منذ أيام عاد رشيد علي يحيى من منفاه الذي دام حوالي 36 سنة، ولمن لا يعرفه، فهو من قدامى المناضلين الوطنيين والبربريين، كان عمره 16 سنة عندما انخرط في حركة أصدقاء البيان التي كان يقودها فرحات عباس، لينضم بعد ذلك في حزب الشعب الجزائري الذي أسسه وقاده زعيم الوطنية الجزائرية مصالي الحاج، تحصل على شهادة البكالوريا عام 1948، وكان من بين ممثلي النواة البربرية في الحركة الوطنية إلى جانب الصادق هجرس وبناي أوعلي ولعيمش، انتقل إلى النشاط السري قبل أن يمثل حزب الشعب في فرنسا·· في عام 1950 ألقي عليه القبض من طرف السلطات الفرنسية وقضى سنة بكاملها في السجن·· واصل دراسته بعد خروجه من السجن في مجال الحقوق، وبعد الإستقلال انضم إلى سلك القضاء، وما بين عامي 1974 و1976 قام بتأسيس الجبهة الموحدة للجزائر الجزائرية، كان في انتظاره بمطار هواري بومدين الدولي عدد كبير من قدامى نشطاء الحركة الثقافية البربرية، من سعيد خليل وعبد الحفيظ ياحا من الأفافاس إلى عبد النور عبد السلام وبلعيد أبريكا أحد الوجوه البارزة للربيع الأسود عام ,.2001 وفي حوار وجيز صرح رشيد علي يحيا لأحد زملائنا في لاديباش دو كابيلي أنه لم يعد من منفاه ليبقى مكتوف الأيدي، وأنه سيواصل نضاله من أجل ترسيم اللغتين الأمازيغية والعربية الشعبية، حتى وإن كان يعترف بأنه بحاجة إلى الإصغاء والتشاور حتى يتعرف عن كثب عن الوضع السياسي والإجتماعي ومستجداته، فإنه كشف أنه جاء ليلعب دورا مهما على الصعيد السياسي وانطلاقا من منطقة القبائل، ما القراءة التي يمكن القيام بها كدلالة على هذه العودة؟! 1 على صعيد الرمزية، استنفذت منطقة القبائل كل رموزها التي كانت تمتلك في السابق صدقية كبيرة، فالأفافاس الذي ظل لوقت طويل مرجع النضالات السياسية والثقافية في منطقة القبائل عجز أن يتحول إلى قوة تعبير حقيقية وذلك منذ مغادرة آيت الجزائر بعد إيقاف المسار الإنتخابي بحيث فقد القدرة على التأثير في الأحداث طيلة التسعينيات وبعدها·· ولم يتمكن ممن أوكلهم آيت بعض التفويض في قيادة الحزب على مستوى الداخل من فرض شخصيتهم وأسلوبهم بل بقوا مجرد ناطقين باسم الزعيم الذي بدأت صورته تتآكل بفعل الغياب الطويل شيئا فشيئا، وهذا مما أدخل حزب الزعيم طريقا مسدودا، ولم تفده راديكاليته تجاه النظام من أن يتحول إلى قوة محركة للمعارضة، ثم أن دخوله في صراع مع الأرسيدي لم يعمل إلا على استنزاف طاقته، وأصبح ما يسمى بحرب الإخوة الأعداء على أكثر من صعيد علامة على الإضمحلال والأفول·· 2 أيضا قادت الحسابات السيئة التي تبناها حزب سعيد سعدي خاصة بعد تحالفه وطلاقه غير المناسبين مع بوتفليقة إلى تجريد الأرسيدي من صدقيته وقوته الرمزية، وبالتالي كف أن يكون بديلا في منطقة القبائل للأفافاس، ولا بديلا ديموقراطيا· 3 قاد اليأس الخصومة العقيمة بين الأرسيدي والأفافاس إلى بروز حركة المواطنة (العروش)، لكن سرعان ما سقطت هذه الحركة في شعبوية قاتلة أدت بها إلى سيناريو أشبه بسيناريو الشعبوية الإسلامية التي قضت على الفيس عندما دخل العصيان المدني، وكان المتآمر على حركة المواطنة والأحزاب السياسية أساسا الأفافاس والأرسيدي وأحزاب مقربة من الحكم··· 4 وأمام حالة الإنسداد انقلبت القبائل من حالة الحلم السويسري إلى كابوس اللاأمن والذي عبرت عنه على الأرض مجموعات السلفية المقاتلة التي استعارت ثوب القاعدة المتحالفة مع مجموعات ''قطاع الطرق'' وبرز إلى السطح التيار المطالب بالإستقلال الذاتي لمنطقة القبائل ممثلا في حزب الماك·· وأمام هذا الإنهيار، هل ممكن أن يتحول رشيد علي يحيى إلى رمز جديد كبديل عن الرموز الآفلة في منطقة القبائل؟!