تمر هذا الأسبوع الذكرى ال 17 لرحيل عالم الإجتماع والأديب الكبير عمار بلحسن، وكذلك الذكرى ال 49 لميلاد الشهيد بختي بن عودة (من موالديد 28 أوت 1961)·· ذكرى الموت والميلاد··· ولكنها تبقى ذكرى واحدة، ذكرى الرحيل الكبير لقامتين أدبيتين وفكريتين قُصِف عمرهما في لحظة النضج والإنبثاق، عمار بلحسن مات في الأربعين، في سن النبؤة الحار·· وبختي بن عودة في ال 34 في سن الفتوة والأحلام الكبيرة·· عمار وبن عودة كانا لسنوات دينامو الحياة الثقافية في وهران، في ''الحياة الأدبية'' لجريدة ''الجمهورية''، أثارا معارك أدبية، وفتحا نقاشات، وسجلات كبرى في ذلك الوقت، كانا ملح الصحافة الثقافية الجزائرية··· عمار كان مشغولا بسوسيولوجيا الأدب والقصة القصيرة، وبن عودة كان مولعا بالخطيبي والشعر وفلسفتي التأويل والتفكيك بعد ذلك· هذا الأسبوع تأتي ذكراهما، ذكرى الموت والميلاد وسط هذا الإقحال الثقافي الذي أصاب البلاد·· ونحن مقبلون بعد أيام على معرض الجزائر الدولي للكتاب، وسط فوضى من المعطيات··· ولا أحد تذكر عمار وبن عودة التوأم الثقافي الرائع·· لا الوزارة فكرت في طبع أعمالهما، أو حتى إعادة طبعها·· لنذكر أن أعمال عمار بلحسن القصصية ''حرائق'' ''البحر''، ''أصوات'' و''قوانيس'' لم يتم إعادة طباعتها وهي ما هي من الإبداع الذي لست أنا المخول للحديث عنها·· كل كتاب السّرد يعرفون ما فعلته هذه المجاميع السردية فيهم ومذكرات عمار الفجائعية-التنبؤية، لا أحد التفت إلى ضرورة إعادة طباعتها بعد طبعة عمي الطاهر في الجاحظية المحدودة، ولا أعماله الأكاديمية وأبحاثه الرائدة في سوسيولوجيا الأدب التفت لها أحد، وقد مرت كل الزردات الثقافية من السنة الجزائرية في فرنسا، إلى السنة الإفريقية إلى السنة العربية التي لست أدري من السنوات القادمة التي ستحمل المسميات الملونة ذاتها·· في هذه المواعيد كان الحديث عن الكتاب وعن الألف كتاب وكتاب، وعن سياسة الكتاب، ورأينا الكتب تطبع بمنطق الكمية وترمى في المخازن ليأكلها الغبار وتلتهمها الحشرات· بختي بن عودة كذلك، لولا الجهد الصادق للأصدقاء في الاختلاف (خاصة بشير مفتي وآسيا موساي) ما كان لكتاب ''رنين الحداثة'' أن يظهر·· يا الله!! ما هذا الجحود!! لا الجامعة التي أفنيا عمرهما القصير فيها، ولا أي جهة لها المسؤولية فكرت فيهما، في طبع أعمالهما·· أما البكائيات، وصرف المالي في الملتقيات التأبينية فهذه أمور تجاوزها المنطق والزمن· هذا الأسبوع تمر ذكرى الموت والميلاد لعمار وبن عودة التوأم الثقافي الذي فقدنا في غفلة منا·· في اللحظة الجزائرية القاسية في أكثر ألوانها تراجيديا·· ماتا بالسرطان·· الأول بالسرطان البيولوجي، والثاني بالسرطان الوطني·· والأكيد أن البلاد ستنتظر ملايين السنوات الضوئية لتنجب عمارا آخر وبن عودة آخر··