أكد نقابيون و خبراء قانونيون مغاربة أن النظام المخزني استحدث مؤخرا مشاريع قوانين تعرف مجموعة من الاختلالات منها تكريس استعباد المواطنين و الإمعان في الاعتقال التعسفي, داعين إلى إعادة النظر في الكثير مما تضمنته, مع ضرورة إقامة جبهة واسعة للتصدي لمشروع قانون الإضراب. جاء ذلك في ندوة نظمها الفضاء المغربي لحقوق الإنسان تحت عنوان "أزمة التشريع في المغرب وسؤال حقوق الإنسان", سلط فيها خبراء الضوء على أهم مشاريع القوانين التي أثارت جدلا واسعا لدى الفاعلين المجتمعيين والباحثين والممارسين في مجالات التخصص. ويتعلق الأمر بمشروع قانون الإجراءات المدنية, مشروع قانون الإجراءات الجنائية ثم مشروع قانون الإضراب. و في السياق, أكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم في المغرب, يونس فيراشين, في مداخلته حول مشروع قانون الإضراب ومضامينه, أن هذا المشروع أعطى للدولة المخزنية "حق تسخير المواطنين للقيام بعمل من أجل ضمان الحد الأدنى للخدمة", مبرزا "تغول التوجه الرأسمالي في أغلب التشريعات من خلال ضرب المكتسبات الاجتماعية, خوصصة القطاعات, التضييق في مجال الحقوق والحريات". كما أبرز المتحدث "تغييب المقاربة التشاركية في وضع مشروع قانون الإضراب, إذ تم إقصاء النقابات وعدم فتح باب النقاش والتشاور والتوافق حوله", مشددا على أن "مشروع قانون الإضراب يتناقض مع المواثيق الدولية, كالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي صادق عليه المغرب منذ 1979, وأيضا منظمة العمل الدولية". و نبه النقابي المغربي إلى أن مقتضيات هذا المشروع لم تحترم القواعد الدستورية, والتي تنص على الحق في الإضراب دون حصره على فئة معينة, داعيا إلى "ضرورة إقامة جبهة واسعة للتصدي و لمواجهة مشروع هذا القانون الذي يمس جميع تنظيمات المجتمع". من جهته, أكد المحامي بمحكمة الدار البيضاء, حسن السني في مداخلته, على عدم تبني المقاربة التشاركية في تنزيل مشروع قانون الإجراءات المدنية خلافا لمضمون دستور 2011, والذي ينص على "ضرورة تبني منهجية تشاورية لصياغة القوانين", لافتا الى "عدم دراسة أثار تنزيل مشروع قانون الاجراءات المدنية وكذا تأثيره على الحياة الاجتماعية للمواطنين وعلى الحقوق والحريات". و اعتبر المتحدث بأن مشروع هذا القانون "يمس بالحق في الولوج للعدالة و لا يكرس المساواة بين المواطنين من خلال إقصاء فئة معينة من حقها في التقاضي على درجتين". كما توقف المحامي المغربي عند إشكالية الطعن بالنقض وعدم إمكانية تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة وهو ما فيه تمييز واضح لفائدة الدولة على حساب المواطن, و كذا عدم إمكانية الحجز على ممتلكات الدولة و الهيئات العمومية, و"هذا فيه ضرب للمساواة أمام القضاء". أما المحامي حسن هاروش, فتناول في مداخلته مشروع قانون الاجراءات الجنائية, الذي أكد أنه حمل في مادته الأولى مجموعة من الشعارات البراقة كالحق في المحاكمة العادلة وفي آجال معقولة, والتي اصطدمت بصخرة المقاربة الأمنية. و وثق بدوره مجموعة من الاختلالات في هذا المشروع, أهمها الاختلال الكبير بين سلطة الاتهام وحق الدفاع, "شرعنة" الاعتقال التحكمي ( التعسفي), وذلك بحسب منطوق المادة 66, والتي تنص على أنه "لا يدخل ضمن حساب مدة الحراسة النظرية المدة التي يقتضيها نقل الشخص الموقوف من مدينة إلى أخرى, أو مدة العلاج".