تأثرت أول أمس جدا وأنا أقرأ مقالا عن محاكمة عائلة كاملة من الوالدين والأبناء والأصهار تورطت في جريمة قتل حارس بنك التنمية المحلية وكالة (السكوار) بفأس وعلقته ثم سرقت 14 مليار سنتيم من الخزينة، الذين أقروا بجريمتهم أمام العدالة والمتهم الرئيسي دركي سابق وعون أمن ببنك التنمية المحلية، كان يتردّد على مقر الوكالة للسمر رفقة الحارس، هذا الحارس الذي تحدث بحسن نيّة عن وجود أموال طائلة بالبنك، وهو الأمر الذي استغله الجاني وبناته الثلاث وزوجته، وأصهاره للسطو على البنك· وساعة الوقائع التي توافقت مع نهاية الأسبوع، جاء المتهمون الأربعة إلى الوكالة ومعهم حقائب فارغة· وحسب التحقيقات، فقد استل أحدهم فأسا وهوى بها على رأس الحارس، فأرداه قتيلا، ثم لفوا حبلا حول رقبته وعلقوه على الحائط للإيهام بأنه انتحر· وبعدها، حفروا الجدار المحاذي لخزينة الأموال، واستولوا على قرابة 14 مليار سنتيم، وعند مغادرتهم وضعوا مبلغ 3 ملايين سنتيم في جيب القتيل كي يورّطوه في جريمة السرقة ثم الانتحار·· بعدها، خبأوا الأموال في براميل كبيرة عند إحدى البنات بمنزلها، وبعد فترة بدأت تظهر علامات الثراء الفاحش على العائلة فاشتروا فيلا بالشرافة، وسيارات فاخرة ومجوهرات ثمينة··· إلخ، ما أثار شكوك المحققين الذين استجوبوهم، واستطاعوا انتزاع اعترافات منهم. لم يخطر ببالي، أن توجد في الجزائر أسرا كاملة بهذا الجرم، كنا دائما نقول إن الأسرة تختلف فيها السمات والتصرفات، فالبطن -حسب المثل الشعبي- (قد تلد الصالح والطالح)، أما أن تكون كل الأسرة بما فيها الأصهار طالحة فهذا هو العجب بذاته·· والأعجب أن تكون أسرة دركي، خدم لسنين طويلة لمتابعة المجرمين والحفاظ على الأمن الاجتماعي·· لا أصدق ما يحدث في هذا البلد، هل هم بالفعل جزائريون مسلمون وهل هم بشر··؟ أبدا لا أعتقد، إن أناسا بهذا الحقد وهذا الجرم لن تكون إلا عارية منصفة البشر ومن إنسانية الإنسان·· لم يكن يخطر ببالي ذات يوم أن يوجد على الأرض أناسا يستطيعون التمتع بفيلا وبذهب وقد حرموا إنسانا من الحياة·· كيف يحلوا لهم ذلك·· وكيف يستطيعون؟ واحتار دليلي أكثر، وأنا أتصفح الأحداث، من كيفية حفاظ البنك على أموال الناس، هل يمكن لبنك أن يترك أموالا طائلة هكذا بحراسة شخص واحد، ثم لماذا لا تنقل الأموال إلى بنك مركزي وهو يعرف أنه على أبواب عطلة الأسبوع أي عطلة لمدة 48 ساعة·· وهل يمكن أن يحصل مثل هذا الأمر في بلد غير الجزائر·· أنا لا أفهم سياسة البنوك الجزائرية·· ألا يكفي بنوكنا سرقات المسؤولين عليها··؟ أمر آخر أزّمني، هو المحيط الصامت·· ذلك المحيط الذي لا تخفى عليه خافية، خاصة في شارع كشارع علي بومنجل·· كل يعرف أن الجيرة في بلادنا تعرف ما يطبخ في بيت الجار، بل أكثر من ذلك يعرفون ما يقع ما بين الزوج وزوجته مهما حاولا التخفي والتستر، ولا يستطيعون أن يعرفوا ما يحصل في الشارع·· أمر محير بالفعل، ألهذا الحد يتواطأ الناس مع الإجرام؟ الغريب في حال الجزائر أن الإجرام أصبح له قانون يحكمه، ومحيط يحميه·· الكل ينتظر الدولة وعندما تعجز الدولة نثور ونحتج·· لكننا كمجتمع ونحن جزءا من هذه الدولة لا نحرك ساكنا حتى الهاتف الذي بين أيدينا لا نستعمله حتى ''تجي الضربة في الفاس في الراس'' عندها نشتكي ونقول لو كنا نعرف·· لو كنا نعرف فلسفة جلبت علينا عشرية حمراء مات فيها الآلاف ونهب فيها الآلاف لسبب واحد وهو ''تخطي راسي'' حتى وصلت للجميع·· أمة كهذه شريكة في السوء بصمتها وتخاذلها وركونها يصدق عليها قوله تعالى: ''لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم··''