وها هي اشتعلت حروب العملات، قبل انقضاء العقد الأول من هذا القرن، في عملية تأزم اقتصادي وتنافس دولي، تذكر بالذي كان في العقد الأول من القرن العشرين الماضي وتجدد في القرن الثالث منه وتسبب في حربين عالميتين· يذكر قرائي أنني توقعت في تسعينيات القرن الماضي، وعلى متن يومية جزائرية توقفت، مكان اسمها العالم السياسي، توقعت هذه الحرب في زاوية كنت أكتبها في الأدب الاقتصادي الساخر عنوانها ''سيدي دوروب· وها هو الفيلد مارشال ''دولار'' ينذر زعيم الميليشيا الاقتصادي الجنرال ''يي ون'' بأن لا يرفع رأسه من خندقه الآسيوي· ويطل هناك في بلاد التنين· لكن يبدو أنها تدور· فقد بنت دول الغرب بما فيها أمريكا، اقتصادها القائم على الصناعة، على تجارة دولية تركز على جودة في السلعة وسعر مرتفع، موجهة لاستهلاك الطبقات القادرة على الدفع· وانتشرت هذه التجارة إلى ستينيات القرن الماضي حين دخلت اليابان بسلعة أقل جودة ولكنها أرخص ثمناً واعتمدت نظام التقسيط لطبقات استهلاكية أوسع، فاكتسحت الأسواق بما فيها السوق الأمريكية نفسها· وها هي الصين تغزو الميدان، ضاربة عرض الحائط بكل المفاهيم الاقتصادية التجارية التي سبقت، فهي ألغت نظام الصيانة·· لم يعد المستهلك بحاجة لأن يفكر بصيانة السلعة التي يقتنيها·· لأن صيانتها تكلف أكثر من استبدالها، فما عليه إلا أن يلقيها في سلة المهملات·· حيث سيجري إعادة تصنيعها، وما برع الصينيون في ذلك براعة متميزة - فسعرها الزهيد يوفر عليه الوقت ويناسب وضع جيبه في لحظة الشراء، فالناس كل الناس يعيشون من رواتب شهرية، في حياة اقتصادية شعارها ''الأول بالأول''، ليس لديهم مدخرات طويلة الأمد، وليس لديهم القوت للبحث عن السلع الأجود التي باتت منالاً· وهكذا غزت البضائع الصينية العالم الشعبي في القارات الخمس متخذة اسم تايوان في البداية·· ثم بعد أن اعتاد عليها الناس ورأوها لا تكلف مالاً ولا تضيع وقتاً·· أسفرت عن وجهها الصيني· فلا يوجد الآن مدينة في العالم لا تكتظ بالمنتجات الصينية الرخيصة جداً· وبالتالي ليس هناك بيت في العالم ليس فيه بضاعة صينية ولو ولاعة سجاير· وهكذا امتلأت خزائن الصين بالدولار، فالفيلد مارشال دولار، لم يستفق إلا وهو سجين في خزائن بكين·· وهذه الخزائن تملك أكثر كمية من الدولارات في العالم بعد واشنطن نفسها·