بتواضعها المعهود قبلت الفنانة المتألقة زكية قارة تركي دعوتنا، حيث فتحت قلبها لقراء الجريدة، فكان الحديث معها عن مسيرتها الفنية لتكشف بعض أسرارها الخاصة في هذا العالم الجميل، وتعرج بعدها لإلقاء بعض الأضواء على تجربتها الغنائية بأمريكا لتشير إلى أنها سفيرة الأغنية الجزائرية في العالم·· أما عن تجربتها الثنائية مع ''خليل أرلوّ'' الفنان التركي العالمي فتؤكد أنها زادت من تألقها، كما أنها ساهمت في المزج بين الثقافتين· زكية قارة تركي تعتبر من الفنانات القليلات اللاتي يعتقدن بالقيم الفنية التراثية الأصيلة، كيف كانت بداية تجربتك مع الموسيقى الأندلسية؟ بما أنني أنحدر من عائلة تحترم كثيرا الفن، فقد ساعدني ذلك على أن أترعرع في وسط متشبع بالقيم الفنية التراثية الأصيلة، والأغنية الأندلسية بالنسبة لي هي المفتاح الحقيقي الذي ساعدني على ولوج عالم الفن من بابه الواسع، وإلى جانب تلك الإمتيازات التي كنت أتمتع بها مقارنة بغيري من الفنانين فإن والدي كان يصنع الآلات الموسيقية، وهو من شجعني على اقتحام طابع الحوزي في سن مبكرة، وقمت بعدها بمواصلة دراستي في جمعية مصطفى خوجة بتلمسان حيث تعلمت حينها أصول العزف على آلة الموندولين على يد الحاج بن قلفاط، وكان هدفي من وراء ذلك تطوير موهبة الغناء في طابع الأندلسي، بعدها إلتحقت بجمعية ''الموصلية'' التي يشرف عليها الأستاذ أحمد سري، وعند تأسيس جمعية ''الفخارية'' إنخرطت فيها، وهكذا تمكنت من الإطلاع على الأصول الحقيقية للفن الأندلسي في كل من مدرستي تلمسان والعاصمة· كنت بمثابة سفيرة الأغنية الأندلسية والحوزية في العديد من البلدان العربية والأوروبية، حديثنا عن صدى هذا الفن في الخارج؟ هذا صحيح، كنت سفيرة الأغنية الأندلسية والحوزية في عدة بلدان عربية وخليجية مثل سوريا حيث قمت بإحياء عدة حفلات كانت ناجحة، إلى جانب ذلك أحييت حفلات في أوروبا مثل فرنسا وسويسرا وكذا تركيا، حققت صدى رائعا لم أكن أتوقعه، وخلالها أدركت أن الفن الأصيل مصيره النجاح والتألق مهما اختلفت الثقافات واللغات وأجناس البشر· وماذا عن تجربتك الغنائية في أمريكا؟ والله هي تجربة فريدة من نوعها، كان لها صدى أكثر من رائع حيث قمت بزيارة أمريكا مرتين؛ كانت التجربة الأولى حين استضافتني جمعية جزائرية تنشط هناك، والثانية تمت بدعوة من طرف مدير المعهد الأمريكي ''لْفط''، بعدما أعجبوا بهذا الطابع؛ وعند وصولي إلى هناك تلقيت استقبالا لم يكن متوقعا، كما وجدت صوري بالحجم الكبير ملصقة في كل ضواحي نيويورك، ''والله لحمي تشوك''، وقبل أن أصعد إلى الخشبة تم إخضاعي لاختبار غنائي على يد مختصين وباحثين أمريكيين في طابع الأندلسي، ثم طلب مني التحدث عن تاريخ الفن الأندلسي، وبعدما تأكدوا من صحة معلوماتي صعدت للمسرح، وقمت بالغناء لمدة ثلاثة ساعات، بعدما كنت مبرمجة للغناء لمدة 04 دقيقة رفقة الفنانين الذين أتوا من كل أصقاع العالم لإحياء الحفل، وما زاد من افتخاري كمطربة جزائرية هو اقتراب مدير المركز مني طالبا مني مواصلة الغناء، وبعد الحفل تمت استضافتي في إحدى القنوات الأمريكية، وتحدثت على المباشر عن الطابع الأندلسي، وخلالها شعرت أنني كنت خير سفيرة للأغنية الجزائرية الأصيلة، كما تحدثت عن أدائي عدة صحف مثل ''FIGARO'' و.''NEW YORK TIMES'' ما يعرف عن زكية أنها تغني وتعزف على آلات موسيقية متعددة منها آلة الرباب، فماذا تمثلك لك هذه الآلة رغم أنها صعبة الإستخدام؟ بالفعل، أعزف على الكثير من الآلات الموسيقية، منها العود، القيتار الكويترا، الميزان، الموندول، كما أنني أعزف قليلا عاى آلتي القانون والبيانو، غير أن آلة الرباب أعتز بها كثيرا وهي ترافقني في معظم حفلاتي الغنائية سواء كانت حفلات رسمية أو أعراس، فهي ترمز عراقة وأصالة هذا الفن الراقي· بما أنك تحدثني عن الفن الراقي، يقال أن زكية قارة تركي هي مطربة الطبقة الراقية، بمعنى أنك لا تغني لعامة الجمهور من الشعب، ما تعليقك؟ هذا غير صحيح إطلاقا؛ بما أن الفنان يحمل رسالة سامية فمن واجبه إيصال ذلك إلى الناس دون تمييز، إضافة إلى ذلك فإن التراث الموسيقي الجزائري ملك للجميع، وليس من حق أي فنان منعه عن أحد؛ حقيقة الموسيقى الأندلسية لها جمهورها الخاص، لكن هذا لا يمنع أن توسيع حجم هذا الجمهور، غير أنه لا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال الإكثار من تنشيط الحفلات وفي مختلف البلديات والمراكز الثقافية، وإلى جانب ذلك، فإن هذا النوع من الغناء وبغض النظر عن جمال موسيقاه، فإنه يعمل على تهذيب وتربية النفوس وتنمية المستوى الأخلاقي، وعليه فإنني أدعو كل شخص لا يهتم بموسيقى الأندلسي أن يتقرب منها ويمنحها قليلا من وقته أوبالأحرى يمنح نفسه فرصة للإستمتاع بهذا الطابع الغنائي· بالرغم من عراقة الطابع الأندلسي إلا أنه لم يحظ بجماهيرية عالمية، على غرار بعض الأنواع الموسيقية الجزائرية الأخرى، ما سبب ذلك، في رأيك؟ هذا غير صحيح، فالأندلسي والحوزي حققا نجاحا كبيرا في دول العالم، ودليل ذلك مشاركتي في أكثر من دولة عربية وأوروبية والنجاح الذي حققته في أمريكا مؤخرا· ماذا تمثل أغنية الراي بالنسبة للفنانة زكية؟ لأغنية الراي موسيقى، وأصوات جميلة، غير أن الشيء الوحيد الذي يتلف موسيقى الراي ويخرجه عن طابعه القديم هو تلك الألفاظ والمفردات القبيحة وغير اللائقة التي أصبح يستعملها معظم الفنانين في أغانيهم· زكية خريجة المدرسة التلمسانية والعاصمية في الغناء الأندلسي غير أنك متأثرة بقدامى الفنانين، من هم؟ لكل فنان شيخه الخاص، أما زكية فمتأثرة بكل من طيطما التلمسانية والمعلمة يامنة وشيخ دالي رحمه الله، وصادق البجاوي، ومريم فكاي، ومصطفى بن قرقوة، وشيخ الحاكم، فهؤلاء أعتبرهم مدرسة والكنز الذي لا يمكن أن يفنى· وماذا عن تجربتك الغنائية مع المطرب التركي ''خليل أورلو'' التي أحييت حفلا مؤخرا بقاعة إبن زيدون؟ التجربة التركية زادت من تألقي الفني، فقد اتصل بي السيد حميد أنوغم من سفارة تركيا بالجزائر، وطلب مني أن أحيي حفلا مشتركا مع ''خليل نيسبو أرلو'' الفنان التركي العالمي؛ بعدما تأكدوا من أن صوتي يناسب أداء الأغنية التركية، وهكذا مكثت إلى جانب الأتراك مدة شهرين وتدربت على جميع الإيقاعات التركية، وبعدها قمت بإحياء حفل ثنائي أديت عشرة أغاني صوفية دينية باللغة التركية رفقة خليل، ولم أجد أي صعوبة في ذلك، بل شعرت بأنه أصبح لهذه التجربة مكانة خاصة في قلبي· قمت بإجراء ''ديو'' رفقة الفنان نصر الدين شاولي، لماذا لم تكرري تجربة الغناء الثنائي؟ طلب مني شيوخ كبار أن أكرر التجربة معهم غير أنني رفضت باستثناء ''الديو'' الذي قمت ب ه مع الفنان التركي، لأنني في حياتي اليومية أكره تكرار الأشياء، لأنها حسب رأيي تفقد قيمتها الحقيقية·