شكلت عودة سليمان بن عيسى إلى أحضان المسرح الجزائري، عشية أول أمس، جل تطورات النقاش الذي دار في السهرات الثقافية التي تحتضنها ''الجزائر نيوز''، حول إمكانية تأقلم بن عيسى مع الوضع الحالي الذي تعيشه الجزائر، التغيرات والبيئة، جدل وسع أفاق النقاش بين من يلوم تأخره في العودة إلى الساحة المسرحية الجزائرية، ومن يبارك العودة الميمونة لصاحب رائعة ''بابور غرق''· اعتبر الكاتب والمخرج المسرحي سليمان بن عيسى أن رحيله عن الجزائر لمدة تزيد عن 24 سنة لم يكن سوى انتقال للذات، مؤكدا أنه لم يرحل يوما عن المسرح الجزائري والبيئة الجزائرية التي بقي متعلقا دائما بها عن طريق روحه وجدانه· وأضاف بن عيسى في رده حول سؤال طرح له حول مدى إمكانية تأقلمه مع الوضع الحالي الذي يعيشه المجتمع الجزائري، ردّ قائلا ''الجزائر، صحيح تغيرت في البناء والعمران إلى درجة أنني صرت لا أعرف الكثير من الطرق، لكن العقلية والثقافة لم تتغير كثيرا ولو تحركت لكنا شعرنا بالوضع''، كما قال أن الزمن لم يتجاوزه وإن كانت الجزائر تغيرت، فإنه هو كذلك قد تغير· وفي تطرقه إلى تجربته المسرحية في فرنسا، تحدث سليمان بن عيسى في الفضاء الثقافي لسهرات ''الجزائر نيوز'' الرمضانية، أن الهجرة والمنفى لم تمنعانه من التواصل مع الوطن الأم، تواصل من خلال الأعمال التي دار محورها دائما حول الجزائر، مضيفا أن العائق الذي واجهه في حياته يكمن في الوقت الذي وجد نفسه أمام جمهور لا يعرفه بداية من رحيله سنة ,1993 وقال أن هذا الشعور استغرق من حياته عامين كاملين طرح فيهما أسئلة كثيرة تعلقت بكيفية تفكير هذا المجتمع، تصرفاته وميولاته، مضيفا أنه لم يكن يعرف الجمهور الفرنسي· وعرج في ذات المداخلة على تواصل الأجيال خاصة بتاريخها وذاكرتها، حيث تمنى أن توجد في ثانوياتنا وإكمالياتنا ورشات خاصة بالتاريخ، معتبرا أن التواصل مع الأجيال يحدث حين يحكى التاريخ، كما رفض أن يكون مشكل تعميم اللغة العربية مشكلا إيديولوجيا، حيث ربطها بآليات لابد من وضعها حتى تفرض بشكل تلقائي· واعتبر سليمان بن عيسى أن اللغة لن تغير ما يريد المسرحي قوله سواء كان النص بالعربية أو بالفرنسية، لكن المسرح قادر على نشر اللغة وفرضها، كما أبدى تهكمه بالقول نحن من أخرج فرنسا من الجزائر بعد حرب طال أمدها وامتدت 130 سنة ورغم ذلك عشنا 50 سنة كأنها هي من فازت علينا، محمّلا المسؤولية في ذلك إلى الذهنيات، أما الشباب فقال عنه بن عيسى إنه ضحية للحواجز والحدود التي يمكن للمسرحي وحده أن يكسرها. 4 أسئلة إلى: سليمان بن عيسىسأله ماذا يمكن أن تقول لنا عن هذه العودة؟ العودة ستكون إن شاء الله من خلال العديد من الأعمال المسرحية التي سأقدم منها خلال السنة الجارية 10 أعمال، وقعت بداياتها من ''مجلس تأديب'' التي تقمص أدوارها الرئيسية ممثلين من الجيل القديم من بينهم محمد رماس ومصطفى عياد وجمال بوناب وأرسلان و إبراهيم شرقي وتدور أحداث المسرحية في ماي 1959 بالجزائر، حيث يجبر عراك بين طالبين ثانويين أحدهما جزائري (عتمورث) والثاني فرنسي (جاكومينو) المراقب العام على عقد مجلس تأديبي يضم خمسة أساتذة يختلفون في الأصل والديانة والتوجه السياسي، كما هناك عدة عروض ستأتي لاحقا قد بدأنا العمل عليها من بينها ''ربي شاهد'' و ''الشيب يخدع والمال ما ينفع'' و''باب المدينة'' وغيرها··· هل سيعود بن عيسى إلى المسرح الجزائري من خلال نفس أسلوب تمثيلية ''بابور غرق''؟ الأمور حاليا تغيرت كثيرا، أتحدث عن الأوضاع، لذلك بطبيعة الحال لن أقوم بنفس الشيء، لابد من أن يكون هناك تطور في الأسلوب والمحتوى، كما أن اهتمامات الشعب تغيرت، وأن من أنجز مسرحية ''بابور غرق'' يمكن أن ينجز الأفضل· كيف تُشرّح وضع المسرح في الوقت الحالي؟ هناك اجتهادات لكن من يقول أن المسرح يعاني، فمعنى ذلك أننا لا نقوم بمسرح، وما يمكنني أن أقدمه حاليا للمسرح الجزائري هي خبرتي ومعرفتي الطويلة، يمكن القول أنني سأحاول وضع القطار على السكة من حيث ماذا يريد الجمهور وكيف نصل إليه. هل يمكن أن نعرف ما هي اللغة التي سيتواصل بها سليمان مع جمهوره؟ بين اللغة العربية والفرنسية والعربية الدارجة يمكن أن أقول أن أحسن لغة تصل إلى 48 ولاية عبر التراب الوطني هي اللغة العربية الدارجة التي حان الوقت لإعطائها مكانتها الحقيقية، في وقت كان ممنوعا في سنوات السبعينيات استخدامها كما سبق وقلت، أن اللغة لا يمكن أبدا أن تغير ما يريد المسرحي قوله، لكن يمكن للمسرح أن ينشر اللغة والدارجة العربية تستحق الآن أن ترتقي وتعرف· قالوا عن عودة سليمان بن عيسى خلاف عبد الناصر باحث ومسرحي عودة سليمان بن عيسى كانت متأخرة، غياب لأكثر من 24 سنة، وبدل أن يدخل من الباب الواسع دخل من النافذة، أي أنه عاد إلى المسرح من نافذة التلفزيون، والسؤال الذي يطرح نفسه وأطرحه على المخرج والكاتب المسرحي هو هل من بعد بابور غرق·· سليمان بن عيسى غرق؟· عبد الحكيم مزياني مثقف في اعتقادي وفي نظري دائما أن الكاتب والمخرج المسرحي المتميز سليمان بن عيسى لم يغادر أرض الوطن، فإنتاجه المسرحي عميق وترك الذاكرة تربطنا مع محتوى مسرحياته، وعلى حسب رأيي، بن عيسى ما زال قادرا على العطاء وتقديم مغامرات ثقافية أخرى تساهم في بناء الثقافة الوطنية· مصطفى عياد ممثل مسرحي هي ليست عودة بل تواصل، وما يمكنني أن أقوله هو أن بن عيسى أحسن لما توجه نحو الخارج، كما أن انتقاله إلى أرض الوطن والعمل هنا بين المسرحيين والممثلين الجزائريين هو عودة للمتفرجين والجيل الجديد، لكن هي لا تعتبر كذلك لنا، كما أن سليمان قد وضع برنامجا ثريا يمكن له أن يحيي ويعيد الفن المسرحي إلى مكانه الحقيقي· ثابت سعودي جامعية وكاتبة عودة إن شاء الله ميمونة وأنا شخصيا أعتبر الكاتب المسرحي سليمان من الكوادر التي تشكل منها المسرح الجزائري كافح وتعلم، إضافة إلى هذا المستوى التعليمي الجامعي الذي يحظى به، غير أن التحفظ الذي يبدو لي هو أن الشعب الآن أكثر تماسكا مما كان يوم رحيل بن عيسى في ,1993 لذلك نحن ننتظر هل سيترجم انشغالات الشعب الجزائري·