بعد ثلاثة عشر عاما من التخفي والتنكر تم اخيرا إلقاء القبض على مجرم الحرب الصربي رادوفان كرازيدتش الذي ادرج اسمه على قائمة مجرمي الحرب في البوسنة سنوات حرب البلقان الثانية منتصف تسعينيات القرن الماضي.واعتقل المسؤول الصربي السابق في البوسنة مساء اول امس بالعاصمة بلغراد على متن حافلة للنقل العمومي وقد تخفى بلحية كثة وشعر طويل ومعه حقيبة سفر توحي للناظر إليه انه كان على وشك السفر. ولم يبد مجرم الحرب السابق اية مقاومة لعناصر الشرطة الذين ضبطوه واستسلم لهم دون اية مقاومة حيث قاموا باقتياده الى وجهة مجهولة تحضيرا لتحويله امام محكمة الجزاء الدولية حول جرائم الحرب في البوسنة بمدينة لاهاي الهولندية. وكانت عدة مصادر دبلوماسية واعلامية في العاصمة الصربية، أكدت ان كرازيدتش تم تحديد مكان تواجده بالعاصمة بلغراد قبل ايام حيث كان يشتغل كطبيب بأحد المستشفيات بهوية مزورة باسم دراغان دابيتش التي عاش بها دون ان يلقى أي مضايقات او يتفطن اليه أي احد. واقترن اسم كرازيدتش بجرائم الحرب في جمهورية البوسنة ولكن اسمه ترسخ اكثر في مخيلة كل مسلم بوسني بعد ان اشرف شخصيا على ابادة ثمانية الاف مسلم في مدينة سربيرنيتشا البوسنية رفقة الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوزوفيتش وزعيم الحرب الصربي في البوسنة راتكو مالديتش الذي مازال حرا طليقا رغم الأمر الدولي باعتقاله ومحاكمته على جرائمه المرعبة المقترفة ضد مسلمي البوسنة. وقاد الثلاثة حرب ابادة وتطهير عرقي غير مسبوقة ضد المسلمين اعادت الى الاذهان بشاعة التصرفات النازية والفاشية بل ان جرائمهم كانت ابشع من ذلك بكثير. ولكن السؤال الذي طرحه الكثير من المتتبعين دار حول سر بقاء مجرمين معروفين من وزن كرازيدتش ومالديتش احرارا طيلة هذه المدة. وكيف لمجرمين معروفين ان يتنكروا في قلب عاصمة عالمية بهوية مزيفة كل هذه السنوات لولا وجود تواطئ ما من جهة ما لحمايتهم والتستر عليهم لمنع الاقتصاص منهم على بشاعة جرائمهم التي اقترفوها في حق سكان ذنبهم انهم يدينون بالاسلام. ويعد كرازيدتش ثاني اكبر مسؤول صربي يتم اعتقاله واحالته على محكمة الجنايات الدولية بعد الرئيس سلوبودان ميلوزفيتش الذي تمت محاكمته طيلة اربع سنوات ولكنه لفظ انفاسه في زنزانته في الثاني عشر من شهر فيفري سنة 2006 قيل حينها انه توفي اثر سكتة قلبية. ورحل المجرم الصربي دون الاقتصاص منه وقبل ان يكشف عن كل الجرائم التي اقترفها رفقة اقرب مساعديه. وسيكون يوم 21 جويلية يوما تاريخيا بالنسبة لمسلمي البوسنة وهم يرون اكبر مجرم ممن مارسوا ضدهم ابشع صور القتل والتعذيب والتهجير والتطهير العرقي يعتقل للاقتصاص منه. وسيعيش سكان سيربرنيتشا اسعد ايامهم لما يرونه ماثلا امام قضاة المحكمة الدولية ليس بمظهر المتعجرف المنفذ لمنطق التطهير العرقي ولكن بوجه المجرم الذليل الذي لن يجد اية قرينة للدفاع عن نفسه. ولكن من يصدق أقواله وهو الذي اتبع استراتيجية للتصفية يستحق عليها الاعدام. والمؤكد ان مسلمي البوسنة لن يهدأ لهم بال الا اذا تمكنت المحكمة الدولية من القاء القبض على المجرم الصربي الآخر الجنرال راتكو مالديتش الذي اقترن اسمه بابشع عمليات القتل خارج الاطر القانونية والذي اعطى اوامره للميليشيات الصربية العنصرية لتصفية كل مسلم وتهجيرهم جميعا ضمن اكبر عملية تصفية عرقية يعرفها العالم خلال القرن الماضي.