للقدس ألم خاص يحفر في القلب كلما مرّ في خاطري طيفها، وهذا ليس قولا أكتبه بمناسبة ما يجري على الأرض الآن·· فكل آن هو للقدس لو أدركنا خطورة ما يجري على الأرض، وتحت الأرض وفي أجواء المدينة التي أحاطوها بالمستوطنات التي تشبه شبابيكها نوافذ السجون· فعقلية القلعة ترتبط بالاحتلال الذي خلق حول مدينتنا أسوارا شاهقة، لعله يمنع إصداء الصلوات من الانطلاق صوب الخالق. أسوار حولها، أنفاق تحتها، جنود يقتحمون الجوامع والكنائس والبيوت، يمنعون المصلين من الوصول إليها، ثم يفبركون أسماء غريبة لكن في أقرب نقطة للأقصى طامعين في انهياره· ماذا بعد ''كنيس الخراب''؟ هل هناك فعل لمنع ما يخططون غير ما رأينا من احتجاجات أهل القدس الذين يدركون، هم وحدهم يدركون، معنى تدشين افتتاح الكنيس في باحة الأقصى·· احتجاجات هنا وهناك، شجب واعتصامات، ومناشدات لوقف التدهور الذي سيؤثر على عملية السلام التي أُعطيت فسحة من الوقت لإثبات موتها· لنفرض أننا أعلنا موتها وقلنا: لا سلام مع عدو لا يحترم المعاهدات، ماذا نحن قائلون؟ أو فاعلون؟ هل ينفع القول بعد كل ما جرى ويجري؟ طبعا لا·· وهذه اللا، لها استحقاقات لا بد من وجودها، كل الشعوب العربية لا تقبل الهوان، كل شعوب العالم المرتبطة بالقدس دينيا وروحيا لا تقبل سيطرة المحتلين على القدس، ولكن كيف يُترجم هذا الرفض على أرض الواقع؟ كيف؟ المنطق يقول: مقاومة المحتل حق مقدس، وها هم أهلنا في القدس يقاومون المحتل بصدورهم، وها هم الشباب في الوطن العربي والإسلامي يتظاهرون ويحتجون على ما يجري، ولكن العدو لا يهتم، فهو يستند إلى جدار مسلح بكل أنواع الأسلحة الحديثة، بما فيها القنبلة النووية، كما يستند إلى جدار التحالفات مع دول لها مصلحة في إضعافنا واحتلالنا ونهبنا، فكيف ستكون المعادلة؟ ليس لدينا إلا، نحن، نحن الشعوب العربية مع تحالفاتنا مع شرفاء العالم شرقا وغربا نستطيع تغيير المعادلة المختلة لصالحنا· وقد أدرك كثيرون في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وغيرهم، أن العدو الصهيوني هو حليف الاستعمار الحديث، الذي يمارس التمييز العنصري والقتل والتهجير واستعباد الشعب الفلسطيني، ويهدم البيوت على رؤوس أصحابها، ولا يأبه للقرارات الدولية، ولا يحترم الحياة الإنسانية، ويستند إلى أساطير توراتية بالية ليثبت أن ما يجري في فلسطين هو تنفيذ لإرادة إلهية، وكأن العالم لا يزال أميا لا يدرك زيف هذه الإدعاءات. نحن من نملك المعرفة والقدرة على كشف هذه الحقيقة، ونحن أصحاب المصلحة في تخليص العالم من سيطرة الفكر الغيبي على قوى مسلوبة الإرادة لصالح الأعداء. الوقت ينفذ، والعدو يحفر في القلب، قلب القدس وقلوبنا، لهذا نقول: لا بد من العمل السريع لإنقاذ القدسوفلسطين من التهويد، وما يجري الآن هو بروفة لهدم الأقصى والقيامة، وكل ما هو مقدس على أرض فلسطين، ساعتئذْ، لن ينفع لا القول ولا الفعل· هل ننتظر المعجزة؟ طبعا نحن نملك أدوات أقوى من المعجزة، فلنفعلها وسندرك أن المعجزة تحصل للمؤمن بحقه ووطنه·