تعمل فواعل المجتمع المدني، تزامنا مع شهر رمضان الفضيل، على تكثيف جهودها لتنظيم العملية التضامنية عبر مختلف السبل والوسائل, على غرار موائد إفطار الصائم والوجبات المخصصة للفئات الاجتماعية المعوزة, وهذا إحياء لقيم التضامن والتكافل التي تطبع المجتمع الجزائري. وللوقوف على مثل هذه المبادرات, رافقت "وأج" عددا من الفاعلين في الميدان الذين أكدوا أن الهدف الذي يوحدهم في تنظيم هذه العمليات هو تعزيز قيم التكافل الاجتماعي التي تطبع الفرد الجزائري وتحفزه على فعل الخير. وبهذا الخصوص, تؤكد رئيسة جمعية "أمل الجزائر" المشرفة على خيمة الإفطار العملاقة بباب الوادي (العاصمة), أن العملية تعكس بعدين أساسيين: الأول تضامني وإنساني والثاني يهدف الى الحفاظ على هذه التقاليد الحميدة من خلال إحياء الأجواء الرمضانية. من جهته, اعتبر عضو "تجمع جمعيات ولجان أحياء حسين داي", رشيد زيار, أن العمل التطوعي فتح آفاقا واسعة في ترسيخ قيم التكافل الاجتماعي وخدمة المحتاجين خلال هذا الشهر الفضيل, وهذا بفضل توحيد جهود المتطوعين كل حسب استطاعته، سواء بالمال أو بالتموين أو بالعمل الميداني. وتروي إحدى السيدات التي جاءت لتفقد ابنها المتطوع على مستوى خيمة "مرحبا بباب الوادي" أنها سعيدة بالعمل الذي يقوم به لكونه يسمح له باكتساب قيم التضامن وأداء دور فعال في مجتمعه. بدورهم, أعرب الكثير من المتطوعين عن سعادتهم بمساهمتهم في العمل الخيري, معتبرين أن الفرصة مواتية للمساهمة في خدمة الصائمين وضمان راحتهم. ولم تقتصر هذه المبادرات على الإطعام الفردي, إذ فتحت الباب أمام استقبال العائلات, سواء على مستوى المطاعم مثلما فعلت جمعية "أمل الجزائر" التي خصصت 300 مكان للعائلات مقابل 900 للأفراد, أو كما لجأ إليه تجمع جمعيات ولجان أحياء حسين داي الذي يقوم بتوزيع الوجبات على العائلات قبيل صلاة المغرب. وجبات جاهزة لإمهال السائقين من جانب آخر، تقوم بعض الجمعيات بتوفير الوجبات المحمولة وتوزيعها قبيل المغرب, وهو الأسلوب الذي اعتمدته جمعية "ناس الخير", حيث ينطلق فريقها المكلف بالتوزيع نحو محطة الحافلات بحيدرة قبل ساعة الإفطار ليتم توزيع وجبات ساخنة على الأشخاص من دون مأوى وعابري السبيل. وبهذا الخصوص, توضح محافظة ولاية الجزائر لجمعية "ناس الخير", ابتهال لعور, أن نشاط الجمعية يرتكز على تقديم المساعدات الى المحتاجين إليها، سواء كانوا من الفئات المعوزة أو من السائقين أو من العمال الذين يضمنون المداومة بمختلف المصالح, وهو ما من شأنه تخفيف الضغط على مستوى الطرقات. من جانبها، بادرت الجمعية الوطنية للعمل التطوعي, بالتعاون مع متعامل الهاتف النقال "أوريدو"، بتوزيع قرابة ألف طرد غذائي على عائلات معوزة متواجدة عبر 20 ولاية من الوطن في خطوة تندرج ضمن المسؤولية الاجتماعية التي تحتاج إلى انفتاح أكثر على المتعاملين الاقتصاديين لتحفيزهم على الانخراط في العمل الخيري الموجه للفئات الهشة من المجتمع، مثلما صرح به رئيس الجمعية, أحمد بومالحة. وبغية المساهمة في تعزيز قيم التضامن وتشجيع النشاط الخيري في شهر الرحمة، بادرت بعض الجمعيات الى إطلاق تطبيقات على مواقع التواصل الاجتماعي, على غرار ما قام به فريق عمل الشركة الجزائرية للابتكار الجيوماتيكي الذي اطلق تطبيقا تحت تسمية "عابر سبيل" يسمح لأصحاب مطاعم الرحمة من جمعيات ومساجد ومتطوعين بتسجيل مواقع مطاعمهم على هذا التطبيق حتى يسهل على الصائمين إيجاد مكان تواجدها. وبالعودة إلى مطاعم الرحمة, يمكن التماس حجم الجهد المبذول، حيث ينطلق تحضير هذه الموائد مبكرا من قبل المتطوعين، إذ يتم توزيع المهام بين من يتكفل باقتناء المشتريات ومن يقوم بتحضير الأطباق وتجهيزها في مشهد يعكس مدى تمسك المجتمع الجزائري بقيم التضامن والتكافل وفعل الخير التي تنبع من شيمه وأصالته.