أجمع المشاركون في ندوة فكرية حول التنمية والأمن في إفريقيا نظمها يوم الاثنين مركز جريدة الشعب للدراسات الاستراتيجية على أن إيجاد حلول للأمن و التنمية في القارة الإفريقية يكمن في انتهاجها لمقاربة التنمية الشاملة. و أوضح الأستاذ ساحل مخلوف من كلية العلوم السياسية و الإعلام في محاضرة ألقاها بعنوان "إشكالية التنمية و الأمن و السلم في إفريقيا" أن هناك ارتباط وثيق بين التنمية و الأمن في إفريقيا و هو الأمر الذي يدعو الى معالجة هذه القضايا بنظرة مركبة تشمل الأبعاد الاقتصادية و الثقافية و الحضارية و الابتعاد عن معالجتها بنظرة أحادية ضيقة. و أكد المحاضر أن الأمن و التنمية شكلا تحديا أمام إفريقيا منذ القديم و لا يزال هذا التحدي قائما بقوة في عصرنا الحالي أكثر مما كان عليه في السابق باعتبار أن "القارة تعيش اليوم مرحلة تأكيد وجود". و بعد أن ذكر الاستاذ ساحل بالآثار السلبية التي تركها الاستعمار الاستيطاني أو الانتداب على القارة و حيلولته دون نهضتها التنموية استخلص أن بعض الحلول التي اقترحت من قبل دول افريقية للخروج من مشكل الفقر و غياب الأمن و الاستقرار تعتبر فعالة خاصة تلك التي نبعت من قناعتها بجدوى حل "التنمية الشاملة". و في هذا السياق أشار المحاضر الى المبادرات التي تقدمت بها بعض الدول الإفريقية في سبيل إيجاد حل لمعضلتي الأمن و التنمية من بينها مبادرة "النيباد" التي تعد "مبادرة قوية" لكونها انطلقت من حق الجنوب في تنمية شاملة و مستقلة. و من جهته أوضح عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الذي حضر الندوة أن مبادرة "النيباد" فرضت نفسها أمام الضرورة الملحة لإيجاد "مبادرة قوية من طرف الأفارقة تجمع بين قدرات القارة ووضع جسور للتعاون فيما بين هذه الدول". و أكد أن مبادرة "النيباد" هي "مصاحبة بين العملية السياسية الديمقراطية و ضرورة تمكين أبناء القارة من الاعتماد على قدراتهم و استعانتهم بخبرات الآخرين". و في محاضرة أخرى استعرض الأستاذ مصطفى صايج من كلية العلوم الساسية والإعلام أهم الأسباب التي حالت دون استقرار دول القارة الإفريقية و بلوغها التنمية الشاملة أهمها النزاعات و الصراعات القبلية التي ازدادت حدة بعد الحرب الباردة. وأرجع المحاضر سبب اشتعال الحروب الأهلية في العديد من الدول الإفريقية إلى التدخل الأجنبي خصوصا في الدول الغنية بالموارد الطبيعية بحيث يساهم "الاستعمار الجديد" من خلال الشركات المتعددة الجنسيات "في تغذية الصراعات القبلية في ظل غياب البنية التحتية و ضعف السلطة في هذه الدول". و عقب المحاضرتين شدد المتدخلون خلال النقاش على أن الديمقراطية الحقة هي الكفيلة بحل مشاكل الأمن و التنمية في القارة السمراء مؤكدين على ضرورة أن تضع الدول الإفريقية نظاما دفاعيا للحفاظ على مواردها الحيوية أمام عودة الاستعمار الجديد.