لا تزال المسألة التعليمية بالمغرب تثير اهتماما كبيرا في مختلف الأوساط التربوية والسياسية, حيث لم تنجح الحكومة المخزنية في إحداث تغيير جوهري في الوضع, بل زادته تعقيدا, فقطاع التعليم يعيش على وقع تأجيج الاحتقان والتوتر وتوالي الاحتجاجات والإضرابات, وهذا بسبب غياب تصور شامل لإصلاح حقيقي. فبعدما كانت طرفا موقعا على الاتفاق الذي جمع بين الحكومة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية في 18 يناير من السنة الماضية, رفضت الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي/نقابة) التوقيع على الاتفاق الجديد بين الطرفين, مؤكدة أنه لم يأت بجديد ولا يستجيب للمطالب العادلة والملحة للشغيلة التعليمية ولا لنضالاتها المتواصلة. وقرر المجلس المغربي للجامعة وبالإجماع رفض التوقيع على الاتفاق, داعيا الشغيلة التعليمية بكل فئاتها إلى الاستمرار في النضال من أجل المطالب المشروعة وصون الحقوق والمكتسبات. وعبرت النقابة التعليمية عن رفضها لمنهجية الوزارة التي قدمت محضر الاتفاق حول الملفات العالقة والمبادئ العامة للنظام الأساسي, في ساعات متأخرة من ليلة الجمعة, ودعت للتوقيع عليه صباح يوم السبت دون ترك مهلة لاتخاذ موقف نهائي بشأنه و إشراك القواعد. ?وفي هذا السياق, قالت النقابة إن بنود محضر ?الاتفاق لم يتم مناقشتها مع الوزارة مباشرة, ولم تستحضر الحد الأدنى المتوافق حوله بين النقابات التعليمية الخمس المعلن عنها في بياناتها المشتركة, والتي تمثل الحد ?الأدنى المتفق حوله لأي اتفاق مع الوزارة. كما سجلت النقابة "إقبار" مطلب الزيادة في الأجور وتحسين الوضعية, بما يرتقي بالأوضاع المادية والمعنوية للشغيلة التعليمية بجميع فئاتها ويضمن العيش الكريم, وتكريس العمل بالعقد بتنويع المسميات, ضدا على الإدماج في الوظيفة, مما يكرس الهشاشة وعدم الاستقرار المهني والاجتماعي والنفسي والهجوم على المكتسبات والحقوق. "كما أن هذا الاتفاق ضرب عرض الحائط الملفات المطلبية الملحة العادلة والمشروعة للعديد من فئات الشغيلة التعليمية ولنضالاتها المتواصلة , وغابت إرادة احترام الحريات النقابية والحريات العامة وتصفية الأجواء بوقف المتابعات و إسقاط الأحكام, والحل الكامل للملفات العالقة", يضيف نفس المصدر. كما انتقدت الجامعة الوطنية للتعليم غياب أي التزام لتفعيل الاتفاقات والالتزامات السابقة, معتبرة أن الوزارة تملصت من المنهجية التشاركية من خلال إصرارها على توقيع اتفاق لا يأخذ بعين الاعتبار مواقف وملاحظات الشركاء الاجتماعيين, مما يعد مسا بمصداقية الحوار القطاعي و استغلال محطاته في الدعاية الإعلامية ونشر وهم الإصلاح ورد الاعتبار للتعليم العمومي ولنساء ورجال التعليم ولمهنة التدريس. "كما أن الاتفاق تضمن عموميات في غياب تفاصيل يمكن أجرأتها على أرض الواقع, مما يسمح بالالتفاف عليها ?وتأويلها بما يتعارض والحل المنصف والفوري لكل المطالب ?المتراكمة والبنود التفصيلية للنظام الأساسي المرتقب, في الوقت الذي لا يتضمن فيه قانون مالية 2023 اعتمادات مالية بخصوص حل الملفات التي تتطلب تكلفة مالية في الاتفاق", تقول النقابة. من جهتها, عبرت التنسيقية الوطنية للأساتذة حاملي الشهادات عن رفضها لما اعتبرته تأجيل حل ملفها إلى أجل غير مسمى, مطالبة بحسمه نهائيا, كما نص على ذلك اتفاق 18 يناير 2022. وقالت التنسيقية إنها في الوقت الذي كانت تنتظر وفاء وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة, بوعودها والتزاماتها عبر تنفيذ مضامين اتفاق 18 يناير 2022, تفاجأت بتوقيع "محضر اتفاق جديد" بين الوزارة والنقابات الأكثر تمثيلية يوم 14 يناير الجاري, تضمن ملف حاملي الشهادات من جديد ودون أن يحدد تاريخ تسوية و إنهاء معاناة هذه الفئة التي امتدت لأكثر من 6 سنوات. وندد الأساتذة حاملو الشهادات بما سموه "السياسة الماضوية البائدة" التي تنهجها وزارة التربية الوطنية في تدبير ملف حاملي الشهادات العليا, مستنكرين التراجع الخطير على الالتزام بمقتضيات الاتفاق السابق و استمرار تعنت الوزارة في تسوية ملف حاملي الشهادات باعتباره أقدم ملف يطاله الحيف والإقصاء داخل قطاع التربية الوطنية. كما شجبت التنسيقية التماطل والتسويف في إصدار المذكرة المتفق بشأنها في الملف و استنكارها كل محاولات التماطل وربح المزيد من الوقت. وفي خضم هذا الواقع, أعلنت استمرارها في تنزيل الأشكال الاحتجاجية التصعيدية إلى حين إصدار مذكرة تسوية الملف "تسوية شاملة", عبر خوض إضراب وطني يومي 9 و 10 فبراير القادم, مرفوقا بأشكال احتجاجية متمركزة بالرباط أول أيام الإضراب, بالإضافة إلى التوقف عن تقديم الدروس جزئيا وحمل الشارة الحمراء داخل المؤسسات ابتداء من 2 إلى 7 فبراير وتنظيم ندوة صحفية لتسليط الضوء على ملف حاملي الشهادات, سيعلن عن مكانها وتاريخها في وقت لاحق.