عرفت الكاتب الأديب الأردني في مدينة الزرقاء بالأردن التي كنت أسكنها، وكان هو يدرس فيها ويتابع دروسه الجامعية في جامعة بيروت التي انتقل إليها من جامعة القاهرة· كان فخري قعوار في ذلك الوقت قد قطع شوطا في كتابة القصة القصيرة، فقد نشر فضلا عن ''الأفق الجديد'' في مجلات القاهرة المرموقة مثل مجلة ''الكاتب'' ولازلت أذكر حتى الآن بواكير قصصه مثل ''المشي بهدوء في الطين''، ''الشطرنج''، ''كل شيء على مايرام''· ولذلك فهو يعتبر رائدا من رواد القصة في الأردن، بل هو الذي رسخها في المشهد الأدبي العربي ولعله هو الذي عرّف العرب على الأدب الأردني والأدباء الأردنيين خاصة بعد ترؤسه لرابطة الأدباء الأردنيين التي ناضل طويلا ومريرا من أجل تأسيسها· وأبو الأنيس كاتب مبدع متعدد المواهب الكتابية، فهو -بالإضافة لكتابته فن القصة القصيرة الذي اشتهر به- باحث وكاتب صحفي، فهو يكتب العمود الصحفي اليومي منذ عام 5791 وحتى الآن في عدة صحف، مثل: الأخبار، الدستور، الرأي الأردنية· كما يكتب الدراما الإذاعية والتلفزيونية، وهو قلم كبير في الصحافة الساخرة، بل عضو في جمعيات عالمية للأدب الساخر، كما أنه كاتب أطفال مميز ويساعده في ذلك اطلاعه الواسع على التراث العربي من جهة وإتقانه العالي للغة الأنجليزية· عاش فخري في عائلة مثقفة وسخية لذلك كانت مضافة بيتهم تعج بالمثقفين الشباب الذين صاروا إعلاما في الأدب في وقت لاحق، وتعرفت في تلك المضافة على عدد منهم مثل المرحوم الشاعر محمد القيسي الذي كان في بداياته الشعرية· وكانت أم فخري ترحب بنا وتكرمنا كأننا أولادها وكانت أمي حين تطول غيبتي تزورها لتسأل فخري عني أين أكون· كنت أتواصل معه بالرسائل ومع بعض إخوته وأنا أطوف في بلدان العربان ومن بين تلك الرسالة رسالة من شقيقه الذي كان في بلغاريا ·· يعلمني فيها أن الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي يحضر مؤتمرا للشباب سيلتحق بالثورة الفلسطينية، وماهي إلا أيام حتى انتقل درويش إلى موسكو ثم القاهرة· وباعدت بيننا البلدان زمنا طويلا وفجأة في التسعينيات وهو على رأس إتحاد الأدباء والكتاب العرب الذي رأسه مرتين يزور الجزائر التي نظرا لما كانت تمر به من ظروف أمنية لم يتشجع أي أحد سواء من الأدباء وغير الأدباء أن يزورها وكنت مع مستقبليه في مطار الدارالبيضاء وكان يرأس إتحاد الأدباء الجزائريين في ذلك الوقت الدكتور· ولأني أعرف فخري وشجاعته لم أدهش أن يطلب زيارة القصبة التي لم تكن مكانا آمنا خاصة للأجانب، لكن فخري ليس من الذين يرتعدون كما أنه ليس من المتهورين وبالفعل قام بجولات في أرجاء العاصمة رافقته في بعضها وظهر في التلفزيون الجزائري· وكنت أحيانا أخشى أن ينزلق لسانه، لكني أعود فأطمئن، فأنا أعرف قدرته على التحكم في لسانه· وكانت خشيتي تعود إلى أن الرجل كان صديقا شخصيا للرئيس العراقي صدام حسين مع أنه لم يكن منضويا في حزب البعث··· لكن الفكر القومي لفخري يدفعه إلى المواقع الصعبة، ومنها عضويته في البرلمان الآردني التي افتكها من منافسين تدعمهم أحزاب وآخرين تدعمهم السلطة وظل على مدى دورتين برلمانيتين في مقاعد المعارضة· وهذه الثنائية رافقت الأستاذ فخري في كثير من مراحل حياته، فقد ترأس إتحاد الأدباء العرب في دورتين وترأس رابطة الكتاب الأردنيين مرتين· زار فخري قعوار الجزائر عدة مرات في مناسبات ثقافية ونضالية، فهو عضو المنتدى القومي العربي، وعضو مؤتمر القوى الشعبية العربية وغيرها من الهيئات الشعبية القومية والفكرية· ونظرا لجهوده قلده قائد الثورة الليبية وسام الفاتح العظيم، كما فاز بالعديد من الجوائز، وفي إحدى زياراته للجزائر علم فخري بمعاناتي المعروفة فقال لأحد المسؤولين: إن سهيل الخالدي يعاني بينكم ونحن بحاجته· فحدثه المسؤول كلاما جميلا عني مشفوعا بوعود أجمل، لكن معاناتي استمرت· تعرض فخري قعوار لحملات إعلامية بسبب مقالاته التي لم تكن توفر مسؤولا صغيرا أو كبيرا، أما القوى غير الوطنية وغير القومية، فكانت لا تتوقف وبلغ الشطط بهؤلاء أنهم قالوا أن فخري قعوار كان من شركاء صدام حسين في النفط، لكن أبو الأنيس ليس من هؤلاء الذين تزعجهم تقولات الأعداء فقد تعلمت منه ثلاث خصال هي عدم الطمع بمال الغير، وعدم الجري وراء المناصب السياسية، وعدم الجري وراء النساء، وهي خصال تقود صاحبها إلى قلة النوم· وقد عاش فخري قعوار ولايزال وعيونه غير شاردة، فقد نشر ما يزيد عن ثلاثين كتابا وصدرت عنه عدة كتب ودراسات أكاديمية وترجمت مؤلفاته للعديد من اللغات مثل الروسية والتركية· أطال الله في عمر صديق العمر أبو الأنيس·