المصادقة على مشروع النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني    تصفيات مونديال 2026 (المجموعة 7 - الجولتان 5 و6): حارس المرمى أسامة بن بوط, يعوض ماندريا    طالبت بانسحاب الاحتلال من القطاع ووقف الحرب..حماس تدعو واشنطن لإلزام إسرائيل بتنفيذ اتفاق وقف النار بغزة    المنتخب الوطني لكرة القدم للاعبين المحليين يحل بعنابة لإجراء تربص تحضيري لشان 2025    المهرجان المحلي للإنشاد بقالمة: رفع الستار عن الطبعة التاسعة بمشاركة 11 فرقة    يفتتح بموسكو اليوم..الجزائر تشارك للصالون الدولي للسياحة والأسفار    معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي: ضرورة وضع استراتيجية مناسبة لحماية القصر    مصطفى حيداوي : الرفع من جاذبية المنشآت الشبابية يقع في صلب استراتيجية القطاع    المشروع استثمار استراتيجي في عصر الذكاء الاصطناعي : إطلاق مركز حوسبة عالي الأداء خطوة استراتيجية نحو السيادة الرقمية    وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق : أزيد من 18 ألف مخالفة خلال النصف الأول من رمضان    تصنيع سيارات:تقدم أشغال توسعة مصنع فيات بوهران    بمشاركة 17 مترشحا متأهلا من مختلف ولايات الوطن..الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي تنطلق هذا الخميس    تلمسان:انطلاق الطبعة الثامنة لليالي الخط والمخطوط    الشروع في عملية حجز تذاكر السفر للحجاج : انطلاق أول رحلة نحو البقاع المقدسة يوم ال10 ماي المقبل    صحة: سايحي يترأس اجتماعا حول التدابير الخاصة بتعزيز اللامركزية في تسيير القطاع    سويسرا: منتدى حول الصحراء الغربية الأربعاء المقبل    الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية تستهدف تمويل 11 ألف مؤسسة مصغرة سنويا    الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة    فضل الجلوس بعد صلاة الفجر    تصفيات مونديال الإناث 2025 لأقل من 17 سنة: "الخضر" على بعد خطوة من المونديال    رئيس المجلس الإسلامي الأعلى يبرز الدور الهام للمؤسسات الدينية في تحصين عقيدة الأمة    الكيان الصهيوني يشن سلسلة غارات على جنوب لبنان    الرابطة المحترفة الأولى : شباب بلوزداد واتحاد الجزائر يتعادلان (1-1)    البكالوريا المهنية يجري التحضير لها بالتنسيق مع قطاعات أخرى    الجزائر الجديدة المنتصرة بقيادة رئيس الجمهورية وفية لالتزاماتها    تحميل الملفات وإرسالها ليس لها أجل محدد وهي عملية مفتوحة    بلمهدي يشرف على إطلاق مصحفين إلكترونيين وآخر بالخط المبسوط    السلطة والشعب وبناء دولة..!؟    عملية الختان من الضروري أن تجرى في وسط استشفائي    الأمن الحضري الأول حجز قنطار لحوم بيضاء فاسدة    حجز 34 حاوية محملة بالموز بعنابة    إطلاق مصحف الجزائر بالخط المبسوط    حجز 34 حاوية بموز    إبراز مناقب الشيخ محمد بلقايد    فضيحة جديدة لحكومة المغرب    صافرة مصرية للصدام الجزائري    مستوطنون يُدنّسون الأقصى    فرنسيون يُدينون جرائم الاستعمار    الجزائر تتجه لتوطين صناعة الدواء بمختلف الأصناف    النفاق الفرنسي.. كفى! حان وقت الحقيقة    وسام ذهبي للاستحقاق الأولمبي والرياضي للرئيس تبون    اليد الممدودة للجزائر تزعج فرنسا وغلمانها    اليمين المتطرّف في مواجهة غضب الشارع بفرنسا    جاهزون لموسم حصاد استثنائي    هكذا يتم تدعيم وكالة ترقية الاستثمار بالعقار الاقتصادي    عبر البوابة الجزائرية للحج وتطبيق "ركب الحجيج"..حجز تذكرة السفر إلى البقاع المقدسة ابتداء من اليوم    روائع من زمن الذاكرة    أنا "على ديداني" وزولا ترعاني    غويري يشبه أجواء ملعب "الفيلودروم" بمباريات "الخضر"    الإشهار المفرط ينفّر متابعي المسلسلات    عوار يغيب لأسبوعين بسبب مشكلة عضلية جديدة    "الطعام الجاهز".. بديل مثاليٌّ للعزاب والعاملات    400 وجبة يوميا للعائلات المعوزة    في الهند..غير المسلمين يُعدُّون طعام الإفطار للصائمين    تحديد تاريخ مسابقات الالتحاق بالدراسات الطبية للمقيمين    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    هكذا تحارب المعصية بالصيام..    حفظ الجوارح في الصوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خمس رسائل إلى الطاهر وطار•• 3 رسالة في فوضى المحبة وتفاهات الكراهية••
نشر في الجزائر نيوز يوم 15 - 08 - 2010

كما توقعت يا صديقي في نص أبنت فيه نفسك، بحيث مشيت فيه في جنازتك·· نصك السابق التنبؤي كان شفافا وصادقا·· حدث ما في النص يوم وفاتك·· جاء الرسميون، وغير الرسميين، جاء الاعلاميون والمثقفون، وراحوا ينظرون إلى النعش الذي كان مغطى بالراية الجزائرية·· توقعت أن أرى وجهك، لكنه كان مختفيا·· لا شيء ثمة غير ألوان الراية، الأحمر، الأبيض والأخضر·· تناهى إلي صوت من بعيد، كان يجهش·· تأملت الوجوه، رحت أبحث بنظراتي عن هذا الوجه المجهش بالبكاء، في متاهات تلك الباحة الباردة، باحة قصر الثقافة·· بدا الوجه من بعيد قريبا إلى حد ما·· تعرفت على ملامحه، لكنني نسيت الاسم، هو وجه لصحفية كانت تتردد على نشاطات الجمعية التي كانت فلذة كبدك··· وقلت لنفسي، ما أسعدك يا الطاهر·· على الأقل هناك من يبكيك فعلا، ويتحسر على رحيلك فعلا··· كان الناس من حولك يتحدثون مثلما تنبأت في نصك التأبيني لنفسك في أمور وقضايا تافهة··· كانوا يتحدثون في قضايا الدنيا، أكثر بكثير عن قضايا الموت·· كان اسمك يمر هكذا كالطيف الهارب على الألسنة·· كانوا يتحاضنون، ويتكلمون ويتلاومون على نسيان بعضهم البعض··· تسابق المصورون ما أن رأوا الرئيس الأسبق للحكومة يدخل باحة قصر الثقافة، ليأتي بعده، رئيس مجلس الأمة·· تحول المسؤولون الرسميون إلى نجوم، فيما بقيت أنت صامتا، لا حراك مختفيا وراء الراية الوطنية·· رأيت أيضا، من لا يحبونك، ومن لم يتكلموا معك منذ زمن، ورأيت أيضا من كان فرحا برحيلك ليحل محلك، ويصبح قيصر الرواية دونما منازع··· ورأيت أيضا المسؤولين السابقين الذين كانوا متلهفين على ما تبقى من سطوتهم وماضيهم التليد المبجل في قلوب الآخرين··· خلتك حزينا، وخلتك غير حزين، وأنت تنظر إلى كل تلك الأمة التي جاءت هنا لتلقي عليك النظرة الأخيرة··· ترى، لماذا كانوا غارقين في الكلام عن الحياة، والسياسة أكثر من الحديث عنك، وعن الموت؟!
هو الموت، أليس كذلك؟! إنه يقف هكذا أمامنا، ليواجهنا، ليعرينا، ليسائلنا، ليضعنا وجها لوجه أمام أنفسنا، أمام القدر، وأمام الله، وأمام ذاك اليوم الذي لا نريد أن نفكر أنه أيضا يومنا·· يوم نصبح في نعش، غير قادرين على الكلام والحراك·· بينما من حولنا يتكاثر الكلام، ويتداخل الصدق بالنفاق، وتصحاح الوجه بالحياء، بحيث تصبح هناك برغم وجود الجسد هنا، محاصرا بالنظرات الهاربة من نفسها، بالكلمات المتملصة من ذاتها ومن المعاني المتخفية عن عيونها··· وتصور يا صديقي أن الرئيس نفسه، والذي لم تكن راضيا عنه قد فاجأك، وغمرك بشيء غبطك عليه الكثير ممن بقوا بعدك، وربما غبطك إياه من سبقوك··· لقد أمر بنقلك في مربع الشهداء بمقبرة العالية، وأنت الذي كنت تحلم أن تدفن بمسقط رأسك بمداوروش··· لو كنت تعلم ذلك من قبل ماذا كنت ستفعل؟! عندما التقيتك هناك، أكيد أنك ستقول لي، ماذا كنت ستفعل··· أعرف، أنك من السلالة التي عاشت من أجل الخلود·· والرئيس مثلك يحب الخلود·· البقاء في ذاكرة التاريخ··· البقاء حيا هناك عبر الهنا···
أنت كنت مشاكسا، وأحيانا مثيرا للغضب والتقزز، ربما لأنك كنت طفلا في حبك، وفي كراهيتك·· طفل لا يعرف كيف يتخبأ عندما يقترف جريرته، يظهر ويشاكس ويعارك··· أحزنت الكثير ممن كانوا يحبونك، يوم رميت بتلك الصاعقة في وجه كل من أحبك، عندما صرحت، أن موت الكاتب الطاهر جاووت لا يهم سوى عائلته وفرنسا··· كم كنت قاسيا، واستفزازيا··
لماذا رميت بتلك الصاعقة؟!
هل كنت فعلا مؤمنا بذلك؟!
الطاهر جاووت، كان صديقك، وكنت تحبه·· كتب عنك كثيرا، وكان ممن اعتبروك رمزا من رموز حداثة الكتابة باللغة العربية·· كلاكما كان يفكر في إنشاء رابطة كتاب جزائريين حرة ومستقلة بعد أحداث أكتوبر 88·· كنت ممن وقفوا ضد إيقاف المسار الانتخابي، وكان هو ممن كانوا ضد الاسلام السياسي·· أعرف، أنه انتقدك قبل إيقاف المسار·· تحول إلى حداثي راديكالي·· تجادلنا مع بعض طويلا يوم كان على رأس تحرير أسبوعية ''رويتور'' في مكتبه·· لكنه لم يكن حاملا للكراهية كان هادئا، ومساجلا عميقا·· سألته عن كتابته عنك، لم يكن يتمنى لك الموت، ولم يكن يكرهك··· كنت مثلك ضد إيقاف المسار الانتخابي·· لكن هل يجعل ذلك منا أن نقول قولة غير الحق في حق من اختلفوا معنا···؟!
كانت كبوتك فظيعة، لكنك بقيت كأي شاوي، عنيدا متشبثا بصاعقتك··· لكن هل كانت هذه كل الحقيقة؟!
كنت آنذاك في عمق فوضى المحبة، لكنك كنت مهددا بتفاهات الكراهية التي تعمي الأبصار والبصائر·· وتسرق ذلك النور الخفي الكامن في غياهب القلب الكئيب··


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.