عائلة أبو سيدو، عائلة فلسطينية متدينة من قطاع غزة، عمل بعضها في تجارة اللحوم وبعضها في التعليم، كان بعض رحالها من أوائل الفلسطينيين الذين أسهموا في حركة التعليم بالكويت التي وصلوها قبل ضياع فلسطين عام .1948 ومع الزمن صارت لهم مكانة في المجتمع الكويتي، فقد تتلمذ على أيديهم الكثير من الطلبة الكويتيين الذين صاروا تجاراً وساسة ومثقفين· وكان من هؤلاء عثمان أبو سيد الذي يعتبر الآن أقدم معلم في الكويت· كما تعرّفت إلى أحمد عثمان أبو سيدو في سبعينيات القرن الماضي، حين عملت كمدير لتحرير الملحق الأسبوعي الرأي العام، وهو أول ملحق منتظم لجريدة الكويت· وعمل الزميل أحمد مساعداً لي، ولأنه أقدم مني في الجريدة وأعرف بالمجتمع الكويتي·· كانت فائدته لي كبيرة· وضعت خطة تهدف إلى زيادة التوزيع عبر تنويع القراء، فقمت بتصميم استمارة للتعرف على خريطة القراء من حيث أعمارهم ومهنهم واهتماماتهم· فكان أن أعدت التبويب بما ينسجم مع هذه الخريطة ونظمنا لكل باب مسابقة، فشعر الملحق مسابقة للقصة القصيرة، لأن من بين الفائزين فيها شاب كويتي صار من القصاصين الكويتيين المعروفين، وآخر سوري هو الآن في أمريكا وله موقع أدبي إلكتروني، وفازت في مسابقة الجمال فتاة مصرية تدرس المسرح هي الآن ممثلة تلفزيونية مرموقة جداً، عدا عن مسابقات خاصة بالأطفال· وكان أحمد أبو سيدو دينامو هذا التحوّل الناجح، فقد ارتفع توزيع الجريدة يوم صدور الملحق إلى أربعة أضعاف، مما جعل صاحب الجريدة عميد الصحافة الكويتية عبد العزيز المساعيد، يقيم لنا حفلاً صغيراً بهذه المناسبة، وقد جرت علينا هذه اللفتة حسد الحاسدين من الزملاء، وبدأت الدسائس التي وصلت ذروتها حين فجرت مطابع الجريدة في الثمانينيات وأسهمتا في إنقاذ الجرحى وصدور الجريدة في اليوم التالي، وهي حادثة خطرة سأرويها في موقع آخر· كان أحمد أبو سيدو صاحب موهبة خاصة في صحافة المنوعات، ولا أعتقد أنه في الصحافة العربية مشرقاً ومغرباً من يجاريه فيها·· هذه الموهبة جعلته يصدر ويشرف في وقت لاحق على عدد من المجلات الكويتية المنوعة اليوم· وقد تعلمت من موهبته الكثير وحين عدت إلى الكويت لفترة قصيرة في تسعينيات القرن الماضي كان أبو عثمان يزورني في منزلي بمنطقة حولي، وكانت والدتي تسعد به كما كانت تسعد بمعرفة والدته وزوجته وأولاده، وأصدر أبو سيدو العديد من الكتب منها كتاب يرو به على كتاب ''البخلاء'' لأبي عثمان الجاحظ، ففي المكتبة العربية الآن كتاب بعنوان ''الكرماء'' لأبي عثمان أبو سيدو!! حصل الزميل أحمد على شهادة الدكتوراه في الإعلام، وهو الآن مستشار إعلامي مرموق لعدة مؤسسات إعلامية ذات طابع دولي، وقد أصبح جزءاً من الذاكرة الوطنية الكويتية مجتمعاً وصحافة خاصة بعد كتابه المرموق عن الصحافة الكويتية· فتشت في ذاكرتي وأنا أكتب هذا النص عن حادثة يكون فيها زميلنا أحمد قد تخلى عن ابتسامته، أو فقد أعصابه، فوجدتها حالات نادرة بل إني حين أطالع صورة في بعض الصحف الكويتية أجد وجهه البشوش يملأ الصورة·· وفقك الله يا أبا عثمان وأبقاك ذخراً لمحبيك·