تشهد، ولاية الشلف، منذ ما يقارب الخمس سنوات، ظاهرة جمع النفايات الحديدية التي عرفت نشاطا واسعا خلال السنة المنصرمة، نظرا للعائدات التي يدرها تصدير تلك الخردوات، وهي ظاهرة ملفتة للانتباه بما انجر عنها تفشي لسرقة الأسلاك الهاتفية والكوابل الكهربائية وأنابيب شبكات الماء والغاز الطبيعي·ولم تتوقف هذه الظاهرة عند هذا الحد، بل توسعت وأصبح منحناها في ارتفاع مستمر بين أطفال المدارس، خصوصا في فصل الصيف، وعرفت بروز عصابات مختصة إمتد نشاطها إلى خارج التراب الوطني، عصابات لا يهمها سوى جمع المال، خاصة وأن هذه الظاهرة تزامنت مع انفتاح الجزائر على السوق العالمية، فتميزت بشبه عشوائية في جمعها ونقلها وتخزينها·كما سجل، خلال عملية تصدير النفايات، جملة من النقائص ولتجاوزات الخطيرة في حق البيئة والاقتصاد المحلي، وعمليات نهب مست جميع بلديات الولاية كالبلوعات وشبابيك تزيين الحدائق والقضبان الفاصلة بين الطرق والأرصفة، وتلك المحيطة بالأشجار المغروسة حديثا، فتجد البلديات نفسها مضطرة لتعويض هذه الخسائر من ميزانياتها الضعيفة، رغم ما تعود به هذه التجارة من أرباح على ميناء تنس وتخفف من العجز الذي كان يهددها بالإفلاس الذي وصل إلى حد عجزه عن دفع مرتبات عماله لعدة أشهر خلال السنوات الماضية·أضحت ولاية الشلف قبلة للمقطورات المعبأة بالخردوات الحديدية والقادمة من مختلف ولايات الوطن، حيث أنعشت نشاطه واحتلت صدارة المنتوجات التي يصدرها، وقد بلغت ذروتها السنة الماضية بما يربو عن نصف مليون طن، أي بما يعادل 200 شاحنة يوميا، وهو رقم قياسي·وحسب مديرية البيئة، فإن عملية جمع الحديد المستعمل تدخل ضمن النشاطات المنصفة وتخضع لترخيص ولائي، لكن تخرين تلك النفايات ما يزال على حساب الأراضي الفلاحية ويتم بالقرب من المجمعات السكانية، علما أن بعض أنواع النفايات المعدنية تحتوى مركباتها على مواد مضرة وسامة، ومعظم ممارسي هذا النشاط يعمدون إلى كراء قطع أراضية بالبلديات المجاورة للميناء، لتسهيل عملية جمع ونقل هذه المواد·وفي هذا السياق، أحصت مديرية البيئة، كمًا هائلا من المخلفات، تم على إثرها حجز شاحنات معبأة بالخردوات على مستوى بعض المستثمرات الفلاحية، بالإضافة إلى رفع دعاوى قضائية وإيداع محاضر مخالفة ضد مجموعة من الأشخاص كانوا يخزنون النفايات ببلدية الشلف وضواحيها بحجة أنهم لا يملكون تراخيص تسمح لهم بجمع وتخزين هذه المادة، كما حجزت بلدية الشلف ما لا يقل عن 1500 طن من النفايات· وقد شددت مصالح النظافة العقوبة على المواطنين الذين يزاولون هذا النشاط و يتركون النفايات في شكل أكوام أمام منازلهم بأكثر من50 ألف دينار جزائري، بالإضافة إلى إحالتهم على العدالة، خاصة وأن بلدية الشلف عرفت انتشار سرقة البالوعات التي يفوق ثمن الواحدة منها خمسة آلاف دينار جزائري ، لذلك تجد البلدية نفسها مضطرة لشرائها من جديد، كما تعرضت إحدى العجلات الحديدية الأثرية الضخمة إلى النهب من قبل محترفي هذه المهنة، لكن ولحسن الحظ أعيدت مجددا إلى مكانها من ميناء تنس· وفي غياب معالم واضحة لهذا السوق، برز أباطرة وعناصر شبكات غرروا بالشباب والأطفال للقيام بجمع كل ما تطاله أيدهم مقابل مبالغ مالية بخسة، وقد أكد لنا هؤلاء الشباب على دور هذه العملية في تنظيف المحيط الحضري والريفي، وخاصة الغابات والأودية من هذه النفايات التي كثيرا ما تحولت إلى حواجز تعرقل مجرى مياه الأمطار، وفي نفس الوقت يبدون استياءهم من هذا النشاط الذي دفعتهم إليه الحاجة والبطالة، مفضلين ذلك على السرقة·