دعا الباحث والكاتب محمد الصغير بلعلام يوم الأحد بالجزائر العاصمة إلى إزالة الغبار عن كثير من المؤلفات لعلماء جزائريين موجودة بالمشرق العربي لتنهل منها الأجيال. وأكد الكاتب والمؤرخ في محاضرة ألقاها بمقر المجلس الإسلامي الأعلى تحت عنوان "العلامة محمد بن محمد بن بلقاسم أبو الفضل الشدالي الزواوي "في إطار نشاطات المجلس الشهرية بان علماء أفذاذ يعدون مرجعيات "تركوا إنتاجا فكريا وتراثا غزيرا في خزائن مكتبية في كل من دمشق والقاهرة خاصة لكنها لم تطبع" مضيفا أن طبع هذه الكنوز يتطلب تضافر جهود الجميع . وذكر منشط المحاضرة أن علماء جزائريين كثيرين كبار "تركوا عدة مؤلفات تنتظر من يزيح عنها الغبار ويسلط الضوء عليها لتغرف منها الأجيال" مستدلا في ذلك بالعلامة ابوزكريا يحيا الشاوي والأخ الأكبر للأمير عبد القادر الذي لا يعرفه الكثيرون بأنه نابغة في العلم إلى جانب ابن دوج العقلاني المختص في تفسير وشرح صحيح مسلم. وقال المحاضر وهو أحد خريجي جامعة دمشق بان هذه الكتب موجودة في خزائن كل من الأزهر الشريف ودار الكتب المصرية ودار الظاهرية بدمشق مضيفا بان العلامة محمد بن محمد بن بلقاسم أبو الفضل الشدالي الزواوي(820 من القرن الهجري - 864 هجري ) عالم "متميز يتحلى بالرؤى وبالعلم الواسع" غير أن هذا الأخير كما قال "لم تكن مؤلفاته كثيرة لانه انتقل إلى الرفيق الأعلى وعمر لا يتجاوز 40 سنة". وأضاف ان العلامة ابو الفضل الشدالي الزواوي حفظ القرآن وعمره خمس سنوات ودرس القراءات السبع ثم غرف من مختلف العلوم فيما بعد عن شيوخ في كل من بجايةوتلمسان لمدة 12 عاما واصبح يتقن 28 علما من بينها الهندسة والعلوم الطبية و الفلك والميكانيكا والموسيقى إلى جانب العلوم الأصلية القرآن والسنة النبوية وتتلمذ عن عدد من الشيوخ من بينهم بن مرزوق الحفيد في تلمسان والعقباني وكذا ابيه الذي كان مدرسا وعالما كبيرا . وذكر المحاضر ان العلامة رجع بعد تخرجه الى بجاية التي لم يمكث بها كثيرا فقرر الرحيل إلى المشرق العربي عبر قسنطينة وعنابة وتونس الا أن رياحا عاتية حالت دون وصول السفينة التي كان يقلها الى وجهتها فمكث مدة بصقلية ثم قبرص وانتقل الى الكثير من البلاد العربية منها طرابلس والشام وبيروت ودمشق والقدس وقام بالتدريس بها. ومن آثاره " قواعد التناسب بين الآيات والسور في القرآن الكريم "التي نشرها تلميذه الإمام البقاعي. وتركز النقاش فيما بعد عن أهمية الدراسة التي انجزها المحاضر والكاتب محمد الصغير بلعلام التي إزاحت الستار عن كثير من التعتيم الاستعماري خاصة العلاقة بين منطقة الزواوة(بجاية) بالمشرق العربي والتي وصفها المحاضر ب"القوية" لكون الحدود القطرية لم تكن موجودة انذاك كما أكد ذلك باحث في الشعر الأمازيغي قائلا "حتى الشعر الامازيغي يوحي في إشارات ودلالات بالعلاقة القوية التي كانت تربط المنطقة بالمشرق العربي".ومن جهته، دعا الدكتور الشيخ بوعمران رئيس المجلس الإسلامي الأعلى إلى تكاتف الجهود بين الجهات المعنية لنفض الغبار عن هذه الكنوز وطبعها لكي يتسنى للأجيال التعرف عن هذا التراث المغمور.