يمثل رمضان للبعض شهرا لأعمال الخير وأداء الفرائض الدينية، بينما يراه آخرون مناسبة لملء الموائد بمختلف أنواع الطعام التي تصل في الكثير من الأحيان إلى حد التبذير المفرط، ويراه البعض الآخر مناسبة للزيارات الأسرية وتبادل دعوات الإفطار، وفي الكثير من الأحيان يراه الجزائريون شهرا للكسل والنوم في أي مكان كان، سواء في المنزل أو العمل وحتى في الأماكن العمومية· من بين المظاهر الغريبة التي تصنع المشاهد اليومية لمختلف الشوارع الجزائرية هي ظاهرة النوم في الشوارع، خصوصا في الساعات التي تسبق وقت الظهيرة حتى المساء، فلم تعد هذه الظاهرة تقتصر فقط على المنازل، حيث تجد بصفة كبيرة الشباب البطال أو العامل الذي فضل أن تكون إجازته حلال شهر رمضان من أجل الاستمتاع بالنوم لساعات طويلة خلال النهار، خصوصا وأن حرارة الجو التي تميز شهر أوت، الذي يعتبر من بين أكثر أشهر السنة حرارة، صادفت هذه السنة شهر رمضان الكريم، وهي الفترة المناسبة لدى الكثيرين من أجل أخذ عطلة سنوية ممتدة على مدى شهر كامل من أجل تفادي مشاق الانتقال إلى العمل ومشاق العمل في حد ذاته أمام الإنهاك الذي يصيب الكثيرين من قلة النوم وإحياء سهرات رمضان مع الأهل والأقارب، كما أن النوم يساعد من يرى أن مفهوم رمضان هو الجوع والعطش طوال اليوم من أجل تفادي الشعور بهما· ولا يقتصر النوم لدى الجزائريين خلال شهر رمضان على الماكثين والماكثات بالبيت فقط، بل وتمس هذه الظاهرة حتى العمال الذين يشتغلون في مختلف المؤسسات، خصوصا التي يقل فيها العمل خلال هذا الشهر، مع العلم أن ساعات الدوام تقل عما كانت عليه في الأيام العادية، وبالرغم من ذلك إلا أن بعض العمال يغتنمون فرصة غياب المسؤولين، الذين بدورهم يغيبون عن العمل أيضا بحجة الصيام والتعب وغيرها، من أجل النوم في المكاتب والاستمتاع بقيلولة ولو على كرسي وطاولة، وبالرغم من أن الضعف والكسل أثناء الصيام ناتج بالدرجة الأولى عن كثرة السهر وقلة النوم مع انخفاض نسبة السكر في الدم بعد ساعات طويلة من الصيام، لكن هذا ليس عذرا من أجل نوم العامل في مكان عمله· والعجيب والغريب في كل هذا، الذي لا نجده، حسب ظني، إلا في الجزائر والمكسيك طبعا، هو نوم بعض المواطنين في مختلف الأماكن العمومية، سواء كانت نظيفة أو صالحة للنوم أو لا، ومن أهم المظاهر التي شاهدناها في مختلف شوارع العاصمة مثلا نوم بعض الصائمين، الذين يهربون من ضجة أولادهم في المنازل أو الهروب من حرارة البيت الذي يخلو من مكيفات وغيرها من بعض الدوافع التي نعتقد أنها السبب في تفضيل هؤلاء الاستلقاء والنوم لساعات طويلة في الشوارع، على مقاعد محطات الحافلات أو تحت ظل الأشجار، على الأرصفة وفي بعض الأحيان على الأدراج وحتى في المحلات كذلك، حيث أصبح المواطنون يزاحمون القطط في الشوارع لأن بعض المواطنين يأخذون في بعض الأحيان الأماكن التي يوجد بها ظل من أجل الاستلقاء والنوم، خصوصا مع حرارة الجو التي تميز هذا الشهر الفضيل الذي جاء هذه السنة في شهر أوت·