العمل بالقرآن والإئتمار بأوامره واجتناب نواهيه والوقوف عند حدوده: وقال ابن عمر رضي الله عنهما: لقد عشنا برهة من الدهر وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة فيتعلم حلالها وحرامها، وأوامرها وزواجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها، ولقد رأينا رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته لا يدري ما آمره وما زاجره، وما ينبغي أن يقف عنده، ينثره نثر الدّقل أي رديء التمر ويابسه؛ وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يتجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن· - الاستماع والإنصات إلى القرآن بالأذن وبالقلب: لقوله سبحانه وتعالى: ''وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ'' (الأعراف 204)· - عدم قطع القراءة إلا لضرورة: عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في غزوة ذات الرقاع فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فحلف أن لا انتهي حتى أهريق دما في أصحاب محمد فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا فقال من رجل يكلؤنا فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار فقال كونا بفم الشعب قال فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري وقام الأنصاري يصلي وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم فرماه بسهم فوضعه فيه فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم ثم ركع وسجد ثم انتبه صاحبه فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم قال سبحان الله ألا انبهتني أول ما رمى قال: كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها· - السجود عند تلاوة أو سماع آية سجدة: عن أبي رافع قال صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فقلت ما هذه قال سجدت بها خلف أبي القاسم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه· رواه البخاري ومسلم· وعن أبي هريرة أنه قال سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك· رواه مسلم؛ عن زيد بن ثابت قال قرأت على النبي والنجم فلم يسجد فيها (رواه البخاري)؛ وعن ربيعه بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه ولم يسجد عمر وزاد نافع عن بن عمر رضي الله عنهما إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء (رواه البخاري). إخلاصك في رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه''، وقال صلى الله عليه وسلم: ''من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه''· ومعنى (إيمانًا): اعتقادًا بأن ذلك التكليف حق، و(احتسابًا ) أي طلبًا للثواب عليه من الله· - فاعلم أخي الصائم أن قبول أعمالك كلها في رمضان، وحتى في غير رمضان، لن يكون الجزاء فيه إلا على قدر النية والاحتساب· - اللهم اجعل أعمالنا كلها صالحة، واجعلها لك خالصة، ولا تجعل لأحد من الخلق فيها شيئًا، وأعنا على صيام وقيام شهرنا إيمانًا واحتسابًا··· آمين· إستراحة الصائم ·· أشعار وابتسامات :ضاع له حمارا فنذر صياما ضاع لأحدهم حمار فنذر أن يصوم ثلاثة أيام إن وجد الحمار وبعد فترة من الزمن وجد حماره فأوفى بنذره وصام الثلاثة أيام، وما أن أكمل الصيام حتى مات الحمار فقال: لأخصمنّها من شهر رمضان مع السائلين : يجيبكم الإمام سليم عبد السلام بيدي س: رجل مريض ينتظر الشفاء ليصوم، فمات، فماذا عليه؟ ج: ليس عليه شيء لأن الصيام حق لله تبارك وتعالى، وجب بالشرع ومات من يجب عليه قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج· وقفات مع الصائمات كلنا ذوو خطأ أخي الكريم؛ أختي الحبيبة: كلنا مذنبون··· كلنا مخطئون·· نقبل على الله تارة وندبر أخرى، نراقب الله مرة، وتسيطر علينا الغفلة أخرى، لا نخلو من المعصية، ولا بد أن يقع منا الخطأ، فلست أنا و أنت بمعصومين، ''كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) والسهو والتقصير من طبع الإنسان، ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أن يفتح له باب التوبة، وأمره بالإنابة إليه، والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي·· ولولا ذلك لوقع الإنسان في حرج شديد، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته· أين طريق النجاة؟ قد تقول لي: إني أطلب السعادة لنفسي، وأروم النجاة، وأرجو المغفرة، ولكني أجهل الطريق إليها، ولا أعرف كيف ابدأ؟ فأنا كالغريق يريد من يأخذ بيده، وكالتائه يتلمس الطريق وينتظر العون، وأريد بصيصاً من أمل، وشعاعاً من نور· ولكن أين الطريق؟ والطريق أختي الحبيبة واضح كالشمس، ظاهر كالقمر، واحد لا ثاني له··· إنه طريق التوبة·· طريق النجاة، طريق الفلاح·· طريق سهل ميسور، مفتوح أمامك في كل لحظة، ما عليك إلا أن تطرقه، وستجد الجواب: ''وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى'' (طه: 82)· بل إن الله تعالى دعا عباده جميعاً مؤمنهم وكافرهم الى التوبة، وأخبر أنه سبحانه يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها مهما كثرت، ومهما عظمت، وإن كانت مثل زبد البحر، فقال سبحانه: ''قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم'' (الزمر: 53)· ولكن··· ما التوبة؟ التوبة أخي الكريم، أختي الحبيبة: هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً·· وهي اسم جامع لشرائع الإسلام وحقائق الإيمان·· هي الهداية الواقية من اليأس والقنوط، هي الينبوع الفياض لكل خير وسعادة في الدنيا والآخرة··· هي ملاك الأمر، ومبعث الحياة، ومناط الفلاح··· هي أول المنازل وأوسطها وآخرها··· هي بداية العبد ونهايته··· هي ترك الذنب مخافة الله، واستشعار قبحه، والندم على فعله، والعزيمة على عدم العودة إليه إذا قدر عليه··· هي شعور بالندم على ما وقع، وتوجه إلى الله فيما بقي، والكف عن الذنب· أختي الحبيبة : أكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها فضلاً عن القيام بها علماً وعملاً· و إذا عرفوا قدرها فهم لا يعرفون الطريق إليها، وإذا عرفوا الطريق فهم لا يعرفون كيف يبدأون؟ فتعال معي أخي الكريم؛ أختي الحبيبة لنقف على حقيقة التوبة، والطريق إليها عسى أن نصل إليها.