كشف، الفرع الفرنسي لمنظمة ''غرينبيس'' العالمية، أن حوض البحر الأبيض المتوسط يواجه خطر تلوث صناعي حقيقي بفعل حركة نقل البترول عبر حوض المتوسط، في إشارة إلى أن الكارثة الطبيعية التي تواجه ساحل الولاياتالمتحدة وعدد من دول أمريكا الجنوبية بسبب البقعة السوداء البترولية جعلت العالم يدرك خطورة التسربات البترولية في المحيطات والبحار، حيث أشار التقرير الفرنسي إلى أن خطورة ما يحدث في حوض المتوسط لا يقل خطورة عن الكارثة البيئية التي حدثت بخليج المكسيك، على اعتبار أن البحر الأبيض المتوسط من البحار المغلقة، مما لا يمكن لمياهها بالتجدد من خلال الاحتكاك بمياه المحيطات سوى عبر مضيق جبل طارق الذي لا يسمح بتغيير مياهه بشكل طبيعي، ما يعني حسب التقرير أن التلوث الصناعي إذا تم في هذا البحر لا يمكن معالجته إلا من خلال تدخل بشري وتصفيته بطرق حديثة، مع ضرورة الإشارة إلى أن دول الجنوب المساهمة في هذا التلوث لا تملك الإمكانيات والتكنولوجيا الحديثة للقيام بعمليات التنقية والتنظيف الضرورية التي من شأنها تقليص التلوث الصناعي وفي مقدمته التلوث الناتج عن النفايات البترولية التي تخلفها بواخر نقل البترول من جنوب الضفة إلى شمالها· الجدير بالذكر، بهذا الخصوص، أن الجزائر كانت قد نظمت في وقت سابق يوما دراسيا، جددت خلاله التزامها بالمحافظة على المحيط المائي لسواحلها من خلال اعتماد أساليب حديثة في عمليات النقل، غير أنه وإلى حد الآن تشير التقارير البيئية الدولية، ومن ضمنها تقرير منظمة السلام الأخضر، إلى أن الضفة الجنوبية لحوض المتوسط هي الأكثر تلوثا· وقد عاد التقرير للحديث عن اعتماد بواخر نقل البترول لأسلوب قديم يرتكز على تحميل الباخرة بمياه البحر في طريق العودة من أجل الحفاظ على توان الباخرة، على أن يتم تسريبه بمجرد الإقتراب من السواحل· مع العلم أن المياه المفرغة في طريق العودة تكون ممزوجة بكميات كبيرة من بقايا البترول العالق في خزانات الباخرة المخصصة للبترول، مما يؤدي إلى تلويث مياه البحر· وقد الكشف خلال ملتقى الجزائر عن حجم التبادل التجاري في البحر الأبيض المتوسط الذي بلغ حوالي 30% من التبادل التجاري العالمي، فيما بلغت حركة نقل البترول في البحر الأبيض المتوسط حوالي 22 %، وهي نسب جد عالية مقارنة بالمساحة الإجمالية للبحر، الذي يعد حلقة وصل تجارية مهمة· يحدث هذا في الوقت الذي تشير فيه التقارير الرسمية إلى أن الجزائر وحدها تشهد حركة نقل للبترول يقدرها الخبراء بحوالي مائة مليون طن من البترول سنويا· وبالرغم من تحذيرات المنظمات البيئية غير الحكومية، يظل الاستنتاج الذي يتم التوصل إليه في كل مرة هو المماطلة في اتخاذ الإجراءات الملموسة اللازمة للحد من تدهور المحيط المائي لحوض المتوسط· وكانت سوناطراك الجزائرية قد بادرت مع عدد من دول الحوض المعنية بتجارة البترول بتشكيل شركة برأس مال بلغ 600 ألف دولار وهي شركة ''أوسبريك'' (أويل سبيل ريسبونس كومباني)، التي تعمل من خلال تكنولوجيا حديثة من أجل الحد من حجم التلوث البيئي في المحيط المائي لمنطقة الحوض المتوسط، غير أن الشركة التي لم تقم بأي تدخل بالنظر لعدم حدوث أي كارثة كبيرة، تبقى بعيدة عن تحديث أساليب نقل البترول، في حين أن الخطر من وجهة نظر المنظمات البيئية لا يكمن فقط في تفادي حدوث كوارث التسربات الكبيرة، وإنما في التسربات الصغيرة التي تتراكم بفعل تواصل حركة النقل لتؤدي إلى تدهور دائم لحوض المتوسط·