محاربته, فقد كشف أخنوش عبر العديد من القرارات على أن هذه المسالة ليست من أولوية حكومته, وهو ما ظهر جليا خلال سحبها لقانون يجرم الإثراء غير المشروع. وكان تجريم الإثراء غير المشروع من أهم المخرجات التي اقترحتها هيئة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة في المغرب , وظهور الحاجة إلى مشروع قانون جنائي جديد, لكنه تعثر بعد سنوات من العرقلة حتى تم سحبه من طرف حكومة عزيز أخنوش, في خطوة أدينت على نطاق واسع من قبل المعارضة وفعاليات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية. ويوضح رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام, محمد الغلوسي, في هذا الشأن أن "سحب المشروع وتجميد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2015-2025), فضلا عن كون البرنامج الحكومي لا يتضمن ما يفيد بالرغبة في التصدي للريع والفساد, يشكل مؤشرا إلى أن الحكومة لا تعنيها قضية محاربة الفساد والرشوة ". كما يعتبر الغلوسي سحب المشروع "رضوخا لبعض المراكز والمواقع القوية المستفيدة من واقع الريع والفساد, التي ليست لها مصلحة في إصلاح ديمقراطي حقيقي يؤسس لفصل السلطات والتوزيع العادل للثروة, مع ربط المسؤولية بالمحاسبة". من جانبها شددت نعيمة الفتحاوي, عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية, في مداخلة لها أمس الثلاثاء, بمجلس النواب, على أن البلاد بحاجة إلى دفعة حقيقية ومعالجة حقيقية للأمراض التي تعاني منها, وهي محاربة الفساد وتفكيك اقتصاد الريع, التي تتجاهلها الحكومة وتعطي الانطباع بعدم وجودها. ونبهت الفتحاوي, إلى غياب أي إشارة تفيد بوجود محاربة الفساد ضمن أولويات مشروع قانون المالية, مضيفة أنه تم التعامل مع محاربة الفساد واقتصاد الريع كما لو كان حدثا عابرا وليس مصدرا للمشاكل كلها. وعددت البرلمانية المغربية بعضا من صور هذا الفساد, منها الإصلاح الضريبي الذي قالت أنه ما زال متعثرا , مما يحرم البلاد من موارد إضافية لتغطية نفقات العديد من القطاعات . كما تناولت تحديات أزمة المياه والحالة الراهنة للموارد المائية بالمملكة في ظل انعدام أي استراتيجية حكومية لحلها. فلا زالت الحكومة المغربية تجابه غضب الشارع وصرخات المواطن من الأوضاع المتفاقمة جراء غلاء أسعار المحروقات وكل المواد الأساسية لدرجة غير مسبوقة. وأمام هذا الوضع, أعلنت الجبهة الاجتماعية المغربية أنها قررت تنظيم مسيرة وطنية شعبية خلال شهر نوفمبر الجاري, وذلك للاحتجاج على غلاء الأسعار منددة بصمت الحكومة رغم كل الاحتجاجات والنداءات. وذكرت الجبهة في ذات السياق, بأن مشروع قانون المالية جاء فارغا من أي إجراءات ولو مرحلية للتخفيف من معاناة أوسع الجماهير الشعبية المسحوقة. ومقابل ذلك, اعتبرت أن هذا المشروع يقدم هدايا ضريبية هامة للأثرياء, حتى أن نقابة أرباب العمل, وفق تصريح لأحد مسؤوليها, لم تكن لتحلم بها.