تتواصل معاناة ضحايا زلزال الحوز (جنوب المغرب) في ظل تجاهل حكومي يفاقم مأساتهم ويعمق جراحهم, حيث لا يزال آلاف المتضررين, بعد مرور عام ونصف على الكارثة, يعيشون في خيام مهترئة, يواجهون قسوة الطقس وانعدام أبسط مقومات الحياة الكريمة. وفي الوقت الذي ينتظرون فيه تدخلا عاجلا لإنقاذهم من واقعهم المزري, تقابل صرخاتهم بتجاهل رسمي و استهتار واضح بمطالبهم المشروعة وغياب استراتيجية واضحة لإعادة الإيواء, إلى جانب مظاهر الفساد والتلاعب في توزيع الدعم. وقد جدد ضحايا الزلزال, اليوم الأحد بالرباط, المطالبة بوقف المعاناة التي يعيشونها في الخيام, في غياب مصدر للعيش, ناهيك عن إقصائهم من الدعم. وفي شهادات لهم خلال ندوة نظمتها لجنة التضامن مع الناشط الحقوقي سعيد آيت مهدي, رئيس "تنسيقية ضحايا زلزال الحوز" الذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وغرامة مالية, بعدما تم اتهامه بنشر "ادعاءات كاذبة والتشهير والتحريض", استعرض المتضررون جزءا من المعاناة والوضع المزري الذي يعيشونه منذ سنة ونصف, وهو ما خلف مآسي, منها وفاة أحد الضحايا حرقا في خيمته, وانتحار آخر جراء الضغط النفسي والمعاناة. وشددوا على أنه "رغم فداحة الوضع, تواصل السلطات نهج سياسة التجاهل, وكأننا مجرد أرقام في تقارير رسمية", مشيرين الى أنه "في الوقت الذي يئن فيه سكان الحوز تحت وطأة الحاجة, ينشغل رئيس الحكومة عزيز أخنوش بحضور الاحتفالات والتقاط الصور في المناسبات الرسمية, حيث المهرجانات تحظى باهتمامه, بينما الأسر المتضررة تنتزع خيامها لمنع ظهور مظاهر البؤس في مسارات المسؤولين". إن ما يحدث ليس مجرد تقصير, بل إهمال ممنهج يفضح من خلال الشهادات التي أكدت وجود تلاعبات وفساد مستشر في عملية إعادة الإعمار. وتوقفت الشهادات على النصب الذي تعرضت له بعض الأسر وفقدانها لأموال البناء, في الوقت الذي كان على الدولة أن تواكب الضحايا و أن تأتي بالشركات التي يمكنها أن تبني المساكن للمستفيدين. وأكد المتضررون أن حجم الخروقات كبير, وهناك تواطؤ بين مسؤولين ومنتخبين فاسدين, والنشطاء يعيشون ترهيبا كبيرا. وأمام الظروف الكارثية التي يعيشها سكان الحوز, أكد عبد الإله بن عبدالسلام, منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان أن ما يحدث "يكشف الوجه الحقيقي لحكومة غارقة في الفساد والعجز, غير قادرة على تحمل مسؤولياتها أمام كارثة إنسانية بهذا الحجم", متسائلا حول كيفية تفسير بقاء آلاف العائلات في العراء بعد مرور عام ونصف على الزلزال, بينما تنفق الميزانيات الطائلة على مهرجانات واحتفالات لا تعني المواطن في شيء. وأوضح أن هذا السلوك الحكومي "المخزي" يؤكد أن مصلحة الشعب تأتي دائما في آخر اهتمامات النظام المخزني "الذي لا يتقن سوى قمع الأصوات الحرة والتغطية على الفساد المستشري في أجهزته". وتابع قائلا : "إن تلاعب الحكومة بمأساة ضحايا زلزال الحوز يعد جريمة مكتملة الأركان, تعكس انعدام الحس الإنساني لدى المسؤولين, فالحديث عن إعادة الإعمار كان مجرد دعاية إعلامية رخيصة, فيما بقي الواقع شاهدا على إهمال متعمد وفساد منظم", مضيفا أن استمرار "هذا النهج القمعي والتلاعب بمعاناة المواطنين سيؤدي لا محالة إلى انفجار شعبي لن تنفع معه حملات التجميل الإعلامي, فالمتضررون يدركون اليوم جيدا أن حكومة أخنوش ليست سوى أداة لخدمة مصالح ضيقة على حساب آلام المنكوبين". وفي سياق ذي صلة, أكد ذات المتحدث على أنه بدل أن تتحرك الحكومة لمحاسبة الفاسدين ومواكبة إعادة الإعمار, اختارت سلوكا قمعيا ضد النشطاء الذين كشفوا المستور, موضحا أن محمد ابخالن وخديجة آيت لمعلم من "تنسيقية ضحايا زلزال الحوز" تعرضا لمتابعات قضائية بتهمة "التشهير" بعد فضحهما تلاعبات المسؤولين, وهذه المضايقات --يقول-- لم تقتصر على النشطاء فقط, بل طالت عائلاتهم وأقاربهم في محاولة بائسة لإسكات كل صوت يطالب بالحق. كما أكد أن ما يحدث اليوم في الحوز ليس مجرد "تقصير إداري" بل هو تجسيد لعجز حكومي صارخ وفشل في التدبير و استشراء للفساد والمحسوبية, مختتما بالقول ان "المطلوب اليوم ليس خطابات منمقة أو زيارات استعراضية, بل خطة حقيقية واضحة المعالم, تبدأ بمحاسبة المتورطين في التلاعب بالمساعدات وتوفير سكن لائق للضحايا دون مماطلة".