تراجع ترتيب مصر وفقا لمؤشر الشفافية العالمي لعام ,2009 إلى 2,8 درجة، بعد أن كان 3,4 درجات في ,2005 وذلك بسبب تفشي الفساد في أجهزة الدولة بأشكال متعددة· وحول أسباب الفساد في مصر يشير أحمد النجار -الباحث بمركز دراسات الأهرام- إلى أن أبواب الفساد في مصر متعددة، منها تدني رواتب موظفي الجهاز الإداري للدولة إلى نحو 300 جنيه مصري شهريا للفرد، وهذا ينطبق على عدد كبير من موظفي الجهاز الإداري البالغ عددهم نحوئستة ملايين موظف، مما يجعلهم مستعدين لقبول الرشوة بشكل كبير· كما كان برنامج الخصخصة واحدا من أبواب الفساد الذي باعت فيه حكومة الدكتور أحمد نظيف شركات الإسمنت بنحو 9 مليارات جنيه، وهو ثمن بخس لا يمكن الحكومة الآن من أن تقيم شركة إسمنت واحدة، فضلا عن أن كافة المشروعات التي تمت خصخصتها بيعت بما يعادل 5 % فقط من ثمن أراضي هذه الشركات· أما الباب الأوسع للفساد فهو خضوع كافة المؤسسات المعنية بكشف الفساد ومواجهته للسلطة التنفيذية، وجاء ذلك في المؤتمر الذي نظمته مؤخرا لجنة الحريات بنقابة الصحفيين بالقاهرة بعنوان ''التصدي للفساد، ونظرة نحو المستقبل''· في ماي 2010 صدر تقرير منظمة الشفافية الدولية، ليشير إلى أن النظم غير المتطورة للمساءلة في أربع دول عربية -من بينها مصر- تعمل على إعاقة الجهود المبذولة لمكافحة الفساد· ووصف كريستيان بورتمان مدير البرامج العالمية في منظمة الشفافية الدولية أنظمة الحكم الرشيد بهذه البلدان بأنها غير فعالة، وأوضح التقرير أن أحد المعوقات الرئيسية لمكافحة الفساد في هذه البلدان يكمن في السلطة التنفيذية غير الخاضعة للرقابة· ويتفق مع هذه النتيجة المهندس يحيى حسين من ''مؤسسة حركة لا لبيع مصر''، مؤكدا أن المثل العربي يقول ''من أمن العقوبة أساء الأدب'' حيث سيطر رجال الأعمال الفاسدون على السلطات التنفيذية والتشريعية والإعلام، ولذلك أمن هؤلاء العقوبة· وأشار إلى أن جرائم الفساد في مصر أكثر من أن تحصى، فالحديث عن فساد الخصخصة وغيرها أصبح شيئا عاديا، لا يستحي منه الفاسدون من رجال الأعمال أو أعضاء البرلمان أو المسؤولين الحكوميين· ودل على هوامش الربح الكبيرة التي يجنيها هؤلاء المفسدون وتقوي عزيمتهم في الفساد، بحادثة أشارت إليها إحدى الصحف القومية من خلال تصريح رئيس جهاز المركز الوطني لاستخدامات الأراضي ب ''نه تم تخصيص أرض لرجل أعمال على طريق القاهرة- الإسماعيلية الصحراوي ب50 جنيها للفدان لاستصلاحها، فباعها لمدرسة لغات بمليون جنيه للفدان''، ويوضح يحيى أن الربح 20 ألف ضعف، أي 2 مليون% وهو أكبر من ربح تجارة المخدرات· وذهب الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق إلى أن الفساد أصبح يشكل ما بين 15 ئ%و17 % من الناتج المحلي في مصر حسب تقديرات عام ,2005 ومع تزايد نفوذ رجال الأعمال وأنشطة الفساد توقع عبد الخالق أن يفوق الفساد هذه النسبة· وأضاف عبد الخالق أن السياسة الخارجية المصرية شهدت نوعا من الإفساد من قِبل رجال الأعمال، بإرباك المجال الحيوي للمصالح الإستراتيجية للدولة وذلك بالاعتماد على الغرب وتقليص العلاقات العربية، والعمل على تشويه متعمد لمصادر الخطر والتهديد للمصالح المصرية، وتغليب عقلية الشركة المتمثلة في الربح على المصالح القومية العليا· وفي ختام المؤتمر تم تكريم بعض رموز مواجهة الفساد، وتقدمت لجنة ''حماية الشرفاء'' بدفع مبلغ 30 ألف جنيه للباحث أحمد النجار، الذي كانت قد غرمته به المحكمة في مواجهة فساد رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير مؤسسة ''الأهرام'' الأسبق، وتعاهد حضور المؤتمر على مواصلة مواجهة الفساد، ومكافحته باعتباره الخطوة الأولى لإصلاح حقيقي في مصر·